انفلات الدولار في العراق مجدداً

10 يوليو 2024
دولارات في سوق الكفاح للأوراق المالية، بغداد، 27 ديسمبر 2022 (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **ارتفاع أسعار الدولار وتأثيره على الاقتصاد العراقي**: شهدت الأسواق العراقية ارتفاعاً في أسعار صرف الدولار إلى 1515 ديناراً، مما أدى إلى تراجع قيمة الدينار وتوافد المودعين لسحب أموالهم بالدولار بسبب عقوبات وزارة الخزانة الأميركية على بعض المصارف.

- **قرارات البنك المركزي العراقي وردود الفعل**: قرار البنك المركزي بمنع منح الدولار للمسافرين عبر شركات الصيرفة والمصارف، وحصره في المطار والمصارف الحكومية، أدى إلى إرباك وزيادة الطلب على الدولار في السوق الموازي، مما أثار احتجاجات وإضرابات.

- **استقرار سعر الصرف الرسمي وتأثيره على السوق**: أكد المستشار المالي لرئيس الوزراء أن نظام سعر الصرف الثابت يعتمد على احتياطيات دولية قوية، مما يساهم في استقرار الأسعار النسبية للسلع والخدمات، مع تأثير محدود للسوق الموازية بسبب حظر الدولرة في المعاملات الداخلية.

شهدت الأسواق العراقية ارتفاعاً ملحوظاً بأسعار صرف الدولار مقابل الدينار، حيث بلغ سعر الدولار الواحد 1515 ديناراً يوم الثلاثاء، وسط توقعات باستمرار الارتفاع وتحذيرات من تأثير ذلك على مجمل الأوضاع الاقتصادية، بعدما شهدت سوق الصرافة استقراراً خلال الأشهر الماضية عند 1450 ديناراً.

وتسببت قرارات سابقة لوزارة الخزانة الأميركية بفرض عقوبات على عدد من المصارف العراقية بسبب تعاملات مالية مع إيران وأخرى مرتبطة بعمليات غسل أموال، برد فعل سريع داخل العراق، حيث أدى إلى تراجع قيمة الدينار، إلى جانب توافد المودعين إلى البنوك المعاقبة لسحب أموالهم المودعة بالدولار.

حول هذه النقطة، قال خبير الشأن الاقتصادي ناصر الكناني لـ"العربي الجديد"، إن "سبب ارتفاع أسعار الدولار في السوق المحلي بهذا الشكل المتسارع، هو قرار البنك المركزي العراقي بمنع منح الدولار للمسافرين عبر شركات الصيرفة والمصارف، وحصر هذا الأمر بتسليم الدولار بالمطار حصراً وعبر مصارف حكومية فقط".

وبيّن الكناني أن "هذا القرار أحدث إرباكاً كبيراً في سوق تداول العملة وعمل الشركات، ما دفع إلى زيادة الطلب بشكل كبير على الدولار في السوق الموازي، وهذا ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، وهناك احتمال كبير جداً يشي باستمرار هذا الارتفاع يومياً وتدريجياً، خاصة أن قرار البنك المركزي سيطبق على أرض الواقع في منتصف الشهر الحالي".

ووفق الكناني، فإن "السيطرة على سعر الصرف تتم من خلال حصر كل التعاملات بالدولار عن الطريق المنصة الإلكترونية للبنك المركزي العراقي، وإنهاء الدولرة في السوق العراقي وتعاملاته التجارية، كما أننا نحذر من أن هذا الارتفاع ستكون له تداعيات على عموم الأوضاع الاقتصادية وسيساهم بزيادة أسعار المواد الغذائية وغيرها في الأسواق المحلية خلال الأيام القليلة المقبلة".

إلى ذلك، أعلنت اللجنة التنسيقية لمظاهرات شركات الصرافة الإضراب العام في العاصمة بغداد والمحافظات الأخرى. وقالت اللجنة في بيان لها إنه "نظراً لإصرار البنك المركزي العراقي على إيقاع الضرر بالشركات ودفعها للمحظور ولتجاهله المطالب المشروعة التي تقدمت بها شركات الصرافة والتي تلائم القانون، وبعد عقد اجتماع موسع لشركات الصرافة، تقرر بدء الإضراب العام والإغلاق التام". وأضاف البيان أنه "سيتم الامتناع عن دخول المزاد ابتداء من تاريخ اليوم الأربعاء حتى إشعار آخر وفي كافة المحافظات".

في المقابل، قال المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي مظهر محمد صالح، في تصريح له تعليقاً على عودة ارتفاع سعر الدولار، إن "نظام سعر الصرف الثابت في العراق يقوم على قاعدة احتياطيات دولية تُعد الأعلى في تاريخ العراق وسياسته النقدية، إذ تغطي العملة الأجنبية نسبة تزيد على 100%؜ من إجمالي العملة المصدرة حالياً".

وأضاف صالح أنه "إزاء قوة سوق الصرف المركزية الرسمية، فان سعر الدولار إلى الدينار في السوق الموازي اليوم في البلاد لا يشكل أي أهمية نسبية في التأثير على استقرار المستوى العام للأسعار، الذي أمسى مستقراً في مركباته واتجاهاته جراء تأثير عامل سعر الصرف الرسمي المهيمن حالياً على تمويل التجارة الخارجية (الاستيرادية) والبالغ 1320 ديناراً لكل دولار، وهو اتجاه مستقر لسعر الصرف وتتمحور حوله القيمة الخارجية المستقرة للدينار، والذي تجسده حالة استقرار الأسعار النسبية للسلع والخدمات إلى حد كبير، إذ لا يتجاوز التضخم السنوي في البلاد 3%".

وبيّن أنه "بناء على ما تقدم، وفي ضوء قوة الاحتياطيات الأجنبية المساندة للدينار العراقي والتي تزيد قيمتها كأصول أجنبية سائلة على 100 مليار دولار، فإن السوق الرسمية للصرف كاتجاه عام ستبقى المهيمنة على احتواء أي ضوضاء ملونة أو غامضة المعلومات تتأثر بها السوق الموازية للصرف في الفترات القصيرة بسبب أحداث سياسية دولية أو إقليمية طارئة هنا وهناك أو في تكييف بعض التعليمات المنظمة للسوق النقدية".

وأكد أنه "بعد اضمحلال ظاهرة الدولرة في المعاملات الداخلية ولا سيما في العقود والالتزامات والمدفوعات داخل البلاد منذ العام الماضي وحظرها قانوناً، فإن سوق الصرف الموازي أمست لا تشكل تأثيراتها العامة اليوم إلا على نطاق اقتصادي ضيق من المعاملات المحظورة تمارسها الأسواق غير النظامية وبنسبة 10%؜ من إجمالي معاملات العرض والطلب على العملة، واستقرار سعر صرف الدينار الذي تشهده البلاد حتى في الأسواق الثانوية آنفاً هو استقرار حقيقي وراسخ، بل هو مشتق من قوة تأثير العوامل السعرية والكمية للسياستين النقدية والمالية وتكاملهما في فرض الاستقرار السعري الكلي في البلاد واحتواء التوقعات التضخمية التي كانت تحدثها قوى السوق الموازية للصرف خلال السنوات الماضية".

وختم صالح بقوله إن السوق الثانوية (غير النظامية) بسبب حرية التحويل الخارجي تقع تحت تأثير سعر سوق الصرف الرسمي التي تتسع عملياتها باستمرار لمصلحة التعاطي بسعر الصرف الرسمي الثابت.

ورغم إقرار الحكومة حزمة إجراءات مالية كان أبرزها تثبيت سعر صرف العملة عند 1320 ديناراً مقابل الدولار الواحد، إلا أنه ورغم مضي عدة أشهر على هذا القرار، ما زال الفارق كبيراً بين سعر الصرف الرسمي المعتمد لدى البنك المركزي العراقي والسوق الموازية.

المساهمون