رأى مراقبون أن خطوة وزارة الاقتصاد في حكومة بشار الأسد، بإنهاء العمل بعقود ممنوحة لشركات رامي مخلوف في الأسواق الحرة، إن بالمطارات ومرفأَي اللاذقية وطرطوس، أو على الحدود البرية مع لبنان والأردن، "صفعة" لإعادة الخلاف من جديد مع رامي مخلوف، رغم ما قيل عن "توافق وتقاسم الممتلكات برعاية روسية".
ويبرر هؤلاء بأن ما جاء بنص قرار إنهاء العقود بسبب "ثبوت اتخاذ مستثمر الأسواق الحرة من منشآته وسيلة لتهريب البضائع والأموال"، يؤكد أن القصة ليست استعادة أموال رامي بالداخل السوري، كما قالت أطراف سورية ونصّت المصالحة الروسية، بل "هناك حالة إساءة وتشهير علنية"، وقد يردّ رامي مخلوف على "الاتهام ونرى تسجيلات أو تصريحات جديدة، رغم ما قيل عن التزام الأسد ومخلوف لروسيا بالتهدئة ريثما يجري التفاهم واقتسام الثروة وخروج رامي مخلوف من دمشق.
وجاء قرار وزارة الاقتصاد بعد صمت لأكثر من شهر، إثر إعلان "الحرب من بشار الأسد وزوجته أسماء الأخرس على مخلوف" التي خرجت للعلن في ديسمبر/ كانون الأول الماضي من خلال قرارات بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لعدد من كبار رجال الأعمال، بينهم رامي مخلوف وزوجته وشركاؤه، بتهمة التهرب الضريبي، لتتبعها مطالبة مخلوف بتسديد ما يعادل 180 مليون دولار، ولتنشأ حرب استخدم خلالها مخلوف "وسائل التواصل الاجتماعي"، ما دفع الأسد في مايو/ أيار الفائت إلى إصدار قرار منع مخلوف من السفر وبدء وضع اليد أو الحجز على معظم الممتلكات الموزعة على قطاع الاتصالات والكهرباء والعقارات وأسهم في مصارف وشركات تأمين وقابضة، أكبرها شركتا "شام وراماك" للاستثمار.
ويقول رجل الأعمال السوري، فراس طلاس، إن روسيا كلفت مفاوضاً من جهتها، لإدارة "الخلاف العائلي" بين أسرة الأسد "بشار وأسماء وماهر" وعائلة خاله محمد مخلوف "رامي وحافظ خاصة" ضمن مقولة "حماية رامي وإخراج من يشاء من أسرة محمد مخلوف مقابل اقتسام الثروة المسجلة بأسماء آل مخلوف وتعود بمعظمها إلى آل الأسد، على أن تتوزع الثروة بين روسيا لسداد الديون وجزء لبشار الأسد وجزء صغير لماهر الأسد، ويبقى ربع الثروة لآل مخلوف، في مقابل مغادرة سورية.
ويكشف فراس، وهو نجل وزير الدفاع السوري السابق مصطفى طلاس، أنه يجري منذ نحو شهر، وبشكل سري، تقييم الممتلكات في كل أنحاء العالم، وهي مشابهة لصفقة إخراج رفعت الأسد من سورية التي قادها حيدر علييف عام 1983. حيث يجري "الآن العمل على إعادة تأسيس الشركات بشكلها الجديد، وعبر أسماء وواجهات جديدة".
وحول تفاصيل جديدة عن صفقة الأسد مخلوف، يقول طلاس لـ"العربي الجديد" إن هناك تكتماً على التفاصيل ونسب تقاسم الممتلكات، من شركات وأرصدة، ولكن الآن تجري عملية التقييم للممتلكات، وطرفا الصراع "بشار ورامي"، موافقان على الإجراءات والرعاية الروسية.
وأما عن حصة روسيا من تلك الأموال، فيقدرها طلاس بنحو 5 مليارات دولار، وهي مستحقات على النظام، متسائلاً: "لا أعلم كم ستمدّ تلك المليارات في عمر النظام قبل أن تبدأ روسيا بمسار حل حقيقي".
في المقابل، شكك مصدر سوري رفيع في "إمكانية استعادة روسيا أو غير روسيا للأموال المستثمرة بالخارج أو المودعة بالمصارف"، لأن ذلك برأيه له علاقة بسياسة تلك الدول ومدى علاقتها بروسيا وحصتها من الصفقة ومدى مخاوفها من قانون قيصر وإغضاب الولايات المتحدة.
وفيما يؤكد المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، خبر "المصالحة برعاية روسية"، يعتبر أن موسكو هي المستفيد من كل هذه "الزوبعة والفضيحة"، فهي من دفعت رامي مخلوف إلى تحدي بشار الأسد، وهي من سرّب للأسد موافقة "محمد مخلوف وابنه حافظ" المقيمين في موسكو، على تسوية ما بعد الأسد، وهي اليوم تجني ثماراً مضاعفة، منها تحصيل ديون، والأهم "تنظيف سورية من حوتان سيعوقان أي حلول مقبلة".
ويؤكد المصدر السوري الخاص لـ"العربي الجديد" أن رامي مخلوف يقيم في منزله بمنطقة يعفور، وهو محميّ من روسيا، "لكنه لا يخرج"، مشيراً إلى أن زمن علييف وحتى باسل الأسد "نجل حافظ الأسد الأكبر الذي قضى على طريق دمشق الدولي بحادث عام 1994" مختلف تماماً عن هذا الزمان الذي ستستخدم خلاله واشنطن قانون قيصر لتصفية حسابات وضغوطات على دول عديدة، منها روسيا "وإن كانت مؤجلة إلى ما بعد انتخابات البيت الأبيض واستغلال الورقة السورية".
ويروي المصدر أنه أيام باسل الأسد ذهب قانونيون سوريون إلى النمسا وزوجوا باسل الأسد على الورق، ليحصّلوا الأموال المودعة باسمه، ولكن اليوم الضوء على سورية، ولا يمكن تمرير مثل تلك المخالفات بسهولة ".
وأضاف أن "ما أريد قوله، أن الصفقة الروسية بتحويل أموال آل مخلوف إلى الأسد، تتعلق بالأموال والشركات داخل سورية، وربما بعض الخارجية، فإن ضغطت روسيا على مخلوف الأب المقيم عندها أو على بلاروسيا، فكيف يمكن الضغط على دول أوروبية وعربية تستقبل استثمارات وحسابات بعشرات مليارات الدولار".
ويختم المصدر بأن "أموال الأسد المستثمرة باسم مخلوف في الخارج "مسألة معقدة"، وخاصة في الإمارات التي فتحت قليلاً مع الأسد العام الماضي بإشارات أميركية وللضغط على تركيا، خاصة في ملف نقل مرتزقة يقاتلون إلى جانب حفتر".