مع تزايد أعداد النازحين السوريين يومياً، واستمرار حملة التصعيد من قوات النظام السوري وروسيا، في حماة وإدلب، تتفاقم صعوبات النزوح في المخيمات العشوائية المنتشرة على طول الحدود السورية التركية، في عدة بلدات في ريف محافظة إدلب. ويسودها حالة معيشية صعبة بسبب شحّ الدعم الإغاثي، وضعف استجابة المنظمات الإنسانية العاملة في الشمال السوري.
وما يزيد صعوبة الأوضاع في المخيمات عموماً، هو تدفق مئات الآلاف من النازحين الجدد من قرى وبلدات ريف حماة الشمالي والغربي وريف إدلب الجنوبي، إثر بدء عمليات تصعيد القصف الجوي والمدفعي. وتعتبر حركة النزوح الحالية الأوسع والأكبر من نوعها، مع نزوح أكثر من نصف مليون نسمة باتجاه الشمال السوري. ويتوجه النازحون لأماكن مختلفة، فمنهم من وصل إلى المخيمات، ومنهم من استقر في منازل في عدة قرى وبلدات حدودية، مع وجود عشرات المخيمات العشوائية في بلدات مختلفة في ريف إدلب.
وتسيطر على هذه المخيمات حالة إنسانية حرجة، بسبب قربها من أماكن القصف من جهة، وشحّ المساعدات الإنسانية وفقدان جميع مقومات الحياة فيها من جهة ثانية، من بينها مخيمات شرق مدينة معرة النعمان، والبالغ عددها 13 مخيماً، وغالبية سكانها من ريف حماة الشرقي، وتعاني من أوضاع صعبة في الفترة الراهنة بسبب تزايد أعداد النازحين فيها، وضعف الدعم المقدم من قبل المنظمات الإنسانية والجهات المعنية.
كان عدد النازحين في هذه المخيمات يقارب 15 ألف نسمة، قبل بدء عمليات التصعيد التي تعدّ الأعنف من نوعها، ومع بدء التصعيد وصلت أعدادهم إلى قرابة 20 ألف نسمة، 70 في المائة منهم من ريف حماة، أما البقية فهم من نازحي ريفي إدلب الشمالي والجنوبي.
والأوضاع في مخيمات شرق معرة النعمان مأسوية للغاية، فغالبية الخيام مهترئة ولم تعد صالحة للاستعمال، فضلاً عن مشاكل كبيرة في الصرف الصحّي وسوء الطرق وعدم وجود أنابيب لتصريف المياه، وغير ذلك.
وتعاني المخيمات من نقص حادّ في الموادّ الغذائية والطبية وجميع الحاجات الأساسية، وعدم وجود مدارس لاستيعاب الأطفال الذين تنتشر في أوساطهم ظاهرة الأمية، حتى إن بعضهم بلغ 13 عاماً ولا يجيد القراءة ولا الكتابة. كما تفتقر المخيمات لوجود مشفى أو مركز طبي لتقديم الخدمات العلاجية اللازمة، ما يجبر سكان هذه المخيمات على قطع مسافة طويلة للعلاج.
كما تكثر في المخيمات العديد من الأمراض، وبالدرجة الأولى الأمراض الجلدية والتنفسية وذلك بسبب التلوث وانتشار القمامة، وشح المياه النظيفة والصالحة للشرب. ويقوم الأهالي بشراء المياه، وكل صهريج مياه سعة ثلاثة آلاف ليتر يقدر سعره بثلاثة آلاف ليرة سورية (5.7 دولارات أميركية)، تضاف إلى تكاليف النزوح بشكل عام، وتثقل كاهل العائلات الموجودة في هذه المخيمات، التي تفتقر لأبسط مقومات الحياة الأساسية.
ويتحدث الأربعيني عبيد أحمد الصقار لـ" العربي الجديد"، وهو نازح في مخيم الوفاء، ضمن تجمع مخيمات شرق معرة النعمان، عن معاناته في هذا المخيم والأوضاع فيه بشكل عام. ويقول: "نزحت وعائلتي المؤلفة من 6 أفراد من قرية حورتة في جبل شحشبو في ريف حماة الغربي، بعد تصاعد القصف الجوي والبري بشكل كبير، حط بي الرحال في مخيم الوفاء ضمن تجمع مخيمات شرق مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، وبعد جهد جهيد وعناء شديد، حصلت على خيمة صغيرة ومهترئة في المخيم جلست بها أنا وزوجتي وأطفالي، في ظل اشتداد الحرّ في هذا الصيف".
ويضيف: "لم نسمع أو نرَ أي منظمة إنسانية زارت المخيم وقدمت ولو جزءاً بسيطاً من المساعدات والمستلزمات الضرورية، نعاني من نقص حادّ في الموادّ الغذائية وندرة مياه الشرب وغلاء الأسعار، ونعاني من عدم جاهزية الخيام فلا عوازل تقي حرّ الصيف ولا مطر الشتاء، ولا وجود للكهرباء ولا طرقات صالحة للسير ولا يوجد دورات مياه كافية، نجبر على الاصطفاف أكثر من 50 شخصاً لقضاء الحاجة".
ويتابع: "نشتري المياه بصهاريج من أماكن بعيدة بثمن باهظ، وأكثر ما نعاني منه هو عدم وجود مراكز صحية ولا مدارس قريبة من تجمع المخيمات، ويضطر الذي يريد العلاج لقطع مسافة 20 كلم للمشفى، وكذلك الأمر بالنسبة لمن يرغب بإرسال أولاده للمدارس".
ويلفت إلى "التلوث الحاصل في المياه والطعام والهواء بسبب كثافة القمامة، وتصدع أنابيب الصرف الصحي وبعض الجور الفنية، ما تسبب بانتشار العديد من الأمراض مثل الليشمانيا والربو وأمراض تنفسية".