أم باسل وسر الابتسامة
من أين لها هذه القوة لتبتسم وتزفّ عريسها بالزغاريد من دون أي دمعة؟ سُؤالٌ طرحته امرأة عربيّة من جيل أم الشهيد. الإجابة، لا يمكن تقديمها من دون سياق أوسع وأرضية ثقافية أوضح لأنه لا يُعرف تماماً مَن أثّر أكثر في مَن؛ العائلة في ابنها أم الابن في عائلته. لذلك، سنرى الأب يؤدّي التحيّة العسكريّة للجثمان، والأم تقول: "باسل مش أول فلسطيني بيروي الأرض بدمه، ومش رح يكون الأخير، وبطون نسائنا ولادة سباع".
في المقابل، يقول باسل في وصيته: "وأنا الآن أسير إلى حتفي راضياً مقتنعاً، وجدت أجوبتي، يا ويلي ما أحمقني، وهل هناك أبلغ وأفصح من فعل الشهيد".
هل هذا هو الانتماء للقضية، أن تكون العائلة ثورية؟ ربما التنشئة الفكرية، والسلوكيات اليومية، جعلت من باسل، ثائراً مواجهاً مقتنعاً بما يفعله. وهكذا الأم مقتنعة وواثقة أن ما فعله ولدها هو الأصح ونجح بمهمته، فيجب أن تضحك ولا تحزن.
لكن أين ألم الفراق وأنين الرحيل؟ أليست أماً تعبت في الحمل والولادة وربت وكبّرت؟ هي فعلت ذلك لأنها تريده عريساً على طريقته الخاصة، ولا بد أن قلبها يعتصر فخراً ووجعاً لكن كبرياءها منعتها من البكاء؛ هذا احتمال وارد وربما لا تستطيع الإجابة على فعلها حالياً. لذلك ستبقى ابتسامتها سراً مثل أسرار فلسطينية كثيرة.
لا يُعرف إن كانت والدة الشهيد، باسل، يعنيها يوم الأم، لكنها بكل تأكيد تهتمُّ لفلذّات كبدها وتنتظر مثل كل الأمهات معايدة؛ وعليه بالنيابة عن شباب وبنات فلسطين أعايد أم باسل ولو من خلف حدود وحواجز.