إبراهيم المطلق ..."عين الحقيقة" التي تحدت نظام الأسد في تدمر

22 يوليو 2018
إبراهيم المطلق قضى تحت التعذيب بسجون النظام السوري (فيسبوك)
+ الخط -

"ما اطلع منك يا تدمر لو هالروح تروح" عبارة كان يرددها الناشط إبراهيم عبد الرزاق المطلق على الدوام خلال مشاركته في المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام في مدينة تدمر، حيث عمل مع ناشطي المدينة على تنظيمها والإعداد لها.

ولم يكتف المطلق بنقل المظاهرات وإنما ذهب أبعد من ذلك، إذ كان يغطي من منطقة غوطة تدمر أو كما تعرف بمنطقة "البساتين" قصف قوات النظام للمدينة واستهدافها للمناطق الأثرية ومنها معبد بل، قبل أن يتم اعتقاله عام 2013 بكمين لقوات النظام، وقضى في السجن تحت التعذيب، وتم إبلاغ أسرته بوفاته في سجون النظام يوم 16 سبتمبر/أيلول 2014.

"إبراهيم كان يحلم أن يصبح مصورا مشهورا، ويدخل أبواب العالمية، وينقل بالكاميرا الخاصة به صورا جميلة لأطفال يلعبون أو مشاهد تحمل في طياتها جمال الإنسانية"، هذا ما يقوله صديقه الناشط الإعلامي هشام الفهد الذي رافقه في تغطيته للمظاهرات.

ويؤكد الفهد لـ"العربي الجديد" رفض إبراهيم الخروج من مدينة تدمر مع أول هجوم شنته قوات النظام على المدينة عام 2012، وإنه بقي مصرا على البقاء فيها ليصور ممارسات تلك القوات بحق الأهالي في المدينة، متجاهلاً كل تحذيراتنا له ومطالبتنا إياه بالخروج.

ويضيف "كلمته باتصال هاتفي وطلبت منه الخروج قبل اعتقاله بأسبوع تقريبا، لكنه رفض وبالفعل بقي في المدينة، ووثق مشاهد تحبس الأنفاس من بين الأزقة والشوارع فيها لتمركز الدبابات والقصف وانتشار قوات النظام والاعتقالات".

ويقول بشار عقيل الذي تشارك مع إبراهيم معاناته في نقل المظاهرات وتغطية القصف على مدينة تدمر بحديث لـ "العربي الجديد": "كان خلوقاً ومحبوبا لدى جميع نشطاء المدينة، وكان الجميع يكن له الاحترام والتقدير، لتواضعه وتفانيه المنقطع النظير وشجاعته".



ويتابع "قضى إبراهيم عاماً كاملاً في منطقة البساتين ملاحقاً من قبل قوات النظام وعمل خلالها إلى جانب تغطية الأحداث في المدينة على مساعدة الكثير من المنشقين عن النظام بالتواصل مع ذويهم، ليقع بعدها بكمين نفذته مجموعة من الشبان ادعوا أنهم بحاجة للمساعدة، ليقتاده الأمن العسكري بعدها للسجن".

ويصف أيمن (32 عاماً) لـ"العربي الجديد" إبراهيم بـ"عين الحقيقة"، ويقول عنه "كان نشطاء المدينة يطلقون عليه لقب عين الحقيقة لنقله الأحداث التي تجري في المدينة بالقرب من سجن تدمر الرهيب سيئ السمعة، حيث كان يخفي النظام جثث معارضيه كما حدث في مجزرة 1982".

ويشير إلى أن "إبراهيم حاول جاهدا فضح خفايا وحقائق أخفاها النظام في المنطقة الأشد خطورة في سورية نتيجة الطوق الأمني والغموض الذي يلفها، وكثير من زملائه شعروا بالخوف من أن يجبر النظام إبراهيم على البوح بأسمائهم خلال التحقيق معه فغادروا المدينة. لكن شجاعته وحبه لأصدقائه حالت دون ذلك، وحسب ما سمعناه من معتقلين رفض الاعتراف بأي شيء".

ويضيف "أم إبراهيم تعيش حالة حزن وكآبة منذ تلقت خبر وفاته، كانت تعيش على أمل عودته إليها سالما، لا سيما أنها فقدت أخاه بقصف قوات النظام على مدينة تدمر قبل أن يصلها نبأ وفاة إبراهيم بأشهر، وهي حتى الآن لديها أمل في رؤية جثته. حاول أقاربه وأخوته ذلك ودفعوا مبالغ مالية كبيرة لكن النظام رفض تسليمهم الجثة، وأعطاهم ورقة عليها رقم جثته بعد مراجعتهم سجن القابون، اكتفوا بالقول لهم إن سبب الوفاة مجهول، ولم يُعترف بمقتله تحت التعذيب".

وإبراهيم من بين مئات الناشطين من مدينة تدمر قضوا تحت التعذيب في سجون النظام دون تسليم جثثهم لذويهم، ومنهم خالد الشحيدة، وعمر فرجاني، وغنام السبتي، ومحمد التركي.
المساهمون