وقال الشيخ تميم، إن "تحقيق تسوية عادلة ودائمة تسمح بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية، يحتاج إلى شريك إسرائيلي للسلام. ولا يوجد شريك إسرائيلي لسلام عادل حالياً، ولا حتى لتسوية"، وذلك في ردّ على الرواية الإسرائيلية حول انعدام وجود شريك فلسطيني للسلام.
وأضاف في كلمته أمام في نيويورك، أنه "في هذه الظروف ثمة واجب دولي لا يمكن التهرب منه تجاه آخر مسألة استعمارية مفتوحة في التاريخ الحديث"، في إشارة إلى القضية الفلسطينية.
وأشار إلى أن "الصراع في الشرق الأوسط سيظل يمثّل تهديداً دائماً للأمن والسلم الدوليين لتأثيره المباشر على العديد من الأزمات التي تواجه المنطقة والعالم. وتظلّ القضية الفلسطينية قضيةَ شعبٍ شُرِّد من أرضه، وشعب واقع تحت الاحتلال، ولا يمكن تأجيل حلها العادل والدائم لجيل تالٍ" على حد تعبيره.
واعتبر أن "النشاط الاستيطاني المحموم والمُدان والانتهاكات المستمرة لحُرمة المسجد الأقصى، دليلاً واضحاً، ليس فقط على غياب إرادة السلام لدى إسرائيل، بل أيضاً على تحكم عناصر أصولية دينية قومية متطرفة بالسياسة الإسرائيلية".
وخاطب أعضاء مجلس الأمن: "انظروا إلى ما يجري في القدس! قوى دينية سياسية متطرفة تعتمد على تفسيرات حرفية لنصوصٍ عمرُها آلاف السنين من أجل تدنيس مقدسات شعب آخر واحتلال أرضه والاستيطان عليها، أليست هذه أصوليةً دينية؟ أليس هذا العنف إرهاباً تقوم به قوى دينية متطرفة؟.
وأضاف: "اسمحوا لي أن أوجه إلى أركان المجتمع الدولي عموماً رسالة بأن استمرار القضية الفلسطينية من دون حل دائم وعادل يعد وصمة عار في جبين الإنسانية".
ولفت الأمير تميم إلى أن "المجتمع الدولي مقصر في ما هو أقل من تسوية عادلة، فهو لم ينجح حتى في فرض إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان. لقد عقد مؤتمر دولي بمبادرة نرويجية خصيصاً لهذا الغرض. وتعهدت قطر بدفع مبلغ مليار دولار لعملية إعادة الإعمار، ونحن ماضون في تقديم المساعدات للقطاع حتى تنفيذ تعهدنا، ولكننا نتساءل: ماذا جرى للمؤتمر ومقرراته؟".
ودعا "المجتمع الدولي ممثلاً في مجلس الأمن القيام بمسؤولياته، باتخاذ موقف حازم يلزم إسرائيل باستحقاقات السلام وفي مقدمتها وقف كل أشكال الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتل ورفع الحصار الجائر عن قطاع غزة والالتزام بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية التي تقر للشعب الفلسطيني استعادة حقوقه الوطنية المشروعة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967م وفقاً لمبدأ حل الدولتين".
كما حذر من "ضياع الفرص، فالشعوب إذا وصلت إلى نتيجة مفادها أنه لا يوجد حل سلمي لهذه القضية فسوف تكون لذلك نتائج وخيمة لا يمكن توقعها على المنطقة والعالم".
اقرأ أيضاً: يوم النفير والرباط... شدّ الرحال للأقصى
سورية: حل سياسي ينهي الاستبداد
وبخصوص الملف السوري، قال الأمير تميم: "تتولَّد عن الأزمة السورية بأبعادها وتداعياتها الراهنة والمستقبلية نتائج كارثية على منطقة الشرق الأوسط، بل والعالم، في ظل استمرار الجرائم البشعة والأعمال الوحشية التي يرتكبها النظام بحق الشعب السوري، وتهديد كيان الدولة وشعبها، وخلق بيئة خصبة لتفاقم ظاهرة التطرف والإرهاب تحت رايات دينية ومذهبية وعرقية زائفة تهدد الإنسان والمجتمع والإرث الحضاري في سورية والمنطقة".
وأضاف: "في هذا السياق عبث النظام السوري بمفهوم الإرهاب، فسمى المظاهرات السلمية إرهاباً، ومارس هو الإرهاب الفعلي. وحين أوصلت أعمال القصف وقتل المدنيين الناس إلى تبني العمل المسلح، ودخلت بعض المنظمات غير الملتزمة بمطالب الثورة السورية ومبادئها فضاء العمل السياسي بدون استئذان، تحوّلت سورية إلى ساحة حرب؛ فحاول النظام أن يخيف المجتمع الدولي مِن البديل".
وشدد على أنه "كان على المجتمع الدولي أن يوقف المجازر في الوقت المناسب، ويوفّر الظروف للشعب السوري لإنتاج البديل العقلاني المدني العادل للاستبداد. وهل ثمة استبداد في العالم يعترف أن له بديلاً؟ وهل يمكن، أصلاً، أن ينمو البديل ويتطوّر في ظله؟".
واعتبر أن "تقاعس المجتمع الدولي عن اتخاذ القرارات والتدابير اللازمة لإنهاء هذه الكارثة يُعَدُّ جريمة كبرى"، مطالباً بـ"تفعيل وتعزيز دور الجمعية العامة باعتبارها الإطار الأوسع للتعامل مع قضايا الشعوب في ظل عجز أو تقاعس مجلس الأمن عن إيجاد الحلول العادلة لها".
كما دعا إلى "التعاون من أجل فرض حلٍ سياسيٍ في سورية، ينهي عهد الاستبداد ويُحِّلُ محلَّه نظاماً تعددياً يقوم على المواطنة المتساوية للسوريين جميعاً، ويُبْعد عن سورية التطرف والإرهاب".
وأضاف: "ليس السؤال إذا كان هذا ممكناً، فهذا ممكن إذا توفرت الإرادة لدى دول بعينها. إن السؤال المطروح علينا جميعاً هو: هل ترون أن استمرار الوضع الحالي في سورية ممكن؟ لقد تحول الصراع في هذا البلد إلى حرب إبادة وتهجير جماعي للسكان. ولهذا تبعات خطيرة على الإقليم والعالم كله، وحتى على الدول التي لا تستعجل الحل لأنها لا تتأثر بالصراع مباشرة، ولا تصلها حشود المهجرين".
اقرأ أيضاً: "الائتلاف" والفصائل المسلحة السورية يرفضون بقاء الأسد
الخلاف مع إيران سياسي لا طائفي
وحول الاتفاق النووي، أشار إلى أن هذا "الاتفاق بين إيران ومجموعة 5+1 هو خطوة إيجابية ومهمة. ونحن نتطلع بأمل أن يساهم في حفظ الأمن والاستقرار في منطقتنا، ولكننا نطالب بالانتقال إلى نزع السلاح النووي من المنطقة كلها، وكذلك أسلحة الدمار الشامل".
وأعتبر أن "العلاقات الثنائية بين قطر وإيران تنمو وتتطور باستمرار على أساس المصالح المشتركة، والجيرة الحسنة. ولا يوجد أي خلاف متعلق بالعلاقات الثنائية بين بلدينا".
وأضاف: "على مستوى الإقليم تتنوع المذاهب والديانات، ولكن لا يوجد برأيي صراع سني شيعي في الجوهر، بل نزاعات تثيرُها المصالح السياسية للدول، أو مصالح القوى السياسية والاجتماعية التي تثير نعرات طائفية داخلها؛ الخلافات القائمة برأيي هي خلافات سياسية إقليمية عربية إيرانية، وليست سنية شيعية".
وبحسب الأمير تميم، فإن هذه الخلافات "يمكن حلها بالحوار، والاتفاق بدايةً على قواعد تنظّم العلاقة بين إيران ودول الخليج على أساس عدم التدخل في الشؤون الداخلية. وقد آن الأوان لإجراء حوار هادف من هذا النوع بين دولٍ سوف تبقى دائماً دولاً جارةً، ولا تحتاج لوساطة أحد. ونحن مستعدون لاستضافة حوار كهذا عندنا في قطر".
وحول اليمن، أكد "وحدة اليمن وسلامة أراضيه وسيادته ودعْمَنا الشرعية واستكمال العملية السياسية، وفق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني في اليمن في يناير 2014، وإعلان الرياض في مايو 2015، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة ولاسيما القرار رقم 2216".
وبالنسبة للشأن العراقي، أوضح أن "استقرار العراق يتطلب توافقاً وطنياً عاماً بمنأى عن أي تدخلات خارجية وبمعزل عن أية تفرقة، طائفية كانت أم عرقية؛ ونأمل أن تتمكن الحكومة العراقية من الوفاء بمقتضيات الوفاق والمصالحة بين مختلف مكوّنات الشعب العراقي".
وقال: "لقد أثبتت التجربة في العراق واليمن أن حالة المليشيات خارج الشرعية لا تهدّد الدولة بحكم تعريف الدولة وحقها الحصري في تشكيل قوات مسلحة فحسب، بل هي حرب أهلية كامنة تتحول إلى حرب أهلية فعلية عاجلا أم آجلاً. وإن أي حل سياسي في العراق أو اليمن أو سورية أو ليبيا يجب أن يتضمن إنهاء الحالة المليشياوية خارج مؤسسات الدولة الشرعية. وهذا مكوّن رئيسي في أي تسوية جدية، فبدونه لا تستقر التسويات، ولا تغدو حلولاً حقيقية".
ودعا "القوى السياسية في منطقتنا إلى أن تنتبه لظاهرة خروج آلاف الشباب في أكثر من دولة عربية مؤخراً للمطالبة بالمواطنة أساساً للشراكة، رافضين تمثيلهم على أساس طائفي، وأن يشكلَّ التمثيل الطائفي غطاءً للفساد".
اقرأ أيضاً: العراق: تعبئة في صفوف المليشيات لاستهداف الوجود الأميركي
الإرهاب تغذى على القمع
وحول ظاهرة الإرهاب، أكد أمير قطر أن هذه الظاهرة "تضع بعواقبها الوخيمة تحديات سياسية وأمنية واقتصادية خطيرة أمام الدول والشعوب، ولا شك أن مناطق التوتر والصراع قد ساهمت في نشوء المنظمات الإرهابية، كما ساهم تقاعس المجتمع الدولي عن التصدي لبؤر التوتر والصراع في تهيئة البيئة الراعية لتنفيذ العمليات الإرهابية".
وأضاف أن "الإرهاب مصدره أفكار متطرفة لا تقبل أي حل وسط مع واقع الناس وإمكانياتهم؛ وهو ينتعش في ظروف اليأس وانسداد الأفق. لم ينشأ الإرهاب في منطقتنا في ظل سياسات تضمن للمواطنين العيش بكرامة وحرية، بل نشأ في ظل الاستبداد، وتغذّى على القمع والإذلال، وراكمَ الحقدَ والكراهية من التعذيب في السجون، واستفاد من فقدان الأمل من العمل السياسي السلمي".
اقرأ أيضاً: مؤتمر لتوحيد صفوف عشائر الأنبار في وجه "داعش"