تجمهر مئات الفلسطينيين أمام أطول جدارية في العالم، تحاكي تاريخ مدينة القدس المحتلة وماضيها وحاضرها، وتعكس عبر رسوماتها آلام وآمال المدينة، والتي تم إطلاقها غربي مدينة غزة، في ذكرى يوم الأرض الذي يصادف الثلاثين من مارس/ آذار الجاري. الجدارية التي شارك في فتاة ألمانية حسناء تتكلم العربية، زارتنا منذ عدة أسابيع، ودعتنا لحضور سلسلة من الأفلام في جامعة المدينة. ثم جاء يوم العرض المنتظر، ذهبت مع أصدقائي، وكنا قد تأخرنا ربع ساعة كعادتنا.رسمها نحو 300 فنان وفنانة فلسطينية من قطاع غزة، بطول 2304 أمتار، نفذها مركز نوار التربوي التابع لجمعية الثقافة والفكر الحر، وذلك من أجل تسليط الضوء على الأوضاع التي تمر بها المدينة المحتلة، والتي تتعرض لأبشع الممارسات الاسرائيلية. ويهدف القائمون على الجدارية، على كسر الرقم القياسي لأطول جدارية في العالم، وهو 2200 متر، لتتخطاه بأكثر من 104 أمتار، من أجل لفت أنظار العالم إلى الاحتلال الاسرائيلي المستمر على الأراضي الفلسطينية، والتنبيه إلى المخاطر التي تتعرض لها المدينة المقدسة.
قبة الصخرة، وباب العمود، تم تجسيمهما في واجهة الجدارية الأضخم في العالم، وأحاطت بها مئات الرسومات على الجدارية التي لفت أرض الكتيبة. وظهرت فيها فتيات يلبَسْن الثوب الفلسطيني، وشُبَّان يدافعون عن الأقصى بصدور عارية، مستخدمين الحجر والمقلاع. واجتمعت الرسومات على اللونين الأبيض والأسود للدلالة على الألم الذي يعتصر قلب المدينة المحتلة، وظهرت فيها لوحات رسمت عليها مدينة القدس وأسوارها العتيقة، وكتب عليها "لك الأشواق يا قدس، فداك الروح والنفس"، "عيوننا إليكِ ترحل كل يوم
وتقول مديرة مركز نوار التربوي التابع لجمعية الثقافة والفكر الحر، نجوى الفرا، وهي صاحبة فكرة الجدارية، أن الفكرة تبلورت بعد تنظيم المعرض الدولي المفتوح للجداريات العام الماضي، والذي تحدث عن مدينة القدس، وفي إيجاد أكبر جدارية تدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية، من أجل لفت أنظار العالم للقضية الفلسطينية.
وتوضح لـ"العربي الجديد"، أن الجمعية قامت بالبحث عن أكبر جدارية تم إطلاقها في العالم، ووجدت أنها لم تتجاوز 2200 متر، وتم الاتّفاق مع الفنانين لتجاوز هذا الرقم عبر رسومات تتحدث عن القدس من مختلف النواحي السياسية، الاقتصادية، التراثية، الحضارية، والأثرية، مبينة أن الرسومات المشاركة، مَرّت عبر لجنة تقييم فنية.
من ناحيتها؛ توضح الفنانة المشاركة، مزين القيشاوي، لـ"العربي الجديد"، أنها شاركت برسمة تجريدية عن البيوت القديمة في مدينة القدس، إضافة الى رسمة أخرى لنجمة قصر هشام، وموسم قطف الزيتون، لافتة إلى ضرورة تعزيز الجانب التراثي في الرسومات، خاصَّة، وأن الاحتلال الإسرائيلي يحاول دثره.
وتقول الفنانة، مرام البواب، لـ"لعربي الجديد"، أنها شاركت في الجدارية بلوحة مقتبسة من قصة خيالية، وهي لفتاة جميلة، شعرها طويل، تنتظر الفارس الذي يحررها من الظلم، في دلالة على مدينة القدس، موضحة أن ما يميز لوحتها أنه يمكن إسقاطها على أي من البلدان التي تتعرض للظلم.