أطفال أفغان محرومون من التعليم

03 نوفمبر 2018
60 % من المحرومين من التعليم إناث(شاه مرائي/فرانس برس)
+ الخط -
على الرغم من ادعاءات الحكومة الأفغانية والمجتمع الدولي بالسعي الحثيث والجاد لتحسين حالة التعليم خلال العقدين الماضيين، وإنفاق أموال طائلة لهذا الغرض، فالإحصائيات واستطلاعات الرأي الرسمية وغير الرسمية تظهر أنّ حالة التعليم في أفغانستان ما زالت مأساوية للغاية، إذ إنّ شرائح كبيرة محرومة من التعليم، لا سيما في المناطق النائية حيث يسود الوضع الأمني المتدهور، بالإضافة إلى الأعراف التي تعرقل العملية منذ القدم.

في هذا الخصوص، نشرت وزارة التعليم إحصائية جديدة جاء فيها أنّ نحو 7.3 ملايين طفل محرومون من التعليم، 60 في المائة منهم إناث، مؤكدة أنّ الحكومة الأفغانية تسعى جاهدة بالتنسيق مع شركائها الدوليين إلى تغيير تلك الحالة، لكنّ مشكلات وعقبات تحول دون النتائج المرجوة. وتذكر الوزارة أنّ هناك أسباباً كثيرة وراء ظاهرة حرمان الأطفال من التعليم، من أبرزها الوضع الأمني المأساوي، إذ إنّ كثيراً من المدارس ما زالت مغلقة بسبب الوضع الأمني من جهة وبسبب خطط الأحزاب الجهادية من جهة ثانية.




"هناك أسباب كثيرة، وهي ليست وليدة اليوم، بل قديمة، لكنّ الوضع الأمني أبرزها وأخطرها"، بحسب الناشط التربوي، محمد بلال، الذي يقول إنّ بلداً تغلق فيه عشرات المدارس من قبل المسلحين تارة ووقوعها تحت خط النار بين المسلحين وقوات الأمن تارة أخرى، لا يمكننا أن نتصور أن تكون الحالة التعليمية فيه أحسن مما هي عليه الآن. يؤكد أنّ هناك تغيراً في رؤية الأفغان حيال التعليم، إذ على الرغم من الوضع الأمني المأساوي، نجد في الأماكن البعيدة أنّ الآباء يرسلون أبناءهم وبناتهم إلى المدارس، ما يشير إلى حدوث تغير كبير، وهذا مؤشر جيد، غير أنّنا نحتاج إلى التنسيق بين الحكومة والمجتمع الدولي والزعامة القبلية كي نغير الحالة الأمنية أو على الأقل أن نتيح الفرصة لاستمرار عملية التعليم في المناطق التي هي تحت سيطرة المسلحين.

يضيف بلال أنّ من الممكن أن تلعب الزعامة القبلية دور الوسيط بين الحكومة والمسلحين فقط لأجل مواصلة عملية التعليم، وكي تتجنب جميع الأطراف اتخاذ المدارس مراكز لمسلحيها، وكي تبعد المعارك عن المدارس والمراكز التعليمية، كما حصل في بعض مناطق جنوب أفغانستان، حيث فتحت عشرات المدارس أبوابها بعدما أغلقت بسبب الوضع الأمني، وذلك بعد التفاوض بين الطرفين من خلال الزعامة القبلية.

اللافت في إحصائية وزارة التعليم أنّ الإناث أكثر حرماناً من التعليم بواقع 60 في المائة، وهي نسبة أقل من إحصائيات سابقة. تعرب الوزارة عن سعادتها الفائقة لأنّها أتاحت فرصة التعليم لنحو 5.3 ملايين طفلة خلال الأعوام الماضية، ما يشير إلى أنّ جهود الوزارة بالتنسيق مع المجتمع الدولي والمعنيين بقطاع التعليم في أفغانستان آتت ثمارها.

تؤكد إحصائية الوزارة أنّ الفتيات يشكّلن جزءاً كبيراً من المجتمع، وتثقيفهن لبنة أساسية لمجتمع يسعى للعيش برفاهية ويتماشى مع متطلبات الزمن والعولمة، وبالتالي، فإنّ العمل لأجل تعليم الأطفال، خصوصاً الإناث، واجب على الجميع، فعلى الزعامة القبلية وعلماء الدين والآباء أن يلعبوا دورهم في هذا الخصوص.

لكن الزعامة القبلية ترى أنّ أطراف الصراع هي الحائل دون مساعيها، وأنّها وقعت بين سندان الحكومة ومطرقة طالبان والجماعات المسلحة عموماً، وبالتالي هي لا تستطيع أن تفعل شيئاً أكثر مما تفعله الآن، لأنّ الجانبين لا يصغيان إلى قولها بل هي تدفع ثمن ما تقوم به لأجل الشعب.

يقول عبد الغفار، وهو أحد وجهاء مديرية دور بابا، بإقليم ننجرهار، إنّ العجيب هو أنّ أطراف الصراع ممن لها القوة والسطوة لا تتحرك لفعل شيء، موضحاً أنّ الحكومة دوماً تطلب من الزعامة القبلية أن تفعل هذا وذاك وهي تدري أنّ القبائل تفعل كلّ ما في وسعها لكنّها غير قادرة. يتساءل عبد الغفار حول ما قدمته الحكومة للزعامة القبلية مقابل ما دفعته من أثمان باهظة بصدد التعاون مع الحكومة في شتى المجالات وبشتى الأنواع، ويقول: "نحن الزعامة القبلية ضحية ما تشهده البلاد". يشير إلى أنّ "الجزء الكبير من المسؤولية يقع على عاتق الحكومة ومن في يده السلاح والقوة، لأنّ الزعامة القبلية لا تملك ذلك النفوذ، بل هي نفسها ضحية من خلال حرمان أبنائها من التعليم بأيّ ذريعة".




بغض النظر عن هذا الجدل، فقد بات واضحاً أنّ دور الزعامة القبلية وعلماء الدين ريادي في هذا الصدد، ولا يمكن للحكومة أن تمضي قدماً مهما سعت أن تحسن حالة التعليم، لا سيما في ما يتعلق بالمدارس المغلقة بيد المسلحين وجلها للبنات، إلّا بمساندة الزعامة القبلية.

وكان القيادي السابق في طالبان، وهو سفير أفغانستان لدى باكستان في حكومة طالبان السابقة، عبد السلام ضعيف، قد قدم قبل أيام آلية للطرفين كي لا تتضرر الأمور المتعلقة بالشعب، وذلك من خلال تشكيل لجنة من الزعامة القبلية وعلماء الدين وسياسيين محايدين وناشطي المجتمع لأجل التواصل مع الأطراف، وحلّ الأمور المتعلقة بالشعب، كالتعليم والصحة وغيرهما.