وبينت التقارير، التي نشرت أمس، أن عدد البيوت التي تم هدمها في عام 2017 مقابل عام 2016 قد تضاعف من 1158 بيتاً خلال 2016 إلى 2220 بيتاً في 2017، وهو العام الذي بدأ بهجوم الشرطة الإسرائيلية على قرية أم الحيران في النقب لهدم بيوتها في 18 يناير/ كانون الثاني 2017 وأسفر عن استشهاد المربي الفلسطيني يعقوب أبو القيعان برصاص الشرطة الإسرائيلية. وادعت الشرطة، وساندها في ادعاءاتها كل من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن الداخلي جلعاد أردان، أن الشهيد حاول دهس عناصر الشرطة، لكن توثيقاً لقناة الجزيرة أثبت عكس ذلك وبين أن القيعان حاول مغادرة بيته، لكن عياراً نارياً أطلق باتجاهه جعله يفقد السيطرة على سيارته وبالتالي أدى إلى انحرافها ودهس شرطي قضى بسبب الحادث، فيما كان الشهيد أبو القيعان مصاباً ولم يتم نقله للمستشفى ولا تقديم الإسعافات الأولية إليه.
ووفقاً لتقرير وزارة الأمن الداخلي، والذي نشرت معطياته في صحيفة هآرتس أمس، فإن عدد عمليات الهدم المذكورة هو الأعلى منذ بدء تطبيق سياسة الهدم في النقب بشكل مكثف في عام 2013.
وبيّن تقرير الوزارة الإسرائيلية معطى جديداً يثبت حجم الإرهاب والضغوط الهائلة التي يتعرض لها الفلسطينيون في النقب من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلية لهدم بيوتهم بأنفسهم، ما يعفيهم في هذه الحالة من إلزامهم أيضاً بدفع عشرات آلاف الدولارات كرسوم لتغطية عملية الهدم، وما يرافقها من خدمات حراسة يتم خلالها استئجار عشرات عناصر الشرطة المدججين بالأسلحة.
وبحسب المعطيات التي تم الكشف عنها، فقد ارتفع عدد عمليات الهدم التي نفذتها إسرائيل وأجهزتها من 412 عملية عام 2016 إلى 641 في 2017، أما عدد عمليات الهدم الذاتية التي يضطر أصحاب البيوت إلى تنفيذها بأنفسهم تحت وطأة التهديد بالملاحقة والغرامات المالية الباهظة فقد ارتفع هو الآخر من 746 بيتاً إلى 1579 بيتاً، منها 481 بيتاً اضطر أصحابها إلى هدمها حتى قبل صدور قرار قضائي بهدمها.
وتشير هذه المعطيات الجديدة إلى حجم الخوف والصدمة التي يعيشها الأهالي في النقب، والتي تعاظمت بشكل خاص بعد مقتل الشهيد يعقوب أبو القيعان، من دون أن يشكل خطراً على أحد، مع أنه وفق شهادات أبناء عائلته في العام الماضي، كان قد غادر بيته حتى لا يشاهد عملية الهدم، لكن الشرطة الإسرائيلية أطلقت النار عليه وقتلته. ولم تكتف بذلك، بل اتهمته بأنه ناشط في داعش ومتطرف إسلامي، وهي تهمة نفتها ودحضتها عملية التوثيق التي بثتها قناة الجزيرة العام الماضي. كما أن شهادات الأهالي، وناشطين يهود يساريين كانوا في أم الحيران ليلة العملية أكدت أنها ادعاءات زائفة كان هدفها طمس حقيقة قتل الشهيد أبو القيعان بدم بارد.
لكن عملية القتل التي مرت بدون تقديم أي اعتذار من قبل سلطات دولة الاحتلال أو التحقيق مع عناصر الشرطة في الموقع ليلتها، زادت من حالة الخوف الأساسية في قرى النقب، خصوصاً القرى غير المعترف بها والتي ينازع الاحتلال أهلها على أراضيهم بادعاء أنها أراض غير مسجلة في سجل الطابو الإسرائيلي وأن الفلسطينيين في النقب استولوا عليها مع مرور الزمن، عبر رفض الاعتراف بآلية تسجيل وملكية الأراضي التي سادت في فلسطين قبل النكبة وكانت القوانين البريطانية تعتمدها بشكل رسمي.
يستدل من التقرير الرسمي أيضاً أن الشرطة الإسرائيلية وعناصر وزارة الداخلية كسروا حاجز الخوف من دخول البلدات الفلسطينية في النقب لإلصاق أوامر هدم وإخطارات بإخلاء البيوت قبل هدمها. بل إنهم على العكس من ذلك بدأوا بتكثيف مداهمة القرى الفلسطينية المختلفة في النقب عبر دوريات مكثفة ومعززة من القوات المدججة بالسلاح لترهيب الأطفال والعائلات ولصق هذه الإنذارات حتى على جدران المساجد، كما فعلوا الأسبوع الماضي عندما علقوا إنذاراً بهدم المسجد في قرية أم الحيران.
وتعتمد الشرطة وأذرع الدولة في العام الأخير أسلوب الضغط المتواصل على أصحاب البيوت لهدمها، مع التلويح بخطر السجن والغرامات العالية، بحجة أن ذلك يجنّب الأهالي مداهمات ومواجهات مع الشرطة كالتي وقعت في قرية أم الحيران في 16 يناير/ كانون الثاني من العام الماضي، وسبقتها قبل ذلك بأسبوع في العاشر من يناير في مدينة قلنسوة في المثلث عندما هدمت الشرطة الإسرائيلية في يوم واحد نحو 8 بيوت لأبناء عائلة مخلوف بحجة البناء غير المرخص.
في غضون ذلك، تعزز الشرطة الإسرائيلية من عمليات المداهمة لقرى النقب لتوزيع إخطارات الهدم، بحيث أشار تقرير وزارة الأمن الداخلي المذكور، الذي نشرت معطياته أمس، إلى أن هذه الدوريات ارتفعت من 303 دوريات عام 2016 إلى 505 دوريات عام 2017، كما ارتفع عدد أوامر الهدم من 683 عام 2016 إلى 991 عام 2017.