وتكشف مصادر أفريقية مقربة من لجنة حكماء أفريقيا لـ "العربي الجديد" عن بدء اتصالات مهمة بين لجنة حكماء أفريقيا الخاصة في مصر ورئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي دلاميني زوما، إثر إصدار محكمة مصرية، السبت الماضي، قراراً بإحالة أوراق 122 شخصاً، إلى المفتي لاستطلاع الرأي في إعدامهم، من بين 166 متهماً، على رأسهم الرئيس المعزول محمد مرسي، والعشرات من قيادات الإخوان المسلمين.
ويقول المصدر إن رئيس مالي الأسبق ورئيس اللجنة الأفريقية ألفا عمر كوناري أبديا استياءهما وانزعاجهما لرئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي زوما، من قرارات الإعدام. وبحسب المصدر، فإن كوناري اعتبر أن قرار المحكمة المصرية بإعدام رئيس منتخب يمثّل خرقاً واضحاً لخارطة الطريق والتفاهمات التي تم التوصل إليها بين الاتحاد والسلطات المصرية، والتي بموجبها تم رفع تعليق عضوية مصر في يونيو/ حزيران الماضي.
ويوضح المصدر أن الرئيس البتسواني السابق، وعضو لجنة حكماء أفريقيا الخاصة في مصر والرجل الثاني في اللجنة، فوستوس موجاي بعث برسالة إلى الاتحاد الأفريقي، أدان فيها عملية إصدار الإعدام. وكان قد سجل تحفظاً على إلغاء تعليق عضوية مصر في الاتحاد الأفريقي وقاطع الاجتماع الذي تقررت فيه عودة مصر إلى عضوية الاتحاد الأفريقي.
وبحسب المصدر، فإن فوستوس أوضح أنّه يرفض عملية حكم الإعدام واستمرار الاعتقالات من دون محاكمات، وطلب من مجلس الأمن والسلم الأفريقي اتخاذ خطوات عملية لإيقاف التجاوزات وانتهاكات حقوق الإنسان التي تمارس في مصر. كما طالب بإعادة النظر في كل الإجراءات التي اتخذها الاتحاد لعودة مصر في الاتحاد الأفريقي. وأرجع فوستوس أسباب تخلي مصر عن الاتفاق الذي توصلت إليه مع اللجنة الأفريقية والاتحاد الأفريقي، كاشفاً عن تعهدات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للجنة أفريقية رفيعة المستوى، بإطلاق سراح مرسي وأعضاء البرلمان المنتخبين، وأن يقود المصالحة الوطنية السيسي بنفسه، مقابل إلغاء تعليق عضوية مصر في الاتحاد الأفريقي.
اقرأ أيضاً: مصر والاتحاد الأفريقي ...مواقف ملتبسة
ووفقاً للمصدر ذاته، فإن فوستوس أكّد أن رسالته تضمنت التوافقات التي توصلت إليها اللجنة من منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية المتمثلة في الأزهر والكنيسة القبطية، وقادة الأحزاب السياسية في مصر. وكانت اللجنة قد تمكنت من اللقاء بمرسي. وكشف فوستوس عن اتفاق مع قوى سياسية على خارطة طريق وتفاهمات حول الحريات وإطلاق سراح المعتقلين، والذي كان بموجبه اتفاق إعادة عضوية مصر للاتحاد الأفريقي.
وأكد فوستوس على تعهدات السيسي للجنة خلال زيارتها في أغسطس/ آب 2013، بإطلاق سراح مرسي والناشطين السياسيين وإجراء انتخابات برلمانية مقابل إلغاء الاتحاد الأفريقي قرار تعليق عضوية مصر.
ويضيف المصدر أن الرسالة احتوت أيضاً على ضرورة تنفيذ الاتفاقات من إخلاء سبيل المعتقلين السياسيين ومتابعة المصالحات وإجراء انتخابات تشريعية لإكمال المرحلة الثانية. وبحسب المصدر، فإنّ فوستوس، قال "إنّ الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن والسلم الأفريقي واللجنة تقع على عاتقهم مسؤولية أخلاقية تجاه هذه الانتهاكات والخروقات من جانب الحكومة المصرية، والتي جعلت من الاتحاد الأفريقي جسراً لتقنين شرعيتها والالتفاف حول الانقلاب الذي قاده السيسي على مرسي". وتابع فوستوس، "أعتبر إصدار حكم الإعدام، تحدياً للاتحاد الأفريقي واستفزازاً لمنظمات حقوق الإنسان الأفريقية والمجتمع الدولي عموماً".
وبحسب مصادر مطلعة، فإنّ الاتحاد الأفريقي طالب بإيضاحات حول حكم الإعدام الذي صدر يوم السبت الماضي. وتوقع المصدر أن يصدر الاتحاد الأفريقي بياناً في وقت لاحق. فيما ندّدت منظمات حقوقية تابعة للاتحاد والصحف الصادرة في جنوب أفريقيا وكينيا وعشرات المواقع الأفريقية ومنظمات حقوق الإنسان الأفريقية، بحكم الإعدام وناشدت المجتمع الدولي للتدخل وإيقاف الحكم.
اقرأ أيضاً: السيسي يواصل حربه على "الإرهاب" في القمة الأفريقية
ويعتبر "الميثاق الأفريقي للديمقراطية والانتخابات والحكم الرشيد" الذي ينص في المادة رقم 25 فقرة 4 على أنه "لا يجوز لمرتكبي التغيير بطرق غير دستورية المشاركة في الانتخابات التي تجرى لاستعادة النظام الديمقراطي أو تولي مناصب المسؤولية في المؤسسات السياسية للدولة"، ما يعني أن السيسي يدخل ضمن هؤلاء المحظور عليهم تولي مناصب سياسية. ويشير الميثاق إلى أنّه لو فاز في الانتخابات شخص آخر غير السيسي، أو لم يرشح هو نفسه، كان من الممكن أن يتم قبول ما جرى، ويأتي التعامل مع الرئيس الجديد بشرط ألا يكون هو قائد الانقلاب، وبموجب ما ورد، تم تعليق عضوية مصر.
وتشكلت "لجنة الاتحاد الأفريقي العالية المستوى بشأن مصر" يوم 8 يوليو/تموز 2013، لمتابعة التطورات في مصر، وذلك بعد تعليق الاتحاد يوم 5 يوليو/ تموز من العام ذاته، مشاركة مصر في أنشطة الاتحاد، عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، في 3 يوليو/تموز 2013. وأقر مجلس السلم والأمن الأفريقي في يونيو/ حزيران الماضي عودة مصر إلى الاتحاد الأفريقي، وبموجبه شارك السيسي في القمة الأفريقية في غينيا الاستوائية يومي 26 و27 يونيو/ حزيران 2014. وكان قد ترأس اللجنة الأفريقية الخاصة بالأزمة المصرية، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي السابق ألفا عمر كوناري، بعضوية كل من رئيس وزراء جيبوتي السابق دليتا محمد دليتا، ورئيس بوتسوانا الأسبق فوستوس موجاي، وانتهت مهمتهما بعودة مصر إلى الاتحاد الأفريقي في يونيو/ حزيران 2014.
اقرأ أيضاً: حكم مرسي يجدد الضغوط الدولية على السيسي