03 نوفمبر 2024
أميركا وحرب العقوبات
الحلقة الجديدة من مسلسل شد الخناق الأميركي على إيران بدأت للتو، فالاستثناء من العقوبات الأميركية الممنوح لبعض الدول سينتهي حالاً، وقد حثّ وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الدول المعنية، الهند والصين وكوريا الجنوبية واليابان وتركيا وإيطاليا واليونان وتايوان، على البحث عن مورد آخر للبترول. وكان الرئيس الأميركي، ترامب، قد طلب من السعودية والإمارات رفع إنتاجهما النفطي، لتجنب أي صدمات في الأسعار قد تنتج عن زيادة الطلب من هذه البلدان بعد توقف التصدير النفطي الإيراني الذي يرغب ترامب بأن يجعله مساوياً للصفر.
تحرّك مؤشر أسعار النفط باتجاه الأعلى قليلاً، لكنه ما زال تحت حافة الثمانين دولاراً، ولم يكن رد فعل الدول المطلوب منها تطبيق العقوبات الأميركية متساوياً، ففي حين امتثلت اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، انتقدت الصين وتركيا والهند الخطوة الأميركية، وهذه الدول تستفيد من الظرف المفروض على إيران، فتحصل على النفط بسعر منخفض، وبآجال تسديد طويلة، ومن غير المؤكد أنها ستمتثل لقرارات أميركا، وإن كانت علاقاتها التجارية معها ستتأثر، فمن الممكن اللجوء إلى أسلوب المقايضة في الشراء مع إيران التي سترحب بهذه الطريقة التي تؤمن لها إفلاتاً من كماشة العقوبات. ولكن بالتأكيد لن يكون هناك مفرّ من التأثير على أداء الاقتصاد الإيراني الذي سيستمر في التراجع، إلى حين يحقق ترامب هدفه في إجبار إيران على تغيير سلوكها الحالي، والتوقف عن التدخل في دول المنطقة، أو جرّها إلى تفاوضٍ جديد تكون فيه الطرف الأضعف.
خلال حملته الانتخابية، لم يَبدُ ترامب رجلَ حروب، فقد جاهر مراراً برغبته في سحب كل قواته من العالم. وفي المقابل، أراد أن يستخدم الدبلوماسية الحارة للضغط على الأطراف المختلفة، فقد انسحب من عدة معاهدات دولية، ومنها معاهدة أسلحة نووية متوسطة مع روسيا، وفعّل لغة الضغط بالعقوبات، واستفاد من نفوذ أميركا العالمي لإحكامها. وهو في حالة إيران يرغب بتخفيض التصدير النفطي الإيراني، حتى يشارف اقتصادها على الانهيار، فتحقق أميركا ما تريد من دون أن تطلق الرصاص.
انخفض بالفعل الإنتاج الإيراني، وعانى الاقتصاد كثيراً، وتراجعت قيمة العملة، ووصلت إلى مستوياتٍ دنيا قياسية، وتحرّك الشارع في بعض الأماكن، نتيجة ضعف الاقتصاد. مع ذلك، لم ينسحب الإيرانيون من المعاهدة النووية، فكسب ترامب معركة تكتيكية مهمة، وهي التزام إيران، وإن بالحد الأدنى، بما تريده أميركا، وطالب بمزيد عبر العقوبات، لكن النظام العالمي لا يعمل كما يريد ترامب، فهناك أقطاب أخرى تستفيد من الوضعية الإيرانية، وتحقق مكاسب من هذا الوضع، منها الصين والهند، وهما ترتبطان بأميركا بمبادلات تجارية واقتصادية مهمة، ولكن يمكنهما مناورة القرارات الأميركية.
تطبيق العقوبات أسلوب غربي تبنّته الأمم المتحدة بتشجيع أميركي، بعد سقوط الكتلة الشيوعية، وما بدا بعدها هيمنة أميركية على العالم، وطُبقت العقوبات فيما مضى على عدة دول، منها العراق وليبيا وكوريا الشمالية وروسيا وإيران. وكانت العقوبات تتم بشكل إفرادي من أميركا أو بتحالف مع دول غربية أو مع الاتحاد الأوروبي، ولكن التاريخ القصير لأسلوب العقوبات لم يقدّم معطيات مشجعة، فآثاره السلبية والجانبية كثيرة، وبعضه يستثير منظمات إنسانية وحقوقية ذات صوت مسموع، ونتائجه لا تطاول الطبقة السياسية المستهدفة، بل تؤثر على قطاعات شعبية كبيرة، فيؤدي، في بعض الأحيان، غرضاً معاكساً، حين تستفيد الطبقة السياسية وتتاجر بمثل هذه الأزمات، ولكن ترامب يلجأ إليها محاولاً الابتعاد قدر الإمكان عن قعقعة السلاح، فيما يدفع مستشاره للأمن القومي جون بولتون باتجاه الحروب، ولديه أمثلة تاريخية استعملت فيها أميركا السلاح، وجنت ثماراً. ولكن حرباً حالية ضد إيران يمكن أن تسفر عن كارثةٍ على مستوى الإقليم، ويبقى احتمال قيامها ضئيلاً، ومن المستبعد أيضاً أن تفلح عقوبات ترامب في تغيير السلوك الإيراني.
تحرّك مؤشر أسعار النفط باتجاه الأعلى قليلاً، لكنه ما زال تحت حافة الثمانين دولاراً، ولم يكن رد فعل الدول المطلوب منها تطبيق العقوبات الأميركية متساوياً، ففي حين امتثلت اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، انتقدت الصين وتركيا والهند الخطوة الأميركية، وهذه الدول تستفيد من الظرف المفروض على إيران، فتحصل على النفط بسعر منخفض، وبآجال تسديد طويلة، ومن غير المؤكد أنها ستمتثل لقرارات أميركا، وإن كانت علاقاتها التجارية معها ستتأثر، فمن الممكن اللجوء إلى أسلوب المقايضة في الشراء مع إيران التي سترحب بهذه الطريقة التي تؤمن لها إفلاتاً من كماشة العقوبات. ولكن بالتأكيد لن يكون هناك مفرّ من التأثير على أداء الاقتصاد الإيراني الذي سيستمر في التراجع، إلى حين يحقق ترامب هدفه في إجبار إيران على تغيير سلوكها الحالي، والتوقف عن التدخل في دول المنطقة، أو جرّها إلى تفاوضٍ جديد تكون فيه الطرف الأضعف.
خلال حملته الانتخابية، لم يَبدُ ترامب رجلَ حروب، فقد جاهر مراراً برغبته في سحب كل قواته من العالم. وفي المقابل، أراد أن يستخدم الدبلوماسية الحارة للضغط على الأطراف المختلفة، فقد انسحب من عدة معاهدات دولية، ومنها معاهدة أسلحة نووية متوسطة مع روسيا، وفعّل لغة الضغط بالعقوبات، واستفاد من نفوذ أميركا العالمي لإحكامها. وهو في حالة إيران يرغب بتخفيض التصدير النفطي الإيراني، حتى يشارف اقتصادها على الانهيار، فتحقق أميركا ما تريد من دون أن تطلق الرصاص.
انخفض بالفعل الإنتاج الإيراني، وعانى الاقتصاد كثيراً، وتراجعت قيمة العملة، ووصلت إلى مستوياتٍ دنيا قياسية، وتحرّك الشارع في بعض الأماكن، نتيجة ضعف الاقتصاد. مع ذلك، لم ينسحب الإيرانيون من المعاهدة النووية، فكسب ترامب معركة تكتيكية مهمة، وهي التزام إيران، وإن بالحد الأدنى، بما تريده أميركا، وطالب بمزيد عبر العقوبات، لكن النظام العالمي لا يعمل كما يريد ترامب، فهناك أقطاب أخرى تستفيد من الوضعية الإيرانية، وتحقق مكاسب من هذا الوضع، منها الصين والهند، وهما ترتبطان بأميركا بمبادلات تجارية واقتصادية مهمة، ولكن يمكنهما مناورة القرارات الأميركية.
تطبيق العقوبات أسلوب غربي تبنّته الأمم المتحدة بتشجيع أميركي، بعد سقوط الكتلة الشيوعية، وما بدا بعدها هيمنة أميركية على العالم، وطُبقت العقوبات فيما مضى على عدة دول، منها العراق وليبيا وكوريا الشمالية وروسيا وإيران. وكانت العقوبات تتم بشكل إفرادي من أميركا أو بتحالف مع دول غربية أو مع الاتحاد الأوروبي، ولكن التاريخ القصير لأسلوب العقوبات لم يقدّم معطيات مشجعة، فآثاره السلبية والجانبية كثيرة، وبعضه يستثير منظمات إنسانية وحقوقية ذات صوت مسموع، ونتائجه لا تطاول الطبقة السياسية المستهدفة، بل تؤثر على قطاعات شعبية كبيرة، فيؤدي، في بعض الأحيان، غرضاً معاكساً، حين تستفيد الطبقة السياسية وتتاجر بمثل هذه الأزمات، ولكن ترامب يلجأ إليها محاولاً الابتعاد قدر الإمكان عن قعقعة السلاح، فيما يدفع مستشاره للأمن القومي جون بولتون باتجاه الحروب، ولديه أمثلة تاريخية استعملت فيها أميركا السلاح، وجنت ثماراً. ولكن حرباً حالية ضد إيران يمكن أن تسفر عن كارثةٍ على مستوى الإقليم، ويبقى احتمال قيامها ضئيلاً، ومن المستبعد أيضاً أن تفلح عقوبات ترامب في تغيير السلوك الإيراني.