ويعد شرط توفير التمويل الذاتي أكبر العوائق أمام التونسيين عند الاقتراض من المصارف بغاية اقتناء مسكن، وهو ما قلّص الطلب في قطاع العقارات في الوقت الذي كثر فيه العرض.
ونص الفصل في صيغته الأولى على أن تتولى الدولة إحداث خط تمويل بمبلغ 250 مليون دينار لفائدة الفئات متوسطة الدخل، تم بمقتضاه توفير قرض میسر لتغطية التمويل الذاتي المطالب بھا المنتفع، قصد اقتناء مسكن أول منجز من قبل شركات عقارية.
وعللت الحكومة اشتراطها تمكين الراغبين في شراء العقارات بأن يتم اقتناؤها من المستثمرين العقاريين، بأن هذا الإجراء سيمكن من خلق حركة في السوق العقارية وتشجيع الطبقة المتوسطة أساساً على اقتناء مسكن أول، نظراً للصعوبات التي تواجهها بسبب اشتراط المصارف لتوفير التمويل الذاتي (20% من ثمن العقار) لتقديم القرض.
وأمام النقاش الحاد الذي شهدته لجنة المالية بالبرلمان حول هذا الفصل، قدمت وزيرة المالية صيغة معدلة خفضت من خط التمويل إلى 200 مليون دينار وسحبت التنصيص على الباعثين العقاريين، وهي الصيغة التي حظيت بقبول النواب حكماً ومعارضة، وتم التصويت عليها بـ 115 موافقاً و8 متحفظين في الجلسة العامة.
غير أن الفصل بقي منذ مناقشته في اللجنة محل جدل كبير، خصوصاً أن شرط اقتناء العقارات من باعثين عقاريين أثار ريبة نواب المعارضة بالخصوص، في ظل كساد السوق العقارية بالبلاد.
وأوضحت النائبة عن التيار الديمقراطي المعارض، سامية عبو، أن الفصل في صيغته الأصلية كان مخالفاً للدستور لأنه يخدم فئة معينة وهي الباعثون العقاريون، وهو ما يخرق مبدأ المساواة. فلا يجوز البتة ذكر جهة معينة وخصها بامتيازات.
بالإضافة إلى أن جل الشركات العقارية تولت تشييد المركبات والأبنية في العاصمة أو المدن الساحلية، ما سيمكن من تمتيع سكان تلك الجهات بحق الانتفاع بالتمويل الذاتي والحصول على مساكن، فيما ستحرم الجهات الداخلية من ذلك ويجبر سكانها الراغبون في شراء منزل على النزوح إلى العاصمة أو المدن الساحلية.
وأشارت عبو إلى أن الفصل في صيغته المصادق عليها في الجلسة العامة يصب في إطار دعم الفئة المتوسطة وحقها في المسكن، بيد أنه سيؤثر على السوق العقارية، فبدل أن تنخفض الأسعار نتيجة كثرة العرض وضعف الطلب، قد يؤدي تدخل الدولة إلى رفع الأسعار.
واعتبرت النائبة المعارضة أن حذف التنصيص على الباعثين العقاريين ترك الحرية للمنتفعين بأن يختاروا العقارات المناسبة لهم والأماكن التي يودون السكن فيها دون قيد أو شرط.