إضرابات المعلمين في الجزائر... مدارس مغلقة وأولياء غاضبون

05 فبراير 2018
يضيع التلاميذ بسبب استمرار الإضرابات (العربي الجديد)
+ الخط -



تعقّدت الأوضاع في قطاع التربية بالجزائر، بعد إعلان نقابات التربية والتعليم الخمس في الـ20 من فبراير/شباط الجاري إضرابا وطنيا شاملا بدعوة من التكتل النقابي.

وقرّر ممثلو تكتل نقابات قطاع التربية، اليوم الإثنين، في اجتماع، اتخاذ قرار بشنّ إضراب شامل تشارك فيه كل النقابات المستقلة، للمطالبة بتحسين الظروف المهنية والاجتماعية ورفع القدرة الشرائية، واعتماد نظام تعويضي، وإعادة النظر في شبكة الأجور، وتوحيد نسب منح الامتياز، وتحيين منحة المنطقة، ورفع قيمة الساعات الإضافية، والتراجع المعتمد عن الحريات النقابية، ومماطلة الوزارة في الانشغالات المطروحة.

ويأتي قرار الإضراب في سياق إضراب عام أعلنت عنه النقابة المستقلة، المجلس الوطني لأساتذة التعليم، منذ أسبوع بسبب المطالب نفسها.

وأخفقت منظمات أولياء التلاميذ والمناشدات الحكومية في ثني النقابة عن تنفيذ الإضراب، خاصة بالنسبة للفصول الدراسية المعنية بالامتحانات للانتقال إلى الصف الأعلى والجامعة.

فيما يعبر التلاميذ عن استغرابهم لتكرر الإضرابات واستمرارها، وكثرة مشاكل قطاع التربية، وعجز الحكومة عن حل مشاكله، وتقول التلميذة نسرين لحاني، التي تدرس في القسم النهائي: "بالنسبة لنا كتلاميذ لا نتدخل في مطالب الأساتذة والمعلمين، لكننا نشعر بأننا أصبحنا رهائن بين أكثر من طرف، دون أن يكون هناك من يهتم بمصلحتنا".

من جهتهم، يقضي أولياء التلاميذ هذه الفترة على أعصابهم بسبب غموض مستقبل أبنائهم وتكرر الإضرابات وتدني مستوى التلاميذ، ناهيك عن أن مثل هذه الإضرابات تعقد يوميات الأولياء، خاصة العاملين منهم والذين يضطرون إلى البحث عن حلقات للدروس الخصوصية التي تمكن أبناءهم من اللحاق بالبرنامج البيداغوجي، خاصة بالنسبة للمقبلين على امتحانات الفصل السادس والتاسع والنهائي المقبلين على امتحانات شهادة البكالوريا.  



 
ويقول نور الدين أوعيل، والد تلميذين يدرسان في الأقسام الابتدائية، لـ"العربي الجديد"، إن "الأطفال هم من يدفعون ثمن الإضرابات، أين نجد الحل؟ الوزارة لا تبالي والأستاذ مصر على حقه، والتلميذ يدفع الثمن"، بدوره يعبر عمر فوزي، الذي يدرسه ابنه في القسم المتوسط، عن امتعاضه من استمرار الإضرابات، ويحمّل الحكومة مسؤولية الوضع المتردي في قطاع التعليم والتربية: "نعم يجب أن تكون حكومة قوية تعالج المشاكل، بدل أن تتفرج على الفوضى، ثم تطلب الحوار مع النقابات، كفانا إضرابات، لأن المدرس والتلاميذ بحاجة إلى الاستقرار".

التلميذ هو الحلقة الضعيفة في الإضراب (العربي الجديد)


هذا الوضع دفع  الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ إلى توجيه مناشدة، أول أمس، إلى الأساتذة دعتهم فيها إلى الاستماع لصوت العقل والحكمة، والعودة إلى جادة الصواب، وجعل المصلحة العامة فوق أي مصلحة شخصية، وكذا الالتزام بالحوار الجاد والمسؤول، لتفادي العواقب الوخيمة.

وانتقدت الجمعية التي تضم الجمعيات المحلية للأولياء، الإضراب المتواصل في المدارس والمؤسسات التربوية و"الحلقات المتوالية من الإضرابات غير المبررة، والمبالغة في الإضرابات براديكالية معلنة تعد سابقة خطيرة في القطاع"، ولفتت إلى أن "رفض الحوار يعد هروبا إلى الأمام من أجل مطالب مشكوك في شرعيتها ومبنية على أمور شخصية بحتة".

وينتقد بعض المراقبين رفض النقابات التربوية للتعاطي بشكل مغاير مع مطالبهم، بما يضمن سنة دراسية هادئة واستيعابا بيداغوجيا للتلاميذ، ويشير الإعلامي كريم يحيى إلى بعض السلوكات المرافقة لإضرابات الأساتذة، بينها لجوء بعضهم إلى تقديم دروس خصوصية بمقابل مالي.

الأولياء غاضبون من استمرار الإضرابات (العربي الجديد)



ويقول لـ"العربي الجديد": "من مفارقات الإضراب أن بعض الأساتذة الذين استجابوا له، لا يتوانون عن تقديم دروس خصوصية لتلاميذ النهائي الميسورين، في إطار الاستثمار في هذا الإضراب، هذا النموذج من الأساتذة الاستغلاليين يدعمون بقوة خيار مواصلة الإضراب غير آبهين بأي تنازلات".

وثمة تخوف آخر عبرت عنه وزيرة التربية الجزائرية، نورية بن غبريط، يتعلق بالإضرار بمبدأ المساواة، ويؤدي إلى فوارق بين المتمدرسين من منطقة إلى أخرى، وقالت الوزيرة في تصريحات صحافية: "الإضرابات المتواصلة والمنتظمة، ومهما كانت مشروعيتها أو الأسباب المقدمة تضر بمبدأ تكافؤ الفرص الذي تضمنه الدولة من خلال توفير الموارد البشرية والمادية والهياكل القاعدية  الضرورية، فضلا عن عمليات دعم التمدرس"، وأضافت أنه "خلال تلك التوقفات عن الدراسة يلجأ أولئك الذين يتوفرون على الإمكانيات إلى الدروس المدفوعة الأجر التي تعرف أسعارها خلال فترات الإضراب ارتفاعا كبيرا، أما أولئك الذين ليست لديهم إمكانيات فيسجلون تأخرا".

وتؤكد الوزيرة بن غبريط أن توقف المعلمين عن الدراسة "يضع من جهة أخرى قطاع التربية خارج المعايير الدولية من حيث عدد أسابيع التدريس ويحرمون المتمدرسين من المهارات الضرورية لمواصلة مسارهم الدراسي"، وأشارت إلى أن هذه الإضرابات في التعليم هي التي أثرت على تحكم المتمدرسين في بعض المهارات، وأعاقت بعض الشيء تجسيد برامج التكوين  التي سطرتها وزارتها لفائدة الأسرة التربوية. 


وبين مطالب الأستاذة والمعلمين التي تبدو مشروعة بالنسبة للكثيرين، وتمسك وزارة التربية والتعليم بمواقفها وتحسر الأولياء على الوضع الذي وصلت إليه المؤسسة التربوية في الجزائر، يضيع التلاميذ في التفاصيل، وتواصل الجزائر تصنيفها ضمن قائمة الدول العربية الأقل في مستوى التحصيل العلمي.

المساهمون