ما زال زواج القاصرات من أبرز الملفات الاجتماعيّة الساخنة في أفغانستان. وتجد الحكومات الأفغانيّة المتعاقبة نفسها عاجزة، أمام ظاهرة دمّرت حياة آلاف الفتيات.
وعلى الرغم من أن القانون الأفغاني يحظّر زواج الفتيات دون السادسة عشر، إلا أن مؤسسة حقوق الإنسان تؤكد أن زيجات القاصرات تزايدت في السنوات الأخيرة بنسبة 40%، وأن الظاهرة منتشرة في كل الأقاليم. لكن الإشارة تجدر إلى أن وتيرة تلك الظاهرة تتفاوت من إقليم إلى آخر، وفقاً للعادات والأعراف المتبعة، وكذلك مستويات الوعي الشعبي.
جلالي (13 عاماً) من سكان جوزجان، كانت تتابع دراستها في الصف الخامس قبل أن يزوّجها والدها في العام الماضي من شخص يكبرها بعشرين عاماً، بالإضافة إلى أنه متزوّج أساساً من امرأة أخرى، ولديه ثلاثة أولاد. أما السبب، فالمهر المرتفع.
لكن، بعد عشرة أشهر من الزواج، أجبرت جلالي على العودة إلى منزل ذويها، بحجّة أنها لا تعرف كيف تتعامل مع زوجها وأنها لا تحسن تدبير الأمور المنزليّة. وقد اشتكت من تعرّضها إلى الضرب، ليس فقط من قبل زوجها، بل أقاربه أيضاً.
وفي حين ترفض المراهقة العودة إلى البيت الذي عرفت فيه أنواعاً من العذاب على مدى أشهر، ترغب والدتها صفيّة في حلّ الموضوع لتعود ابنتها إلى منزل زوجها. فالمجتمع الأفغاني لا يسمح لها بالزواج من شخص آخر، وبالتالي ليس أمامها إلا العودة.
جلالي ليست حالة معزولة. فآلاف الفتيات وقعن ضحيّة التقاليد وضغوط الحالة المعيشيّة المزرية. وتشير منظمات تُعنى بحقوق الإنسان إلى أن "أكثر من 50% من الزيجات في بعض المناطق، وخصوصاً في الأقاليم الجنوبيّة، تكون بطلاتها فتيات دون السادسة عشر". وتوضح أن معظم الأسر في المناطق القبليّة النائيّة تزوّج بناتها وهنّ صغيرات.
ومن الأعراف والتقاليد المتبعة، التي تتسبّب في انتشار زواج القاصرات، تقليد "سورا". وهو يأتي كتصفية للنزاعات التي تنجم عادة عن أحداث قتل عمد. فيتمّ تزويج عدد من بنات أسرة القاتل إلى رجال من أسرة القتيل. وعادة، تكون القاصرات هنّ الضحايا. والأسوأ من ذلك هو أن هؤلاء غالباً ما يتعرّضن إلى مضايقات، ويعشن طيلة حياتهنّ بعيداً عن أقاربهن، بحكم الأعراف.
وتؤكّد الناشطة في مجال حقوق المرأة شايسته خان أن "الفقر والأميّة إلى جانب الأعراف القبليّة تشكّل أبرز أسباب تفشي زواج القاصرات. فالفقراء يحاولون التخلص من أعباء بناتهم".
أما الأميّة، فتلعب من دون شكّ بحسب خان دوراً رئيساً في انتشار هذه الظاهرة، إذ إن 70% من الآباء أميّون يركنون عادة إلى الأعراف القبليّة في جميع أمور حياتهم، بما في ذلك تزويج البنات على الرغم من أنهم يدركون أن لهذه الظاهرة آثاراً عكسيّة على المجتمع.
ولا شكّ في أن زواج القاصرات يؤدّي إلى أضرار جمّة، ومنها ارتفاع نسبة الأميّة، إذ إن الفتاة بعد الزواج تُحرم من التعليم بهدف التفرّغ لشؤون المنزل والحمل ورعاية الأطفال. كذلك، فإنه يعرّضها إلى أمراض نفسيّة وعضويّة كثيرة بسبب الحمل المبكر، بالإضافة إلى ما تتحمله من أعباء منزليّة قبل الأوان.
من جهة أخرى، يتسبّب زواج القاصرات بتعرّض المرأة الأفغانيّة إلى العنف الأسري. وهو ينتهي في بعض الأحيان إلى الطلاق أو حتى القتل. وقد سجلت إدارة شؤون المرأة الأفغانيّة في إقليم قندهار 193 حادثة عنف أسري في عام 2013، أتت 70 في المائة من ضحاياها على فتيات تمّ تزويجهنّ وهنّ قاصرات.
هذا العام، تبدو الحال أشدّ سوءاً وفقاً لبيان أعدته الإدارة، وحصلت "العربي الجديد" على نسخة منه. فقد سجّلت أكثر من 200 حادث عنف أسري، معظم ضحاياها زوجات قاصرات.
ما هو حلّ هذه المعضلة الاجتماعيّة؟ يجيب المعنيّون أنه يكمن في تحسين الوضع المعيشي الذي من شأنه أن يساهم كثيراً في معالجة بعض الملفات الساخنة التي يعاني منها المجتمع الأفغاني، ومنها زواج القاصرات. يُضاف إلى ذلك تثقيف الآباء والأمهات كي يدركوا حجم الأضرار التي يخلفها تزويج بناتهم الصغيرات.
وفي هذا الإطار، نظّم معهد الدراسات العلميّة في قندهار بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) مؤتمراً شاركت فيه نحو 600 ناشطة حقوقيّة وعاملة في مجال حقوق المرأة في أفغانستان. وقد خرج المؤتمرون بقرار إطلاق حملة لمدة 16 يوماً، تنظم في خلالها دورات ومؤتمرات وندوات، بهدف تبيان أضرار زواج القاصرات وآثاره العكسيّة على المجتمع وعلى حياة المرأة.
ويقول هنا مدير معهد الدراسات العمليّة والناشط في مجال حقوق المرأة إحسان الله إحسان، إن زواج القاصرات ملف اجتماعي ساخن، وهو يعارض دستور البلاد، وكذلك تعاليم الدين الإسلامي.
من جهته، يشدّد شمس الدين تنوير، وهو مسؤول في مؤسسة حقوق الإنسان في أفغانستان، على أن "محو الأميّة بين النساء هو الخطوة الأهم. ونحن ندعو الآباء إلى تعليم بناتهم بدلاً من تزويجهنّ صغيرات". لكنه يوضح أن الأمر بحاجة إلى عمل كثير وعناية الحكومة الأفغانيّة وكذلك المجتمع المدني.
وعلى الرغم من أن القانون الأفغاني يحظّر زواج الفتيات دون السادسة عشر، إلا أن مؤسسة حقوق الإنسان تؤكد أن زيجات القاصرات تزايدت في السنوات الأخيرة بنسبة 40%، وأن الظاهرة منتشرة في كل الأقاليم. لكن الإشارة تجدر إلى أن وتيرة تلك الظاهرة تتفاوت من إقليم إلى آخر، وفقاً للعادات والأعراف المتبعة، وكذلك مستويات الوعي الشعبي.
جلالي (13 عاماً) من سكان جوزجان، كانت تتابع دراستها في الصف الخامس قبل أن يزوّجها والدها في العام الماضي من شخص يكبرها بعشرين عاماً، بالإضافة إلى أنه متزوّج أساساً من امرأة أخرى، ولديه ثلاثة أولاد. أما السبب، فالمهر المرتفع.
لكن، بعد عشرة أشهر من الزواج، أجبرت جلالي على العودة إلى منزل ذويها، بحجّة أنها لا تعرف كيف تتعامل مع زوجها وأنها لا تحسن تدبير الأمور المنزليّة. وقد اشتكت من تعرّضها إلى الضرب، ليس فقط من قبل زوجها، بل أقاربه أيضاً.
وفي حين ترفض المراهقة العودة إلى البيت الذي عرفت فيه أنواعاً من العذاب على مدى أشهر، ترغب والدتها صفيّة في حلّ الموضوع لتعود ابنتها إلى منزل زوجها. فالمجتمع الأفغاني لا يسمح لها بالزواج من شخص آخر، وبالتالي ليس أمامها إلا العودة.
جلالي ليست حالة معزولة. فآلاف الفتيات وقعن ضحيّة التقاليد وضغوط الحالة المعيشيّة المزرية. وتشير منظمات تُعنى بحقوق الإنسان إلى أن "أكثر من 50% من الزيجات في بعض المناطق، وخصوصاً في الأقاليم الجنوبيّة، تكون بطلاتها فتيات دون السادسة عشر". وتوضح أن معظم الأسر في المناطق القبليّة النائيّة تزوّج بناتها وهنّ صغيرات.
ومن الأعراف والتقاليد المتبعة، التي تتسبّب في انتشار زواج القاصرات، تقليد "سورا". وهو يأتي كتصفية للنزاعات التي تنجم عادة عن أحداث قتل عمد. فيتمّ تزويج عدد من بنات أسرة القاتل إلى رجال من أسرة القتيل. وعادة، تكون القاصرات هنّ الضحايا. والأسوأ من ذلك هو أن هؤلاء غالباً ما يتعرّضن إلى مضايقات، ويعشن طيلة حياتهنّ بعيداً عن أقاربهن، بحكم الأعراف.
وتؤكّد الناشطة في مجال حقوق المرأة شايسته خان أن "الفقر والأميّة إلى جانب الأعراف القبليّة تشكّل أبرز أسباب تفشي زواج القاصرات. فالفقراء يحاولون التخلص من أعباء بناتهم".
أما الأميّة، فتلعب من دون شكّ بحسب خان دوراً رئيساً في انتشار هذه الظاهرة، إذ إن 70% من الآباء أميّون يركنون عادة إلى الأعراف القبليّة في جميع أمور حياتهم، بما في ذلك تزويج البنات على الرغم من أنهم يدركون أن لهذه الظاهرة آثاراً عكسيّة على المجتمع.
ولا شكّ في أن زواج القاصرات يؤدّي إلى أضرار جمّة، ومنها ارتفاع نسبة الأميّة، إذ إن الفتاة بعد الزواج تُحرم من التعليم بهدف التفرّغ لشؤون المنزل والحمل ورعاية الأطفال. كذلك، فإنه يعرّضها إلى أمراض نفسيّة وعضويّة كثيرة بسبب الحمل المبكر، بالإضافة إلى ما تتحمله من أعباء منزليّة قبل الأوان.
من جهة أخرى، يتسبّب زواج القاصرات بتعرّض المرأة الأفغانيّة إلى العنف الأسري. وهو ينتهي في بعض الأحيان إلى الطلاق أو حتى القتل. وقد سجلت إدارة شؤون المرأة الأفغانيّة في إقليم قندهار 193 حادثة عنف أسري في عام 2013، أتت 70 في المائة من ضحاياها على فتيات تمّ تزويجهنّ وهنّ قاصرات.
هذا العام، تبدو الحال أشدّ سوءاً وفقاً لبيان أعدته الإدارة، وحصلت "العربي الجديد" على نسخة منه. فقد سجّلت أكثر من 200 حادث عنف أسري، معظم ضحاياها زوجات قاصرات.
ما هو حلّ هذه المعضلة الاجتماعيّة؟ يجيب المعنيّون أنه يكمن في تحسين الوضع المعيشي الذي من شأنه أن يساهم كثيراً في معالجة بعض الملفات الساخنة التي يعاني منها المجتمع الأفغاني، ومنها زواج القاصرات. يُضاف إلى ذلك تثقيف الآباء والأمهات كي يدركوا حجم الأضرار التي يخلفها تزويج بناتهم الصغيرات.
وفي هذا الإطار، نظّم معهد الدراسات العلميّة في قندهار بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) مؤتمراً شاركت فيه نحو 600 ناشطة حقوقيّة وعاملة في مجال حقوق المرأة في أفغانستان. وقد خرج المؤتمرون بقرار إطلاق حملة لمدة 16 يوماً، تنظم في خلالها دورات ومؤتمرات وندوات، بهدف تبيان أضرار زواج القاصرات وآثاره العكسيّة على المجتمع وعلى حياة المرأة.
ويقول هنا مدير معهد الدراسات العمليّة والناشط في مجال حقوق المرأة إحسان الله إحسان، إن زواج القاصرات ملف اجتماعي ساخن، وهو يعارض دستور البلاد، وكذلك تعاليم الدين الإسلامي.
من جهته، يشدّد شمس الدين تنوير، وهو مسؤول في مؤسسة حقوق الإنسان في أفغانستان، على أن "محو الأميّة بين النساء هو الخطوة الأهم. ونحن ندعو الآباء إلى تعليم بناتهم بدلاً من تزويجهنّ صغيرات". لكنه يوضح أن الأمر بحاجة إلى عمل كثير وعناية الحكومة الأفغانيّة وكذلك المجتمع المدني.