وقال المصدر الذي يعمل دبلوماسياً في السفارة الليبية بروما لـ"العربي الجديد" إن بحث مسألة زيارة حفتر إلى طرابلس يجرى منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، فيما لم يحدد موعدها حتى الآن، رغم موافقةٍ مبدئية من اللواء المتقاعد.
ولا يعرف إذا ما كانت الزيارة المرتقبة لها علاقة بتصريح رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، أمس الإثنين، أنه سيلتقي فايز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، وحفتر، مشيراً إلى إمكانية لقائه بهما خلال الأسبوع المقبل، من دون أن يحدد مكان اللقاء.
وكان موقع "استراتيجي بيج" الأميركي قد نقل عن مصادره، أول من أمس الأحد، أن السراج دعا حفتر خلال لقائه به في باليرمو في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إلى زيارة مقرّ الحكومة في طرابلس ومناقشة قضايا الوحدة الوطنية.
وأوضح المصدر أن السراج ربما يجري استقبالاً لحفتر في طرابلس، في إطار التقارب الحثيث بين الرجلين، لافتاً إلى أن روما هي الجهة التي تقود هذا التقارب، بعدما مهدت له بتحسين علاقتها بحفتر، الذي زارها مرتين خلال العام الحالي، وخلال وقت قصير، الأولى خلال مؤتمر باليرمو، والثانية يوم الأربعاء الماضي.
ورجّح المصدر أن تكون الزيارة عادية وسريعة، ولن تتخللها أي لقاءات بشخصيات سياسية أخرى أو زعمات مجموعات مسلحة، لكنها "ستمثل مكسباً سياسياً كبيراً لإيطاليا، التي ستتمكن للمرة الأولى من إحداث خرق في جدار الأزمة المستعصية". وأكّد المصدر أن روما لم تتوقف عن محاولة إنجاح نتائج مؤتمرها السابق في باليرمو، بدعم وحث من قبل واشنطن في مسارها الحالي، مبيناً من جهة آخر أن الزيارة ستحقّق مكسباً محلياً كبيراً لحفتر أيضاً، خصوصاً بين قواته، إذ إنه سيظهر بالعاصمة طرابلس للمرة الأولى بعد طرده منها إثر فشل انقلابه العسكري على السلطة فيها في فبراير/ شباط 2014، وبعد عشرات التهديدات السابقة التي أطلقها بسيطرته عليها.
وشهدت العلاقة بين حفتر والسراج فتوراً عقب جهود إماراتية وفرنسية نحجت في عقد لقاء بينهما سابقاً، إلا أن الخلافات عادت بشكل متواتر عبر تصريحات الطرفين، إلى أن تمكنت روما من إقناع حفتر بالمشاركة في مؤتمر باليرمو، وتليين مواقفه المتصلبة، لتبرز صورة لكونتي متوسطاً الرجلين على هامش لقاء باليرمو نجاحاً في كسر حدة الخلاف بينهما. ورغم غموض محاور اللقاء، إلا أن وسائل إعلام إيطالية سرّبت عبر مصادرها قبول حفتر ببقاء السراج في منصبه مقابل عقد انتخابات بقانون مؤقت، وإرجاء النظر في مسودة الدستور التي تتضمّن مواد تحدّ من طموح حفتر في تولي مناصب بارزة.
ويعتبر الدبلوماسي الليبي أن لقاء حفتر والسراج في باليرمو يختلف عن اللقاءات السابقة، كما أنه أعقبتها ملامح تفاهمات، ما يشير إلى تحول في مسار حلول الأزمة. وتستعد أطراف دولية من خلال هذا التحول لصناعة المشهد الجديد في البلاد، المترتب على مضي الأمم المتحدة لتنفيذ ما تبقى من خطتها، وتحديداً ضمّ أطراف ليبية جديدة، الشهر المقبل، يمكن أن تحلّ محل الحالية، لا سيما الأطراف الأساسية منها، والتي ستفرزها الانتخابات المقبلة.
وأخيراً، استبعد المصدر "أن يقبل رجلٌ متعنت كحفتر، بما يشبه التنازل، من دون أن تكون هناك ضغوط كبيرة عليه، أو أنه تلقى وعوداً مؤكدة من أطراف دولية قوية تقف وراء المبادرة الإيطالية لم تعد راغبة في استمرار تمرده".