ألمانيا تقود "وحدة أوروبا" ضد بريطانيا

26 يونيو 2015
ملكة بريطانيا (يسار) مع الرئيس الألماني (وسط) (هانيلور فورستر/Getty)
+ الخط -
اليونان تبحث عن حلّ لأزمتها المالية، بالتزامن مع بحثها مع إيطاليا ومالطا عن مخرج لأزمة آلاف المهاجرين، المتدفقين من جنوب وشرق المتوسط. بريطانيا تهدد بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي ما لم يُستجب لمطالبها في إصلاح بنيته. ألمانيا تخشى تفكّك الاتحاد وفشل مشروع الوحدة الأوروبية. الجميع متخوّفون على الأمن الأوروبي من سياسات روسيا في الشرق، وتمدد خطر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في الجنوب. وفي ظلّ الحالة الصعبة التي لا تُحسد عليها أوروبا، وجّهت ملكة بريطانيا، إليزابيث الثانية، يوم الأربعاء، ومن العاصمة الألمانية برلين، دعوة لأوروبا لتفادي الانقسام الخطير في القارة.

وتحاول الملكة إليزابيث الثانية التي تقوم بزيارة رسمية إلى ألمانيا، رسم خط أحمر للمفاوضات الدائرة بين اليونان والاتحاد الأوروبي، مستبقة جولة المفاوضات التي سيباشرها رئيس وزراء حكومة بريطانيا، ديفيد كاميرون مع نظرائه في الاتحاد.

وكان كاميرون قد توجه إلى بروكسل (مقرّ الاتحاد الأوروبي) للشروع في مفاوضات تحدد مستقبل العلاقة بين بلاده والاتحاد، مصرّاً من خلالها على ضرورة تصحيح العلاقة، قبل تنظيم استفتاء شعبي قبل نهاية عام 2017 أو في خريف عام 2016، يُحدّد من خلاله البريطانيون موقفهم من البقاء في الاتحاد أو الانسحاب منه.

ويسعى كاميرون إلى استعادة بعض السلطات من بروكسل، وعلى رأسها استرداد القدرة على الحدّ من هجرة الأوروبيين إلى بريطانيا، وتشديد شروط الاستفادة من المساعدات الاجتماعية على المهاجرين في الاتحاد الأوروبي، لا سيما الوافدين من دول الشرق. وهو ما يثير حفيظة دول بولندا ورومانيا والمجر، كما يُنتظر أن يلقى معارضة قوية من دول مثل فرنسا وألمانيا.

ويخوض كاميرون معارك عدة لمواجهة تزايد أعداد المهاجرين في البلاد. تقضي المعركة الأولى بـ"ادخال تشريعات جديدة تُقلّل من جاذبية بريطانيا للمهاجرين، وتزيد من صعوبة العمل بها بشكل شرعي". على أن تُستكمل المعركة بـ"التفاوض مع قادة الاتحاد الأوروبي حول مبدأ حرية الحركة وتقليل أعداد الوافدين من دول أوروبا الشرقية". 

أما المعركة الأقسى، والتي باتت كابوساً يُؤرق حكومة لندن، فيتعلق بتدفق المزيد من المهاجرين غير الشرعيين من معبر كاليه الفرنسي الى الأراضي البريطانية في ميناء دوفر. وقد صدمت الصور التي تناقلتها وسائل الإعلام العالمية خلال اليومين الماضيين، وتظهر عشرات اللاجئين وهم يحاولون التسلل إلى بريطانيا عبر الاختفاء داخل شاحنات النقل المتجهة من فرنسا إلى ميناء دوفر، رئيس الوزراء البريطاني، الذي يبدو أكثر إصراراً على إجبار السلطات الفرنسية على ضبط الحدود.

اقرأ أيضاً: رسم سياسة دفاعية موحدة أولوية القمة الأوروبية

وقد صرّح كاميرون قبيل توجهه إلى قمة بروكسل الأوروبية، بأن "المملكة المتحدة بحاجة إلى تعزيز إجراءات الأمن في كاليه، والعمل مع الشركاء الأوروبيين لمواجهة مشكلة المهاجرين في مصدرها". وأوضح أنه "يفكر في وضع المزيد من الضباط عند هذا المنفذ، بالإضافة إلى زيادة أعداد الكلاب البوليسية هناك". وتُفيد معلومات السلطات البريطانية أن "نحو ثلاثة آلاف مهاجر يعيشون حول كاليه الفرنسية، بانتظار الفرصة لعبور نفق المانش الذي يربط بين فرنسا وبريطانيا". وكانت الحكومة البريطانية قد تعهّدت العام الماضي بتخصيص 19 مليون دولار لمساعدة فرنسا على علاج مشكلة المهاجرين غير الشرعيين، الذين يحاولون دخول بريطانيا عبر كاليه.

وإن كان بعضهم يراهن على إمكانية استفادة كاميرون من الظروف الصعبة، التي يمر بها الاتحاد الأوروبي لفرض شروطه، إلا أن رئيس البرلمان الأوربي مارتن شولتز، استبعد أمس الخميس، تنفيذ مطالب كاميرون، بإجراء إصلاحات في معاهدة الاتحاد لضمان بقاء بريطانيا فيه.

وأضاف بأن "ليست هناك أي فرصة لنجاح هذه المطالب". ونقلت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية عن شولتز قوله، إن "هناك شبه إجماع بين القادة الأوروبيين على معارضة آمال رئيس الوزراء البريطاني، بعرقلة المسيرة نحو اتحاد أكثر تقارباً وتكاملاً".

وأعرب السياسي الألماني عن دهشته من المطالب البريطانية، مستبعداً أي إمكانية لتغيير معاهدة الاتحاد. ودعا شولتز رئيس الوزراء البريطاني للقتال من أجل الحفاظ على مكانة بريطانيا بين الدول الـ 28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وألا يبقى "رهينة" لنواب حزبه المتشككين تجاه أوروبا والراغبين في إخراج بريطانيا من الاتحاد.

ليس جديداً أن تبحث القمة الأوروبية التي بدأت أعمالها أمس في بروكسل هذا الكم من الملفات الشائكة، وليس جديدا الحديث عن مفاوضات شاقة على طريق تصحيح العلاقات البريطانية الأوروبية، ولكن الجديد أن كل هذه الملفات تحتاج الى حلول عاجلة، وربما عاجلة جداً، لا يبدو أن القارة العجوز متوافقة عليها حتى اللحظة.

اقرأ أيضاً سياسة الجوار الأوروبي: العرب شركاء أيضاً

المساهمون