أوباما يستند على قوانين بوش في الحرب ضدّ "داعش"

14 سبتمبر 2014
جدل حول مدى استمرار صلاحية التفويض الذي ناله بوش(Getty)
+ الخط -
يستند الرئيس الأميركي باراك أوباما، دولياً في حربه على تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى موافقة الحكومة العراقية المسبقة واستنجادها بالولايات المتحدة لتوجيه ضربات لتنظيم "داعش". وهو بذلك لا يواجه مشكلة حقيقية على الصعيد الدولي أو اتهامات جادة بتجاوزه للقانون الدولي، ولكن المشكلة التي يواجهها أوباما داخلية في الدرجة الأولى، إذ يُتّهم من قبل معارضيه بأنه تجاوز الكونجرس الأميركي عند إعلانه الحرب على "داعش"، ولا يملك أي سند قانوني يبرر استخدامه للقوات العسكرية الأميركية من دون تفويض من الكونجرس.

ولهذا السبب حرص الرئيس الأميركي في خطاب توسيع الحرب على "الدولة الإسلامية" على إيضاح أمرين اثنين للشعب الأميركي يتعلقان بصورة أو بأخرى بالسند القانوني للحرب. الأمر الأول أن"داعش" ليس دولة وإنما تنظيم كان تابعاً لـ"القاعدة". أما الأمر الثاني فيتمثل في أن "الحرب على داعش تأتي ضمن الحملة الشاملة على الإرهاب (التي أطلقها الرئيس السابق جورج بوش الابن بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على نيويورك وواشنطن)، وليست ضمن الحرب على العراق".

هذا الحرص على ذكر تنظيم "القاعدة" والحملة على الإرهاب جاء ليؤكد افتقاد أوباما للسند القانوني لتبرير الحرب على "داعش"، وأنه يستند بالدرجة الأولى على القانون رقم 40 الصادر عن دورة الكونجرس رقم 107 في 18 سبتمبر/أيلول 2001 المعروف باسم "قانون التفويض باستخدام القوة العسكرية ويرمز له اختصاراً بـ"أي يو أم أف".

أما الضربات الجوية التي بدأها أوباما ضد "داعش" في العراق، فقد جاءت بناءً على قرار رئاسي من أوباما وليس عن طريق تفويض من الكونجرس. وهذا لا يعني أن الأخير يرفض منح أوباما التفويض، ولكن الكونجرس منقسم حزبياً، ولن يمنح الرئيس الأميركي تفويضاً مفصّلاً على المقاسات التي تريدها الإدارة، بل سيكون التفويض إن صدر بمثابة تكليف بشنّ حرب شاملة كما يريد الجمهوريون، أو تفويضاً مقيداً بشروط معرقلة كما يريد معارضو الحرب، وربما لا هذا ولا ذاك ليستمر الجدل وقتاً طويلاً داخل الكونجرس إلى أن يضرب "داعش" بقوة، ويدفع أوباما ثمناً فادحاً للتأخير من رأسماله السياسي.

ولهذا السبب فإن الرئيس الأميركي المتخصص في القانون، يعتقد أن موافقة الكونجرس على إجراءاته العسكرية ضد "داعش" أمر اختياري، ترحّب به الإدارة وليس أمراً حتمياً يجب الحصول عليه، وكل ما على أوباما، بحسب هذا النهج، إحاطة الكونجرس أولاً بأول عن إجراءاته وفقاً لما يفرض عليه الدستور، ولكنه لن يسعى للاستئذان المسبق من الكونجرس.

ولكن هذا النهج لن يمرّ في مجلس الشيوخ مرور الكرام، فقد بدأ الجدل في الوسط السياسي الأميركي وفي الصحافة حول المشروعية القانونية لتجاوز أوباما السلطة التشريعية في حربه على "داعش".

ويجادل معارضو أوباما بأن التنظيم لم يكن له وجود في 11 سبتمبر 2001، فيرد عليهم مسؤولون في البيت الأبيض بأن "داعش" كان معروفاً وقت الهجمات باسم "جماعة التوحيد والجهاد"، فيقول المعارضون إن الجماعة لم يكن لها علاقة بـ"القاعدة". ويستمر الجدل بأن الجماعة أعلنت البيعة للقاعدة في 2004 وأصبحت تعرف باسم "القاعدة في العراق".

كما يتطرق الجدل إلى نص قانون التفويض الذي منحه الكونجرس لبوش الابن، وبأن نصوصه استخدمت الفعل الماضي في الحديث عن المستهدفين بالضرب بالقول إنهم "كل من خطط وبرر أو تعهد، أو ساعد على، أو احتضن...". ومعنى ذلك أن المقصودين هم المسؤولون عن الهجمات وليس صحيحاً أن القانون صالح لكل زمان ومكان.

وتتفق الخبيرة القانونية في كلية كاردوزو للقانون ديبورا بارليشتاين، مع الرأي القائل إن التفويض الذي حصل عليه بوش غير صالح للاستخدام في عهد أوباما ضد "داعش" على وجه التحديد. ويؤكد ذلك محامي بوش السابق جاك جولد سميث، في مقال له في مجلة "تايمز" قائلاً إن تبريرات أوباما غير مقنعة. ولكن المستشار القانوني السابق لوزارة الخارجية الأميركية هارولد كوه يدعم رأي أوباما بالقول إن صفة التنظيمات ذات العلاقة بـ"القاعدة" يُقصد بها أي تنظيم مسلّح شارك في الحرب والعداء ضد الولايات المتحدة حتى وإن لم يكن تابعاً له، وهذا التعريف ينطبق على "داعش" تماماً.

وبغض النظر عن الجدل القانوني الدائر فإن الجدل السياسي والمالي هو الحاسم، إذا أن أوباما يُدرك جيداً أنه يستند إلى مبررات سياسية قوية، لعل من أهمها الحماسة التي يبديها رموز الحزب الجمهوري في الكونجرس لحرب "داعش". ويعي أيضاً أن معارضتهم لإجراءاته ليست لأنهم ضد هذه الإجراءات، ولكن لأنهم يعتبرونها غير كافية.

كما يدرك أوباما أن النواب، إذا أرادوا مطالبته بأي إجراءات أكثر قوة، فإن عليهم الإيفاء بمتطلباتها المالية. وإذا كان الدستور الأميركي يجيز للرئيس إعلان الحرب في كثير من الحالات لحماية الأميركيين، فإن الرئيس دوماً ما يكون مقيداً بموافقة الكونجرس على التمويل، وعليه في النهاية أن يرضيه.

على الأرجح، سيحاول أوباما قدر الإمكان، الابتعاد عن الجدل مع الكونجرس حتى الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، موعد الانتخابات النصفية للتجديد لأعضاء الكونجرس، وبعد ذلك ستكون قراراتهم أكثر حكمة وبعيدة عن جو المهاترات الحزبية والحملات الانتخابية.