خلفَ أحد الجدران، يمشي رامي (9 سنوات) بحذر، حاملاً معه لعبة على شكل بندقية. يحاول العبور خلسة إلى خزان المياه الذي يبعد عنه أمتاراً قليلة، حيث يقف خالد (12 عاماً). الأخير يبدو أكثر دراية بالأمور العسكرية، وقد نصب كميناً محكماً لصديقه.
هكذا يلعب معظم الأطفال في مخيّم بخشين للاجئين السوريين في تركيا، أو مخيم المجاهدين كما يحب أهله تسميته. يختصر هذا المكان معاناة هؤلاء الأطفال بسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات في بلادهم. هنا، ألعاب الأطفال بمعظمها قتالية.
صباح كل يوم، يجتمع أطفال المخيّم ويُقسّمون أنفسهم إلى مجموعات أو كتائب مسلّحة. تختار كل مجموعة اسماً خاصاً بها، وتُعيّن قائداً لها لإدارة المعارك ضد الكتائب الأخرى. أطلقَ رامي على الكتيبة التي يرأسها اسم "المغاوير". قال إن "المعركة تستمر في بعض الأحيان لأكثر من يوم من دون أن يتمكن أي طرف من الانتصار. وهذا يتطلب منهم المناوبة". وأضاف أن "العدد الأكبر من أطفال المخيّم يشاركون في اللعبة".
لا ملامح قتالية على وجه رامي. لا يبدو قادراً على تحمّل مشقة الأعمال العسكرية. لكنه مع ذلك، يُبدي اهتماماً زائداً بها. يقضي ساعات طويلة برفقة المقاتلين المنضمين لكتائب المعارضة المسلحة أثناء قضاء إجازاتهم مع أسرهم في المخيّم. وقد التحق بالمدرسة التابعة للمخيم، والتي تُعنى بإكمال تعليم الطلاب السوريين المنقطعين عن الدراسة، كما تضم صفوفاً لتعليم اللغة التركية.
تذكر أم رامي أن ولدها كان مولعاً بألعاب الأطفال قبل نشوب الحرب. يحب كرة القدم وألعاب السيارات. يذهب يومياً إلى الحديقة، حتى أنه كان يملك بعض ألعاب الفتيات كـ"باربي". باءت جميع محاولاتها لإبعاد ولدها عن المظاهر العسكرية بالفشل، وخصوصاً بعد انضمام زوجها إلى كتائب المعارضة السورية المسلحة في جبل الزاوية. تقول لـ"العربي الجديد" إن "أبو رامي يغيب عنهم لأيام طويلة بسبب مشاركته في المعارك بجبل الزاوية. ولدى عودته، غالباً ما يرتدي اللباس العسكري في الخيمة، وهو ما أصبح يعجب رامي كثيراً". تضيف أن "رامي يصف نفسه بالمجاهد. أما لقبه بين الأطفال فهو أبو حمزة، وقد أطلقه والده عليه".
في السياق، يقول أحد مخاتير المخيّم خالد الموصلي إن "أكثر من 100 شاب قتلوا على أيدي قوات النظام السوري خلال المعارك، ما دفع السكان إلى تسميته بالمجاهدين. كما أن المخيم يضم العديد من المقاتلين مع كتائب المعارضة السورية المسلحة". ويوضح أن أهالي المخيم البالغ عددهم ما يقارب أربعة آلاف نسمة، هم من سكان ريف إدلب وريف حماه، وقد دمرت هذه المناطق بنسبة كبيرة.
ويطالب الموصلي "بعدم إدخال هذه الألعاب إلى المخيم، من دون أن يستجيب إليه أحد"، مشيراً إلى أن "تلك الألعاب باتت حاجة ماسة لدى الأطفال لا يمكن تجاهلها. فلكل عائلة فقيد". مع ذلك، يسعى مع باقي مخاتير المخيم إلى "توعية الأطفال للحد من انتشار العنف في ما بينهم، إضافة إلى تخصيص حصص رياضية في المدرسة ليلعبوا بما يتناسب وأعمارهم"، ويلفت إلى أن "المخيم يضم حدائق مليئة بألعاب الأطفال".
يدركُ الأهالي أن الأمر "ليس مجرد لعبة. لكن الظلم الكبير الذي أحاط بهم دفعهم إلى تعلّم فنون القتال للدفاع عن أنفسهم. كما أن هذه المظاهر أجبرت العديد من الأطفال على المشاركة في الأعمال القتالية ضد قوات النظام السوري، وقد قتل العديد منهم أيضاً خلال المعارك لعدم معرفتهم الكافية بأمور القتال".
تحاول والدة رامي أن يجلس ابنها خلف مقاعد الدراسة علّها تشعر بالطمأنينة. بات هذا حلمها الوحيد لتضمن ألا يلتحق بخطى والده في المستقبل. لا تودّ رؤية طفلها يحمل بندقية حقيقية، ويبتعد عنها لأيام طويلة لا تعرف متى تنتهي.
هكذا يلعب معظم الأطفال في مخيّم بخشين للاجئين السوريين في تركيا، أو مخيم المجاهدين كما يحب أهله تسميته. يختصر هذا المكان معاناة هؤلاء الأطفال بسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات في بلادهم. هنا، ألعاب الأطفال بمعظمها قتالية.
صباح كل يوم، يجتمع أطفال المخيّم ويُقسّمون أنفسهم إلى مجموعات أو كتائب مسلّحة. تختار كل مجموعة اسماً خاصاً بها، وتُعيّن قائداً لها لإدارة المعارك ضد الكتائب الأخرى. أطلقَ رامي على الكتيبة التي يرأسها اسم "المغاوير". قال إن "المعركة تستمر في بعض الأحيان لأكثر من يوم من دون أن يتمكن أي طرف من الانتصار. وهذا يتطلب منهم المناوبة". وأضاف أن "العدد الأكبر من أطفال المخيّم يشاركون في اللعبة".
لا ملامح قتالية على وجه رامي. لا يبدو قادراً على تحمّل مشقة الأعمال العسكرية. لكنه مع ذلك، يُبدي اهتماماً زائداً بها. يقضي ساعات طويلة برفقة المقاتلين المنضمين لكتائب المعارضة المسلحة أثناء قضاء إجازاتهم مع أسرهم في المخيّم. وقد التحق بالمدرسة التابعة للمخيم، والتي تُعنى بإكمال تعليم الطلاب السوريين المنقطعين عن الدراسة، كما تضم صفوفاً لتعليم اللغة التركية.
تذكر أم رامي أن ولدها كان مولعاً بألعاب الأطفال قبل نشوب الحرب. يحب كرة القدم وألعاب السيارات. يذهب يومياً إلى الحديقة، حتى أنه كان يملك بعض ألعاب الفتيات كـ"باربي". باءت جميع محاولاتها لإبعاد ولدها عن المظاهر العسكرية بالفشل، وخصوصاً بعد انضمام زوجها إلى كتائب المعارضة السورية المسلحة في جبل الزاوية. تقول لـ"العربي الجديد" إن "أبو رامي يغيب عنهم لأيام طويلة بسبب مشاركته في المعارك بجبل الزاوية. ولدى عودته، غالباً ما يرتدي اللباس العسكري في الخيمة، وهو ما أصبح يعجب رامي كثيراً". تضيف أن "رامي يصف نفسه بالمجاهد. أما لقبه بين الأطفال فهو أبو حمزة، وقد أطلقه والده عليه".
في السياق، يقول أحد مخاتير المخيّم خالد الموصلي إن "أكثر من 100 شاب قتلوا على أيدي قوات النظام السوري خلال المعارك، ما دفع السكان إلى تسميته بالمجاهدين. كما أن المخيم يضم العديد من المقاتلين مع كتائب المعارضة السورية المسلحة". ويوضح أن أهالي المخيم البالغ عددهم ما يقارب أربعة آلاف نسمة، هم من سكان ريف إدلب وريف حماه، وقد دمرت هذه المناطق بنسبة كبيرة.
ويطالب الموصلي "بعدم إدخال هذه الألعاب إلى المخيم، من دون أن يستجيب إليه أحد"، مشيراً إلى أن "تلك الألعاب باتت حاجة ماسة لدى الأطفال لا يمكن تجاهلها. فلكل عائلة فقيد". مع ذلك، يسعى مع باقي مخاتير المخيم إلى "توعية الأطفال للحد من انتشار العنف في ما بينهم، إضافة إلى تخصيص حصص رياضية في المدرسة ليلعبوا بما يتناسب وأعمارهم"، ويلفت إلى أن "المخيم يضم حدائق مليئة بألعاب الأطفال".
يدركُ الأهالي أن الأمر "ليس مجرد لعبة. لكن الظلم الكبير الذي أحاط بهم دفعهم إلى تعلّم فنون القتال للدفاع عن أنفسهم. كما أن هذه المظاهر أجبرت العديد من الأطفال على المشاركة في الأعمال القتالية ضد قوات النظام السوري، وقد قتل العديد منهم أيضاً خلال المعارك لعدم معرفتهم الكافية بأمور القتال".
تحاول والدة رامي أن يجلس ابنها خلف مقاعد الدراسة علّها تشعر بالطمأنينة. بات هذا حلمها الوحيد لتضمن ألا يلتحق بخطى والده في المستقبل. لا تودّ رؤية طفلها يحمل بندقية حقيقية، ويبتعد عنها لأيام طويلة لا تعرف متى تنتهي.