حرصت الإدارة الأميركية، وتحديداً الرئيس باراك أوباما، لغاية الآن، على تجنب الخوض في موقف اليهود الأميركيين من الاتفاق النووي مع إيران، على خلفية انتمائهم اليهودي، وتحسباً من تزويد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بمزيد من "الرصاص" في معركته ضدّ إدارة أوباما بشكل عام، وفي الملف الإيراني بشكل خاص.
غير أن نشاط اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة "إيباك" أثار في الأيام الأخيرة غضباً في البيت الأبيض وصل ذروته عندما تبين أن المنظمة قامت أخيراً بتمويل رحلة أكثر من 700 ناشط غالبيتهم من اليهود الأميركيين، وتحديداً الحاخامات، إلى واشنطن، على نفقتها الخاصة بغرض تسهيل مهمة ممارسة الضغوط على النواب الأميركيين في الكونغرس للتصويت ضدّ الاتفاق. وتموّل المنظمة الحملة ضدّ الاتفاق، والتي تقوم على تبني طعون نتنياهو القائلة بأن الاتفاق يعرض أمن إسرائيل للخطر ويستهدفها تحديداً بفعل تصريحات إيرانية لإبادة إسرائيل.
اقرأ أيضاً: رهان إسرائيلي على قوة أميركا "الناعمة" لمواجهة إيران
وكانت خطوة "إيباك" الأخيرة بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير الأميركي، خصوصاً بعدما رفض هؤلاء إعطاء فرصة كاملة لويندي شيرمان التي مثلت الولايات المتحدة في المفاوضات مع إيران، كي تشرح حقيقة الاتفاق مع إيران، أمام هؤلاء الناشطين، وتذرّعوا بضيق الوقت مكتفين بمداخلة قصيرة لها.
وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فقد بلغ الغضب بأوباما حداً استدعى فيه في نهاية الأسبوع عدداً من نشطاء قادة اللوبي الصهيوني للقاء في المكتب البيضاوي، وبّخهم فيه بشدّة، وتحدث معهم بلهجة كان التهديد فيها بارزاً وواضحاً للجميع. وقالت الصحيفة إن أوباما نقل لهم رسالة واضحة للغاية مفادها "عليكم أن تكفوا عن بث الأكاذيب بشأن الاتفاق مع إيران ووقف الدعاية ضدّ الاتفاق".
وهدفت رسالة أوباما إلى التخفيف من وطأة الانطباع الذي قد يتبلور عند المواطن الأميركي بأن يهود الولايات المتحدة يدعمون تدخل قائد أجنبي ضدّ سياسة الرئيس الأميركي المنتخب، مما يقطع الطريق على أوباما أمام اتهام نتنياهو بتأليب مواطنين أميركيين ضدّ رئيسهم لمجرد كونهم من اليهود.
في المقابل، أشار تقرير "يديعوت أحرونوت" إلى أن هذه المسألة هزت أركان الجماعات اليهودية الفاعلة، وأدت إلى حدوث شرخ فيما بينها، بحسب ما نقلت عن رئيس مؤتمر اليهود الديمقراطيين جريغ روزنباوم، وهو أحد أعضاء نادي المتبرعين للوبي الصهيوني "إيباك".
وقال روزنباوم إنّ قسماً من يهود الولايات المتحدة يؤيدون الاتفاق والقسم الآخر يعارضه. وكشف أن أوباما أبلغ ناشطي وقادة "إيباك" أنه إذا لم تتم المصادقة على الاتفاق ستُتّهم الولايات المتحدة بإفشاله وستواصل إيران نشاطها النووي، وعندها ستمارس على الرئيس ضغوط لإطلاق عملية عسكرية، لكن إيران لن تهاجم الولايات المتحدة، بل ستوجه صواريخها ضد إسرائيل ودول عربية.
ورأى روزنباوم أن إفشال الاتفاق يجر إلى تجميد العلاقات بين تل أبيب وواشنطن، لكنه أيضاً سيكون وبالاً على يهود الولايات المتحدة، ويفتح الباب أمام حملة من المناهضة لليهود على أساس معاداة السامية، خصوصاً وأن هناك كثيراً من الأميركيين غير اليهود، الذين يرون زعيماً أجنبياً يحاول فرض إملاءاته على الرئيس الأميركي وهو يهودي.