متحف بروكلين للفنون... صمتٌ آخر أمام بيان إدانة جديد

11 أكتوبر 2024
متظاهرون مناصرون للفلسطينيين أمام متحف بروكلين، 31 مايو 2024 (فاتح أكتاش/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- متحف بروكلين للفنون يُعرف بدعمه للعدالة الاجتماعية، حيث فتح أبوابه للمتظاهرين في احتجاجات جورج فلويد وأعلن تضامنه مع أوكرانيا.
- يواجه المتحف انتقادات بسبب صمته تجاه جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة وتعاونه مع شرطة نيويورك لقمع التظاهرات المؤيدة لفلسطين.
- في الذكرى الـ200 لتأسيسه، طالب فنانون المتحف بإدانة الإبادة الجماعية الإسرائيلية وقطع العلاقات مع المؤسسات المرتبطة بالمصالح العسكرية الإسرائيلية، لكن المتحف لم يرد.

متحف بروكلين للفنون في مدينة نيويورك من أعرق المؤسسات الفنية في الولايات المتحدة، إذ يعود تاريخ تأسيسه إلى عشرينيات القرن التاسع عشر. من بين المبادئ التي يتمسّك بها هذا المتحف، والمنشورة على موقعه الإلكتروني، التزامه بتسليط الضوء على قضايا العدالة الاجتماعية، والوقوف إلى جانب أولئك المهمّشين تاريخياً. التزماً بهذه المبادئ، فتح المتحف أبوابه ومراحيضه العامة أمام المتظاهرين عام 2020 خلال الاحتجاجات والمسيرات التي شهدتها الولايات المتحدة عقب مقتل جورج فلويد. أثناء هذه الاحتجاجات، شارك المتحف صوراً لهذه التظاهرات على صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة به. وفي أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، أعلن تضامنه مع أوكرانيا صراحة، عبر العديد من الأنشطة والفعاليات.

في مقابل هذه المواقف الواضحة للمتحف إزاء القضايا المحلية والدولية، يبدو صمته لافتاً في ما يتعلق بجرائم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة. لم تصدر عن المتحف طوال العام المنصرم أي بيانات أو تصريحات تدين هذه الجرائم التي تُرتكب على مرأى من العالم كله. لاذ المتحف بالصمت منذ بداية العدوان، وحافظ على صمته هذا رغم مطالبات العشرات من الفنانين والناشطين الثقافيين لإدارته بإعلان موقفها. لم تكتف إدارة المتحف بصمتها فقط، بل تعاونت مع شرطة نيويورك من أجل قمع التظاهرات والوقفات الاحتجاجية التي ينظمها ناشطون مؤيدون لفلسطين حول المتحف.

كان متحف بروكلين للفنون موقعاً للعديد من الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين، التي نظمها العديد من التجمعات الناشطة خلال الأشهر التي تلت الحرب على غزة. وقوبلت بعض هذه التظاهرات والوقفات الاحتجاجية التي نظمها ناشطون في مقر المتحف برد عدواني أقدمت عليه الشرطة، ومن بينها تظاهرة في مايو/أيار الماضي، اعتُقل على أثرها العشرات من المشاركين فيها. بعد أقل من أسبوعين من هذه التظاهرة، قام ناشطون برسومات غرافيتي مناهضة للصهيونية على منازل أربعة من إدارة المتحف، بينهم المديرة آن باستيرناك. وعلى أثر هذه الواقعة، وُجّه الاتهام إلى مصور الفيديو الذي التقط الحادث بارتكاب جريمة كراهية في أغسطس/آب الماضي.

تزامناً مع المعرض الجماعي الذي ينظمه متحف بروكلين حالياً، احتفالاً بمرور 200 عام على تأسيسه، وقّع العشرات من الفنانين المشاركين في المعرض والعاملين الثقافيين بياناً جديداً يطالبون فيه إدارة المتحف بإعلان رفضها الصريح للإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان حالياً. البيان الجديد الذي جمع حتى الآن أكثر من 200 توقيع لفنانين بارزين من المتعاونين مع المتحف، استنكر صمت المؤسسات الثقافية التي تدعي الدفاع عن القيم الإنسانية. طالب البيان متحف بروكلين تحديداً بالالتزام بالحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، وفك الارتباط مع المؤسسات والأفراد المرتبطين بالمصالح العسكرية الإسرائيلية، وإنهاء وجود شرطة نيويورك حول المؤسسة.

يقول الموقعون على هذا البيان إنهم ينتهزون فرصة المعرض الذي يُشارك فيه أكثر من 200 فنان وفنانة لإيصال أصواتهم وإعلان تضامنهم مع الشعب الفلسطيني. عبّر الموقعون عن شعورهم بالحزن الشديد إزاء الجرائم التي تُرتكب في حق الفلسطينيين، بما في ذلك الإبعاد القسري، والفصل العنصري، ومعاملة المدنيين بوحشية، والقصف المستمر للمناطق الآمنة، والتجويع، والحصار. يُذّكر البيان أيضاً بأن هذه الجرائم تُرتكب باستمرار منذ أكثر من 76 عاماً باسم الصهيونية، وبدعم مالي وعسكري أميركي.

يقول نص البيان: "بينما نشهد البث المباشر للجرائم الإسرائيلية والقصف المتواصل للمباني السكنية والمدارس والمستشفيات ومخيمات اللاجئين، يحق لنا أن نسأل: متى ستستمع المؤسسات الثقافية التي تدعي تمثيلنا إلى مطالبنا، وتعلن رفضها هذه الفظائع؟".

منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، طالب العديد من الفنانين والناشطين الثقافيين متحف بروكلين بإعلان موقف واضح من هذه الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، والدعوة إلى وقف إطلاق النار فوراً. كما نشر عمال المتحف رسالة مفتوحة لدعم فلسطين في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، معربين عن استنكارهم صمت المؤسسات الأميركية تجاه الجرائم الإسرائيلية. ولكن رغم كل هذه المطالبات، لم يستجب المتحف لموظفيه أو لضغوط الفنانين المتعاونين معه، بل عمل على إشاعة أجواء من الخوف بين الموظفين الذين يعلنون عن موقفهم المؤيد للفلسطينيين.

طالب البيان الجديد إدارة المتحف بإدانة الإبادة الجماعية الإسرائيلية، والدعوة إلى وقف إطلاق النار الفوري والدائم، وحظر تزويد إسرائيل بالأسلحة. وحث الموقعون إدارة المتحف على إعلان ذلك في منشور دائم عبر جميع منصات التواصل الاجتماعي للمتحف. من بين المطالبات الأخرى التي تضمنها البيان، الالتزام بالحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل. ويشمل ذلك مقاطعة المؤسسات الثقافية الإسرائيلية، وعدم التعاون مع أي هيئة رسمية تابعة لدولة الاحتلال أو أي مؤسسة تدعمها.

طالب البيان أيضاً بإنهاء وجود شرطة نيويورك في متحف بروكلين، كما طالب إدارة المتحف بتقديم وثائق تثبت إنهاء الشراكة مع بنك نيويورك ميلون الذي لديه استثمارات في شركة تصنيع الأسلحة الإسرائيلية "إلبيت سيستمز". لم يصدر حتى الآن أي رد رسمي من إدارة المتحف على هذا البيان، رغم مرور أيام على نشره، لينضم إلى غيره من البيانات والمطالبات الأخرى التي قوبلت بالتجاهل والصمت.

المساهمون