إيران تواجه أصعب عام اقتصادي... وتتوقع زيارة قريبة لمديري "إنستكس"

30 مايو 2019
حركة متسوّقين في أحد أسواق العاصمة طهران (فرانس برس)
+ الخط -

أعلن نائب الرئيس الإيراني، إسحاق جهانغيري، أن الظروف الاقتصادية لبلاده هذا العام "هي الأصعب" بسبب العقوبات والحظر الشامل لصادرات إيران النفطية، الذي فرضته الإدارة الأميركية اعتبارا من الثاني من الشهر الحالي.

وأضاف جهانغيري، وفقا لما أوردته وكالة "إرنا" الرسمية، أنه "قد نواجه قيودا في الموازنة والمسائل الاقتصادية خلال عام 1398 (الإيراني الذي بدأ في 21 مارس/آذار) بسبب العقوبات الأميركية وضغوطها في منع حصول إيران على عوائدها النفطية".

وأشار المسؤول الإيراني إلى أن "المجلس الأعلى الاقتصادي قرر خلال اجتماعه الأخير تخصيص مليار دولار من احتياطي البلاد من العملة الصعبة لخلق فرص عمل جديدة"، قائلا إن المرشد الإيراني علي خامنئي "وافق على استخراج هذا المبلغ من صندوق التنمية بالعملة الصعبة".

تأتي هذه التصريحات في وقت أعلن فيه مركز الإحصاء الإيراني ارتفاع نسبة التضخم في إيران خلال العام الأخير إلى 34.2%.

وتحت ضغط التوترات المتصاعدة الأخيرة بين طهران وواشنطن، تراجع "الريال الإيراني" إلى 15650 ريالا مقابل دولار واحد خلال الأسابيع الماضية، لكنه تحسن خلال الأيام الأخيرة على وقع تزايد التحركات الدبلوماسية لتخفيف حدة التوتر بين الطرفين وكذلك دعوات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإيران إلى التفاوض وقوله إنه لا يريد تغيير نظامها، ليرتفع إلى 13700 ريال خلال معاملات سوق العملات، اليوم، في طهران.

وكانت قيمة الريال حوالي 5 آلاف مقابل كل دولار أميركي، قبل أن تعلن الإدارة الأميركية انسحابها من الاتفاق النووي في 8 مايو/أيار 2018، لكنها هبطت إلى مستويات قاسية، الأمر الذي تسبب في غلاء فاحش في أسعار السلع وخاصة السلع الضرورية.

وتحاول السلطات الإيرانية الحد من تراجع قيمة الريال عبر اتخاذ سلسلة إجراءات، منها تأسيس أسواق للعملات الأجنبية، إلى جانب السوق الموازي والسوق السوداء. وفي هذا الإطار بعدما أسس البنك المركزي الإيراني سابقا سوق "نيما" الإلكترونية للعملات الصعبة، يفترض أن يؤسس بحلول العاشر من الشهر المقبل سوقا جديدا. 


ووعد البنك المركزي الإيراني، قبل عام، بتأسيس هذا السوق لتنظيم أسعار العملات، ويفترض أن تحدد تفاعلات هذا السوق الأسعار الحقيقية للعملات بناء على العرض والطلب وخاصة الدولار، إذ تأمل السلطات الإيرانية أن يقترب سعر صرف الدولار الأميركي من قيمته الحقيقية في هذا السوق. 

وبحسب إعلان البنك المركزي الإيراني لا يعتزم هذا السوق تحديد الأسعار وإنما تنظيمها نتيجة المعاملات بين المضاربين الحقيقيين بالعملات مثل البنوك ومحلات الصرافة لتظهر خلالها تلك الأسعار بشكل طبيعي.

كما أعلن عبد الناصر همتي، محافظ البنك المركزي الإيراني، قبل يومين، أن السوق الجديد سيكون بجانب المنظومة الإلكترونية المعروفة باسم "نيما" التي تُطرح عبرها العملة الصعبة المتأتية من عوائد التصدير، نافيا صحة التقارير التي تتحدث عن إلغاء منظومة "نيما" بعد تدشين السوق الجديدة، لافتا إلى أنه تم الإيعاز للمصدرين بعرض 50% إلى 60% من العملات الأجنبية عبر هذه المنظومة.

وقال همتي إنه تم تأسيس شركة معنية وانتخاب مدير تنفيذي لها وبدأت عملها تجريبياً، حيث سيتم تدشينها رسمياً في مرحلة لاحقة.


زيارة مديري "إنستكس"

وعلى صعيد متصل، أشار المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، إلى زيارة قريبة لبعض مدراء قناة "إنستكس" المالية الأوروبية إلى إيران، وهي قناة أسستها الترويكا الأوروبية خلال يناير/كانون الثاني الماضي لتسهيل التجارة معها.


وحول ما إذا كانت أوروبا قد فعلت شيئا في سبيل تلبية المطالب الإيرانية في المجالين النفطي والمصرفي بعد تقليص بلاده تعهداتها النووية، قال إن "الأوروبيين كانت لهم ردود فعل إيجابية وأخرى غير قابلة للقبول" بها، مؤكدا أنه "إذا حصل تطور خلال مهلة الستين يوما، سنواصل مفاوضاتنا مع شركاء الاتفاق النووي، لكن إن لم يحصل ذلك فسننتقل إلى تنفيذ المرحلة الثانية من تقليص التعهدات".

وكان المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني قد منح مهلة ستين يوما في الثامن من أيار/ مايو الحالي للشركاء الخمسة المتبقيين في الاتفاق النووي (بريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا) قبل أن تنتقل إلى المرحلة الثانية من تقليص تعهداتها النووية، التي تشمل رفع تخصيب اليورانيوم وتفعيل مفاعل أراك.

والمرحلة الأولى التي بدأت الأسبوع الماضي، شملت رفع القيود على إنتاج اليورانيوم منخفض التخصيب والمياه الثقيلة، إذ أعلنت طهران، الإثنين الماضي، أنها بدأت بزيادة إنتاجها من اليورانيوم المخصب أربعة أضعاف، من دون رفع نسبة التخصيب أكثر من 3.67%، وهي النسبة التي حددها الاتفاق النووي المبرم مع المجموعة السداسية الدولية عام 2015.

ولفت إلى دعوة روسيا لعقد اجتماع للجنة المشتركة للاتفاق النووي، قائلا "ينبغي أن ينعقد هذا الاجتماع خلال مهلة ستين يوما"، وأضاف أن زيارة نائب وزير الخارجية الروسي سرغي ريابكوف إلى طهران خلال الفترة المقبلة تأتي في سياق الجهود الروسية لعقد هذا الاجتماع.

وأعلن رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني أن الأوروبيين "لم يقدموا على أيّ خطوة بعد مرور 10 أيام على مهلة الشهرين"، التي منحتها السلطات الإيرانية لهم لتنفيذ ما تعتبره تعهدات أوروبية منصوص عليها في الاتفاق.

وأضاف أن "أوروبا طيلة عام بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي لم تفعل شيئا في ما يخص القضايا المالية في إطار الاتفاق، ومهلة الشهرين تعتبر فرصة جديدة لها"، مضيفا أن "أمام الأوروبيين 50 يوما كفرصة لتسهيل المعاملات المالية لإيران بعد عدم قيامهم بشيء خلال الأيام العشرة التي مرت على المهلة".


ومن جهته، قال النائب حاجي دليجاني إن "أوروبا حتى لم تنفذ آلية إنستكس المالية، والتي لا تجلب أساسا أي منعفة لإيران"، مؤكدا أن بلاده لم تلاحظ "أي خطوة صغيرة يقوم بها الأوروبيون، لذلك فالرهان عليهم لاتخاذ خطوة عملية خلال شهرين عبثي".

وأضاف أنه بحسب آلية "إنستكس" لدعم التجارة مع إيران والتي أسستها الترويكا الأوروبية (بريطانيا وألمانيا وفرنسا) في خلال يناير/كانون الثاني الماضي، "كان من المقرر أن تبيع إيران نفطها لأوروبا، وفي المقابل تستورد مواد غذائية وأدوية ومعدات طبية".

الهند بصدد استئناف شراء النفط من إيران

من جهة أخرى، نقل موقع "ذي برينت" The Print عن مصدرين في الحكومة الهندية، أنها بصدد الدخول في مفاوضات مع إيران لاستنئاف استيراد النفط منها ودفع عوائدها بالعملة الهندية "روبية".

وأشارت هذه المصادر إلى أن رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، الذي فاز مجددا في الانتخابات التشريعية التي أجريت قبل أيام، يبحث عن سبل للالتفاف على العقوبات الأميركية على قطاع النفط الإيراني، من خلال دفع عوائد استيراده بالعملة الهندية.


وأوضح مسؤول هندي رفض ذكر اسمه للموقع أن "المفاوضات مع إيران بدأت قبل فترة لكنها توقفت بسبب الانتخابات الهندية، واليوم استئنافها هو أولوية للحكومة الهندية".

وأكد أن البنك المركزي الهندي قد يوافق على إنشاء فرع لبنك "باسارغاد" الإيراني التابع للقطاع الخاص في نيودلهي لإيداع عوائد النفط المستورد فيه، بالعملة الهندية، ثم تقرر السلطات الإيرانية كيفية استخدام هذه الأموال.

المساهمون