عصابات تنهب مساعدات غزّة تحت حماية جيش الاحتلال

20 نوفمبر 2024
قوافل المساعدات إلى غزة في معبر كرم أبو سالم، 14 مارس 2024 (Getty)
+ الخط -

آخر عملية نهب طاولت 98 شاحنة من أصل 109

أحد زعماء العصابات يدعى ياسر أبو شباب والآخر شادي الصوفي

زعماء العصابات المتورطون بالنهب كانوا ملاحقين من حماس قبل الحرب

يقود زعيما عصابات، أحدهما تاجر مخدرات والآخر تورط سابقاً بالعمل مع "داعش"، عمليات النهب الأكبر والأكثر نشاطاً لقوافل المساعدات إلى غزة ما أدخل القطاع بأزمة غذاء كارثية وعزز من مخاطر حدوث المجاعة، وفق تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" ومعلومات أوردها صحافي من غزة. ويعمل الزعيمان اللذان كانا ملاحقين من قبل أمن حركة حماس قبل الحرب، مع مئات من اللصوص تحت حماية من جيش الاحتلال الإسرائيلي وفي مناطق انتشاره قرب معبر كرم أبو سالم، الذي يمثل نقطة الدخول الرئيسية لقوافل الإغاثة، في وقت يتهم فيه قادة الحكومة الإسرائيلية الحركة الفلسطينية بنهب المساعدات.

وتمر عملية إدخال المساعدات إلى غزة بمرحلة حرجة مع تصاعد عمليات السلب، آخرها الاستيلاء على 98 شاحنة من أصل 109 كانت في طريقها من معبر كرم أبو سالم إلى القطاع المحاصر، وفقا لشهادات عدة نقلتها صحيفة "واشنطن بوست" عن عمال إغاثة وعاملين في المجال الإنساني وشركات نقل المساعدات إلى غزة وشهود عيان. وبسبب عملية النهب المنظمة الجارية حالياً، قالت الصحيفة إن "خطر المجاعة هو الأكثر شدة في الشمال، لكن السكان بالكامل يواجهون الآن انعدام الأمن الغذائي الحاد".

ووفق مذكرة داخلية للأمم المتحدة حصلت عليها الصحيفة، فإن زعماء العصابات، من بينهم أفراد مرتبطون بالجريمة المحلية في غزة، وأحدهم "أنشأ مجمعاً عسكرياً" في منطقة "مقيدة وخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي ودورياته".

ووفق تقرير الصحيفة، يصف مراقبون هذه العصابات بأنها منافسة لحماس وفي بعض الحالات استهدفت تشكيلات الأمن التابعة للحركة في قطاع غزة. وأشارت الصحيفة إلى أن الأفراد الذين ظهروا في البداية بشكل عشوائي لسرقة المساعدات بسبب الوضع اليائس في غزة وانعدام الغذاء، تحولوا إلى عصابات كبيرة تقود مئات الأفراد من اللصوص وتحمل أسلحة نارية وتعمل على استهداف عمال الإغاثة وقتل وإصابة واختطاف سائقي شاحنات.

واستهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي مراراً عبر غارات جوية دوريات الشرطة المدنية التابعة لحماس في شتى مناطق قطاع غزة في فترات ماضية من الحرب، ما أسفر عن استشهد العشرات منهم. وكانت هذه الدوريات تعمل على وجه الخصوص في بسط الأمن وتأمين المساعدات في حين تتهمها إسرائيل بسرقة المساعدات لصالح حركة حماس. وحسب الصحيفة، أقرّ المسؤولون الإسرائيليون "الذين كثيراً ما اتهموا حماس بخطف المساعدات والشحنات التجارية لإثراء نفسها"، بأن "عائلات الجريمة كانت وراء بعض عمليات النهب".

تاجر مخدرات ومرتبط بداعش كانا في سجون حماس

ويظهر من خلال تتبع أكبر زعيمين للعصابات، وهما الأكثر شهرة ونفوذاً في عملية النهب وقيادة مجموعات اللصوص المسلحة بحماية جيش الاحتلال، أنهما كانا ملاحقين من قبل أمن حركة حماس في جرائم جنائية حتى قبل اندلاع الحرب.

أحد هؤلاء يدعى ياسر أبو شباب، ويتحدر من قبيلة الترابين البدوية الممتدة من سيناء إلى جنوب غزة إلى صحراء النقب. ونقلت الصحيفة عن رئيس جمعية النقل الخاصة في غزة ناهد شحيبر قوله إن الرجل الذي تعتقد جماعات الإغاثة أنه زعيم العصابة الأكثر نشاطاً قضى بعض الوقت في سجن حماس بتهم جنائية قبل الحرب.

ووفق تقرير الصحيفة، حددت مذكرة الأمم المتحدة الداخلية ياسر أبو شباب باعتباره "صاحب المصلحة الرئيسي والأكثر نفوذاً وراء النهب المنظم والواسع النطاق" لقوافل المساعدات إلى غزة. وقال ناهد شحيبر إن أبو شباب الذي يعمل من الجزء الشرقي من رفح يقود مجموعة تتألف من نحو "100 بلطجي" يهاجمون الشاحنات التي تحمل المواد الغذائية وغيرها من الإمدادات إلى غزة. ووصف كيف تقيم العصابة سواتر ترابية لقطع الطريق على القوافل على طول الطريق الذي تسيطر عليه إسرائيل من معبر كرم أبو سالم، حيث ينتظرون ببنادق الكلاشينكوف وغيرها من الأسلحة.

وقال لـ"واشنطن بوست" إنه "في حادثة وقعت في أوائل أكتوبر/تشرين الأول، هوجمت نحو 80 شاحنة من أصل 100 شاحنة تابعة لشحيبر، وسرق رجال أبو شباب البضائع الموجودة بداخلها". وأضاف أن العصابة قتلت أربعة من سائقيه منذ مايو/أيار، وكان آخرهم في هجوم وقع في 15 أكتوبر/تشرين الأول.

وفي مقابلة مع الصحيفة، اعترف أبو شباب بأنه وأقاربه "يأخذون من الشاحنات"، لكنه أصر على أنهم لا يلمسون "الطعام أو الخيام أو الإمدادات للأطفال".

أما الزعيم الآخر فيدعى شادي الصوفي وقد كان معتقلاً لدى حركة حماس بعدما قتل المواطن الغزي جبر القيق في يوليو/تموز 2020. وقال الصحافي من غزة محمد شحادة على "إكس" تحت عنوان: "إسرائيل تساعد الإرهابيين والمجرمين المرتبطين بتنظيم داعش على نشر الفوضى والمجاعة في غزة"، إن "شادي الصوفي، قاتل مطلوب وابن مخبر/متعاون مع إسرائيل، وياسر أبو شباب، تاجر مخدرات، هما أمراء الحرب الرئيسيون المسؤولون عن نهب معظم المساعدات تحت حماية جيش الدفاع الإسرائيلي".

وأضاف: "لقد شكلوا عصابات تضم أكثر من 200 مجرم مسلح و"أنشأوا مجمعًا عسكريًا" في "منطقة موت" فارغة تحت سيطرة جيش الدفاع الإسرائيلي بالكامل، حيث نهبوا فقط ليلة السبت الماضي حوالي 100 شاحنة مساعدات دفعة واحدة".

"ينهبون المساعدات إلى غزة أمام الدبابات"

وعلق قائلا: "بهذه الطريقة يمكن لإسرائيل أن تبرئ نفسها من المسؤولية عن سياسة التجويع المتعمدة في غزة وتقول: انظروا، نحن نسمح بدخول المساعدات إلى غزة، إنه خطأ حماس أن الطعام لا يصل إلى الناس"، مضيفاً أن جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي لا يطلقون النار أبدًا على أفراد العصابات هؤلاء وهم ينهبون المساعدات أمام الدبابات والقوات الإسرائيلية مباشرة في منطقة عسكرية مغلقة لا يُسمح لأي من سكان غزة بدخولها. وأردف: "لا يطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي النار إلا على رجال الشرطة المحليين كلما حاولوا منع النهب".

وأشار شحادة إلى أن شادي الصوفي فر إلى سيناء بمساعدة "داعش" وعاد إلى غزة خلال الحرب، موضحا أن زعيم العصابة المذكور قتل في عام 2020 جبر القيق، عضو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الذي حكمت عليه إسرائيل بالسجن المؤبد وسجنته لمدة 15 عامًا لقتله والد الصوفي خلال الانتفاضة الأولى بتهمة التجسس على الفلسطينيين لصالح إسرائيل.

وأضاف شحادة أن الصوفي أدين في محكمة في غزة وألقت الشرطة المحلية القبض عليه في عملية خاصة في أواخر عام 2020، قبل أن يفر من السجن بمساعدة مسلحين مرتبطين بداعش ويتم تهريبه من غزة إلى سيناء، ثم فر إلى النقب لكنه عاد إلى غزة مع التوغل البري لجيش الاحتلال الإسرائيلي. وقال شحادة إنه "أصبح الآن قائدًا مشاركًا للعصابات الإجرامية التي تنهب المساعدات وتخرب العمل الإنساني تحت حماية الجيش الإسرائيلي".

وحسب الصحافي شحادة، اعتقلت الشرطة المحلية في غزة ياسر أبو شباب عدة مرات في الماضي بتهمة تهريب المخدرات والاتجار بها، وهو ما تسهله غالبًا مجموعات تنظيم "داعش" في سيناء.

وفي الأيام الأخيرة، أعلنت وحدة أمنية تابعة لحماس تحمل اسم "سهم" عن قتل نحو 20 فرداً من عصابات اللصوص، بينهم 11 من أفراد عصابة أبو شباب، وفقاً لشحادة. وهددت الوحدة الأمنية بمزيد من الملاحقة لعصابات اللصوص.