كشف مصدر مقرب من وزارة خارجية حكومة الوفاق الليبية، قيام رئيس الأركان المكلف من حكومة الوفاق عبد الرحمن الطويل، اليوم السبت، بزيارة للعاصمة الإيطالية روما، والتي دعت بدورها، أمس الجمعة، اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر إلى زيارتها.
وقال المصدر عينه، لـ"العربي الجديد"، إن "الطويل تلقى دعوة رسمية من روما لزيارتها ولقاء مسؤولين وقادة بالجيش الإيطالي"، مشيراً إلى أن الدعوة تأتي في إطار إعلان إيطاليا وقوفها في منتصف المسافة بين طرفي النزاع في البلاد.
وكانت الحكومة الإيطالية، قد وجهت، أمس الجمعة، دعوة رسمية للواء المتقاعد خليفة حفتر لزيارتها الثلاثاء المقبل.
وبحسب الإعلان الإيطالي، فإن حفتر سيلتقي خلال زيارته لروما وزيرة الدفاع روبرتا بينوتي، ووزير الداخلية ماركو بينيتي، ورئيس جهاز المخابرات الإيطالية، ألبرتو مانينتي، وقادة الجيش.
وأوضح مصدر قرب من حفتر، لـ"العربي الجديد"، أن روما طلبت منه تخفيض عدد الوفد المرافق له، وأن يأخذ طابعاً مدنياً.
وأشار المصدر نفسه إلى أنه "بحسب المعلومات الأولية، فإن روما ستتباحث بشكل أساسي مسألة اقتراب قواته (حفتر) من مجمع مليتا للغاز بغرب البلاد المتاخم لصبراتة".
وأعلنت قيادة قوات حفتر في المنطقة الغربية، الثلاثاء الماضي، عن انتماء "غرفة محاربة داعش" بصبراتة لها، والتي تشارك في قتال عنيف تشهده صبراتة منذ ستة أيام بالمدينة ضد قوات موالية لحكومة الوفاق.
وكشف المصدر أن حفتر أراد من وراء هجوم قواته على الجانب الغربي من المدينة والسيطرة عليه، قطع الطريق بين مسلحي مدينة صبراتة التابعين لحكومة الوفاق ومجمع مليتا، والذي يعتبر من أكبر مصالح إيطاليا في ليبيا، والواقع غرب المدينة.
وتابع أن "حفتر أراد أن يعطي لزيارته الحالية لروما ثقلاً وبعداً آخرين، لتغيير الموقف الإيطالي في ليبيا، كما يريد توجيه رسالة ضمنية لروما بالقول إنه يمكن أن يصلح لمصالحها في البلاد وعليها أن تتحالف معه".
في السياق ذاته، اعتبر المحلل السياسي الليبي، جمعة الحداد، أن دخول قوات حفتر في قتال بالقرب من مليتا لا يعدو كونه مناورة للي الذراع الإيطالية"، مؤكداً أن سيطرته على المنطقة شبه مستحيلة بسبب كثافة قوات حكومة الوفاق في المنطقة.
وقال: "حفتر لا يمكن أن يدخل في حرب أخرى طويلة المدى، وبينه وبين ساحة الحرب الجديدة آلاف الكيلومترات"، مشيراً إلى أن إيطاليا ألقت بكل ثقلها إلى جانب حكومة الوفاق ومن المستحيل أن يتغير موقفها لمجرد اشتباكات بين مفارز صغيرة.
وأضاف "دعوة روما لحفتر تناقلتها أوساط منذ أكثر من أسبوع، لكن اللافت هو الإعلان الجديد عن دعوة عبد الرحمن الطويل، كأبرز شخصية عسكرية بحكومة الوفاق، قبل وصول حفتر لروما، وهي رسالة لا تخفى مضامينها على حفتر، إذ إنها تؤكد موقف إيطاليا الثابت من حكومة الوفاق".
في المقابل، اعتبر رئيس جمعية ليبيا الدستورية للدراسات المستقبلية، عبد العاطي الهواري، أن "التغيرات الدولية التي حصلت، أخيراً، ونجاح الأمم المتحدة في نشر خارطة طريق جديدة استوعبت مصالح كل الدول الفاعلة والمؤثرة في ليبيا، هي من دفع إيطاليا إلى تغيير موقفها جزئياً من حفتر"، مشيراً إلى زيارة وزير داخلية إيطاليا ماركو بنيتي، لحفتر في بنغازي قبل دخول قواته في قتال بصبراتة بالقرب من مليتا.
ورجّح الهواري أن تضع إيطاليا طرفي الصراع في واقع مصالحها، قائلاً "علينا أن نفهم أن إيطاليا يهمها استقرار البلاد لحفظ مصالحها، وبالتالي من يستطيع من طرفي النزاع تأمين منشأتها في مليتا سوف تتعامل معه بكل تأكيد، وهذا ما يفهمه حفتر على ما يبدو من خلال رسالته العسكرية الأخيرة في صبراتة وبالقرب من مليتا".
ويعتبر مجمع مليتا للغاز (20 كيلومتراً غرب صبراتة)، والذي تديره شركة "إيني" للغاز، أكبر الشركات الإيطالية منذ عام 2008؛ أكبر منشآت الغاز في ليبيا وبلغت تكلفته خمسة مليارات دولار، يمر من مينائه خط غاز بمسافة (450 كيلومتر) ليصل إلى صقلية الإيطالية ليؤمن لإيطاليا وأوروبا ثمانية بلايين متر مكعب من الغاز سنوياً.