دوّنت أم صهيب، يوم 15 فبراير/شباط الماضي، على "فيسبوك" إن "صهيب على الإسفلت يا بشر"، معلنة من خلالها انتهاء ثلاث سنوات هي مدة سجنه، تمنّت "ذهاب الأسْر وبقاء الأجر".
أم صهيب، والدة الشاب صهيب عماد، الذي دخل السجن طفلا، لم يكمل 15 عاما، وخرج منه رجلا تخطّى الثامنة عشرة، وألقي القبض عليه لمشاركته في مسيرة مناهضة للحكم المصري الحالي، وداعمة للرئيس المصري المعزول، محمد مرسي، مع صديقه الذي سقط أمامه شهيدا.
واعتقلته قوات الأمن المصرية من منزله مع 16 معتقلا آخرين، معظمهم أطفال، ووجهت له تهم "التخطيط لحرق سيارة شرطة، وتكوين خلية لمقاومة واستهداف الشرطة، وحيازة مولوتوف، والانتماء لجماعات وتنظيمات إرهابية تسمى ألتراس ربعاوي، وعفاريت ضد الانقلاب، ومجموعة 19 يوليو"، وأحالتهم إلى النيابة التي قررت حبسهم 15 يوما، واستمرت في التجديد لهم بموجب الحبس الاحتياطي مدة 9 شهور، حتى أحيلت القضية إلى محكمة الجنايات التي قضت بحبسهم ثلاث سنوات.
داخل محبسه، أصيب صهيب بروماتيزم في ركبته اليمنى، ولم تنجح العقاقير في شفائه حتى أجريت له جراحة في أغسطس/آب 2014، ومنذ ذلك التوقيت وهو يذهب إلى جلسات المحاكمة على كرسي متحرك.
صمدت أم صهيب أمام ما جرى لابنها، وحكت عن مأساة تعذيبه على يد قوات الأمن، وعن أوضاع حبسه داخل حجرة صغيرة بقسم ثاني المنصورة، وعدم قدرته على التحرك بدون مساعدة.
وأوضحت أنه عند السابعة والنصف من صباح يوم 11 فبراير 2014، داهمت قوات الأمن منزلهم وألقت القبض على صهيب وشقيقه بلال بدون إذن نيابة، بعد تحطيم المنزل وتكسيره، وسرقة اللابتوب والتليفونات المحمولة الخاصة بهم.
وتابعت أنه عقب إلقاء القبض على صهيب وإيداعه محبس قسم ثاني المنصورة، والإفراج عن شقيقه الأصغر بلال، أرسل صهيب خطابا لأهله وأصدقائه قال فيه: "إذا أحب الله عبدا ابتلاه... ازيّكم؟ يا رب تكونوا بخير دايما، أنا الحمد لله بحاول أنسى وأسامح أي حد زعلني في حاجة قبل كده علشان المسامح كريم، وأي حد زعلان منّي أحب أقول له: أنا آسف".
وأضاف في رسالته: "أنا بقيت بصلّي كل الصلوات في وقتها، وأقرأ كل يوم وِرد قرآن، أنا الحمد لله بقيت كويس، والمكان اللي أنا فيه كويس والناس كويسين وبنتعامل كويس، علشان محدش قادر علينا أصلا".
حرصت والدة الطفل المعتقل على إيصال صوته ورسائله عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتواصلت مع عدد من منظمات المجتمع المدني داخل مصر وخارجها، للتعريف بقضيته، كما تبنّت القضية الكبرى "اعتقال الأطفال والتنكيل بهم في السجون".
تحوّل حساب "أم صهيب" على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إلى ساحة تعبّر فيها عن آلامها وآلام أمهات المعتقلين في مصر. شاركت، على مدار ثلاث سنوات، مدة حبس ابنها، في نشْر تفاصيل حبسه وحبس الأطفال المعتقلين معه على ذمة القضية ذاتها. كما نشرت العديد من الصور التي جمعتها به خلال فعاليات جلسات المحاكمة والزيارات، وهو جالس على كرسيه المتحرك.
ناضلت أم صهيب، على مدار ثلاث سنوات، وحملت راية أمهات الشهداء والمعتقلين في مصر، وتردد اسمها كواحدة من أبرز المدافعات عن الحقوق والحريات في مصر.
كتبت منذ فترة وجيزة "ألف تحية لأخواتي أمهات مجموعة 31 أحكام. قلبي معاكي. أنا جربت اليوم دا، وصدقيني حبيبتي هيتنسى بسرعة لما تعرفي جزاؤه. ألف تحية لأخواتي أمهات وزوجات المعتقلين في برج العرب، قلبي معاكم والله انتو الفائزين". وفي رسالة أخرى كتبت "هذه الأيام أعاني من اضطراب نفسي. وسبحان الله لا أدري هل لطول غياب صهيب الغالي الذي طال شوقي إليه لكي يعيش معي، أم للظروف التي يعيشها. واليوم بالذات كان صعبا عليَّ جدا حيث كنا في زيارة صهيب الغالي وكانت الزيارة خاطفة. كان قلبي يتمزق ويحترق على الفراق".