وفي أول تصريح رسمي يدلي به برزاني، قال إن البشمركة ستعمل على "تحرير" المناطق الكردية فقط من سيطرة مسلحي "داعش"، ودعا العراقيين إلى "عدم التفرج على الأكراد والتحرك لتنظيم أنفسهم وتحرير مناطقهم"، وذلك يوم الجمعة الماضي.
وأبلغ برزاني، وهو المسؤول الأول عن قرار تحريك قوات البشمركة الكردية، نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، توني بلينكن، خلال اجتماع معه في مدينة دهوك على الحدود العراقية التركية، أن قوات البشمركة استعادت السيطرة على مناطق كانت في قبضة مسلحي "داعش"، وستقوم بـ"تحرير" المناطق الكردية المتبقية بقبضتها.
وأضاف برزاني أنه "يجب ألا ينتظر العراقيون أن تحلّ البشمركة محلهم في هزيمة (داعش)، لأننا سنحرر مناطقنا ولا يجوز أن يكونوا هم مراقبين عليهم أن يعيدوا تنظيم أنفسهم ويحرروا مناطقهم".
وتعدّ تصريحات برزاني انعكاساً لرأي الجزء الأكبر من الشارع الكردي في إقليم كردستان، الذي يرفض انخراط البشمركة في أي عمليات عسكرية خارج المناطق التي يعدّونها جزءاً من خريطة كردستان.
وازداد تحسس الأكراد إزاء العرب خلال الأعوام الأربعة الأخيرة منذ قررت بعض العشائر العربية في ديالى، نينوى، كركوك، وصلاح الدين، وهي مناطق لنفوذ العشائر العربية السنيةـ دعم مسلّحي "داعش" سواء بشكل طوعي أو مكرهين تحت ضغوط.
وتقول طالبة جامعية في مدينة اربيل عرّفت نفسها باسم باران، لـ"العربي الجديد"، "لا أريد أن يُقتل البشمركة من أجل تحرير مناطق العرب وأي أراضٍ ليست للأكراد، لديهم رجالهم ليحملوا السلاح ويحرروا مناطقهم. لقد فتحنا أبوابنا، وها هو إقليم كردستان يأوى مئات الآلاف من العراقيين العرب على أراضيه وهناك آلاف المسيحيين وغيرهم يوفّر لهم المأوى والعمل للكثير من أبنائهم، يشاركوننا مناطقنا وهذا يكفي".
أما المواطن ميلاد سامي، فيتساءل: "هل لدى البشمركة فكرة عن طبيعة المناطق العربية؟ لا أعتقد، أهل كل منطقة أدرى بها، وإذا ما تلقى أبناء كل منطقة التدريب الكافي والسلاح والعتاد سيقدرون على تحريرها".
ويضيف لـ"العربي الجديد": لقد "رأيت في بعض المناطق القريبة من مواقع التماس بين البشمركة ومسلّحي (داعش)، بين 20 إلى 25 من عناصر البشمركة في مواجهة داعش، لذلك لا اعتقد بتوفر القوات الكافية من عناصر البشمركة لإرسالها إلى الخارج للمساهمة بتحرير المناطق الأخرى. الأولوية لحماية اقليم كردستان".
وتقف العديد من المناطق التي سقطت بيد "داعش" مثل الموصل بانتظار تحركات للتحالف الدولي أو حكومة بغداد لإطلاق حملة عسكرية موسعة ضد المسلّحين، فيما يرى إقليم كردستان أنه يتحتّم على أبناء مدينة الموصل وعشائرها أن ينظّموا أنفسهم وتشكيل قوة لتحرير مدينتهم.
يقول برزاني إن "البشمركة أنهت مفعول المقولة التي تشير إلى أن داعش قوة لا يمكن هزيمتها، وعليه يجب زوال خوف العراقيين من المسلّحين ويبدأون بمهاجمة مسلّحي التنظيم".
ويرى الزعيم الكردي أن العراقيين بحاجة إلى "إعادة تنظيم الجيش العراقي بطريقة تتيح لكافة المكونات العراقية أداء دور ويكون للجيش أهداف يوافق عليها الجميع".
لكن تمسك الأكراد بعدم إرسال مقاتلي البشمركة إلى خارج مناطقهم ربما يتم إعادة النظر فيه إذا ما طلب الأميركيون منهم المشاركة في تحرير مناطق العرب والمسيحيين، وخصوصاً أنّ علاقات كردستان العراق بالولايات المتحدة تمرّ حالياً بأفضل مراحلها.
وينقل بيان لمكتب برزاني، صدر يوم الجمعة الماضي، عن بلينكن، قوله إن "أمام واشنطن وأربيل طريق طويل من التعاون مع دول التحالف الأخرى لهزيمة المسلّحين". ويضيف بلينكن: "نأمل أن تتم إعادة تنظيم الجيش العراقي ليتمكن من الوصول في مستواه القتالي وقدراته الهجومي إلى مستوى البشمركة".