في ظلّ غياب الرقابة ونفوذ أمراء الحرب والانفلات الأمني، تزداد نسبة الفساد في مختلف نواحي الحياة في أفغانستان، منها قطاع الصحة الذي لم يشهد تطوراً ملحوظاً رغم الادعاءات الدولية والداخلية، وصرف مبالغ مالية ضخمة. وفي الأيام الأخيرة، علت الأصوات ضد الفساد الموجود في هذا القطاع، خصوصاً في المناطق النائية التي تعيش حرباً.
وخلال العقد الماضي، وبسبب قلّة عدد الأطباء بالمقارنة مع حاجة الناس، دخل كثيرون مجال الطب، وحصلوا على وظائف في مستشفيات، علماً أنهم لا يملكون شهادات، ولم يمارسوا الطب أصلاً.
يقول محمد نسيم، أحد سكان إقليم غزنة، إنّ أشهر طبيبة نسائية في مديرية أندر في إلإقليم حالياً كانت ممرضة في إحدى مستشفيات كابول. وحين تزوجت في غزنة، بدأت تعالج النساء إذ لم يكن هناك طبيبة نسائية في المديرية. وخلال أعوام، اشتهرت المرأة وفتحت عيادة تأتي إليها مئات النساء يومياً، إذ ليس في المديرية أية طبيبة أخرى، بالتالي ليس لدى الناس خيار آخر.
هذه العيادة توفر العلاج لكثيرين، لكن تؤدي إلى حدوث مشاكل في الوقت نفسه لأن القائمين عليها ليسوا أطباء. هذه المرأة كانت ممرضة وأصبحت طبيبة. أما زوجها، فكان يعمل في مجال التعليم، قبل أن يتحوّل إلى ممرّض يتولّى أحياناً دور الطبيب، بحسب نسيم. يضيف: "كثيراً ما تقصد نساء الطبيبة بسبب مشاكل بسيطة، ليبدأ مشوارهن مع المشاكل الصحية، ويصبن بأمراض جديدة تعجز الطبيبة عن معالجتها، وهذا ما حدث مع عدد من قريباته وأخريات.
مثل هذه القصص تكثر في المناطق النائية والقرى، وحتى في العاصمة كابول. ويقول ذاكر الله إنه أخذ ابنه إلى أحد المستشفيات في منطقة كوتي سنكي. أعطى الطبيب الطفل منشطاً، ما أدى إلى تدهور حالته الصحية. بعدها، أخذ الطبيب الدواء ورماه في سلة المهملات وأجرى بعض الاتصالات، قبل أن يغلق العيادة ويخرج ذاكر وابنه عنوة بإصرار من الحارس، في وقت كان حال الطفل يزداد سوءاً.
بعدها، أخذ ذاكر ابنه إلى مستشفى آخر. وبعدما شفي، اكتشف أن الرجل في العيادة التي قصدها لم يكن طبيباً بل إداري يعمل في إحدى الشركات. أما في المساء، فيعمل في صيدلية. فما كان منه إلا أن فتح عيادة مع طبيب من أقربائه.
اقــرأ أيضاً
وبعدما ترك الطبيب العمل، صار الإداري نفسه طبيباً في العيادة ويعالج الناس فيها. إلا أن ذاكر يرفض التقدّم بدعوى ضد الطبيب المسؤول عن تدهور صحة ابنه، إذ لا يعرف أحداً في الحكومة أو الشرطة، وبالتالي لا يريد أن يكون في ورطة.
من جهته، يقول الطبيب محمد صابر سلطانزاده، الذي عمل في العديد من العيادات الخاصة والحكومية، إن أطباء كثيرين من الذين يمتهنون الطب لا يملكون شهادات، عازياً ما يحدث إلى عدم وجود أطباء في مقابل حاجة الناس إلى الرعاية الصحية، إضافة إلى غياب الرقابة. ويذكر أنّ طبيباً كان يعمل معه في إحدى العيادات الخاصة، ولم يكن يعرف أسماء الأدوية لوصفها للمرضى. كان يدرس الطب في إقليم خوست، وبعدما رسب مرات عدة، ترك الكلية، وبدأ يعمل في إحدى المؤسسات الدولية في مجال الرعاية الصحية. بعدها، جاء إلى العاصمة بحثاً عن عمل، وبدأ يعمل في العيادة كمساعد طبيب. ومع مرور الوقت، أصبح طبيباً إلا أنّه لا يعرف أسماء الأدوية بشكل جيد.
ومن أسباب عمل غير المتخصصين في الحقل الطبي نفوذ أصحاب السلاح وأمراء الحرب في الدوائر الحكومية. في هذا السياق، يقول مسؤول إدارة الصحة المحلية في إقليم هلمند، مولا داد توبه كار، إنّ المشكلة الرئيسية التي نواجهها في قطاع الصحة في الإقليم هي نفوذ أصحاب القوة وأمراء الحرب، وقد وظّفوا أطباء وممرضين من دون التدقيق في شهاداتهم وخبراتهم. يضيف أنّه خلال العامين الماضيين، تخرج نحو 500 ممرض من المعهد الخاص بهم في الإقليم، إلا أنهم لا يعملون بسبب توظيف آخرين من دون شهادات. "هذا أمر مؤسف للغاية. والأسوأ هو صمت الحكومة ورضا المسؤولين".
كذلك، يشير توبه كار إلى أنّ عدد العاملين في مجال الصحة في الإقليم يصل إلى 5004، علماً أن 80 في المائة من هؤلاء ليسوا من حملة الشهادات، وقد حصلوا على وظائف بسبب نفوذ البعض.
ملاحقة قضائية
مؤخراً، أعلن الرئيس الأفغاني أشرف غني، خلال اجتماع للأطباء في وزارة الصحة، إيجاد حل للمشكلة، قائلاً إنّ مسؤولية الوزارة الأساسية هي الاستغناء عن الأطباء غير المؤهلين، لافتاً إلى أن المافيا تسيطر على هذا القطاع المهم، ولا بد من ملاحقة المسؤولين قضائياً. إلا أن وزير الصحة فيروز الدين فيروز يرى أن الأمر يحتاج إلى فترة طويلة، والسبب شح الكادر الطبي المتخصص.
اقــرأ أيضاً
وخلال العقد الماضي، وبسبب قلّة عدد الأطباء بالمقارنة مع حاجة الناس، دخل كثيرون مجال الطب، وحصلوا على وظائف في مستشفيات، علماً أنهم لا يملكون شهادات، ولم يمارسوا الطب أصلاً.
يقول محمد نسيم، أحد سكان إقليم غزنة، إنّ أشهر طبيبة نسائية في مديرية أندر في إلإقليم حالياً كانت ممرضة في إحدى مستشفيات كابول. وحين تزوجت في غزنة، بدأت تعالج النساء إذ لم يكن هناك طبيبة نسائية في المديرية. وخلال أعوام، اشتهرت المرأة وفتحت عيادة تأتي إليها مئات النساء يومياً، إذ ليس في المديرية أية طبيبة أخرى، بالتالي ليس لدى الناس خيار آخر.
هذه العيادة توفر العلاج لكثيرين، لكن تؤدي إلى حدوث مشاكل في الوقت نفسه لأن القائمين عليها ليسوا أطباء. هذه المرأة كانت ممرضة وأصبحت طبيبة. أما زوجها، فكان يعمل في مجال التعليم، قبل أن يتحوّل إلى ممرّض يتولّى أحياناً دور الطبيب، بحسب نسيم. يضيف: "كثيراً ما تقصد نساء الطبيبة بسبب مشاكل بسيطة، ليبدأ مشوارهن مع المشاكل الصحية، ويصبن بأمراض جديدة تعجز الطبيبة عن معالجتها، وهذا ما حدث مع عدد من قريباته وأخريات.
مثل هذه القصص تكثر في المناطق النائية والقرى، وحتى في العاصمة كابول. ويقول ذاكر الله إنه أخذ ابنه إلى أحد المستشفيات في منطقة كوتي سنكي. أعطى الطبيب الطفل منشطاً، ما أدى إلى تدهور حالته الصحية. بعدها، أخذ الطبيب الدواء ورماه في سلة المهملات وأجرى بعض الاتصالات، قبل أن يغلق العيادة ويخرج ذاكر وابنه عنوة بإصرار من الحارس، في وقت كان حال الطفل يزداد سوءاً.
بعدها، أخذ ذاكر ابنه إلى مستشفى آخر. وبعدما شفي، اكتشف أن الرجل في العيادة التي قصدها لم يكن طبيباً بل إداري يعمل في إحدى الشركات. أما في المساء، فيعمل في صيدلية. فما كان منه إلا أن فتح عيادة مع طبيب من أقربائه.
من جهته، يقول الطبيب محمد صابر سلطانزاده، الذي عمل في العديد من العيادات الخاصة والحكومية، إن أطباء كثيرين من الذين يمتهنون الطب لا يملكون شهادات، عازياً ما يحدث إلى عدم وجود أطباء في مقابل حاجة الناس إلى الرعاية الصحية، إضافة إلى غياب الرقابة. ويذكر أنّ طبيباً كان يعمل معه في إحدى العيادات الخاصة، ولم يكن يعرف أسماء الأدوية لوصفها للمرضى. كان يدرس الطب في إقليم خوست، وبعدما رسب مرات عدة، ترك الكلية، وبدأ يعمل في إحدى المؤسسات الدولية في مجال الرعاية الصحية. بعدها، جاء إلى العاصمة بحثاً عن عمل، وبدأ يعمل في العيادة كمساعد طبيب. ومع مرور الوقت، أصبح طبيباً إلا أنّه لا يعرف أسماء الأدوية بشكل جيد.
ومن أسباب عمل غير المتخصصين في الحقل الطبي نفوذ أصحاب السلاح وأمراء الحرب في الدوائر الحكومية. في هذا السياق، يقول مسؤول إدارة الصحة المحلية في إقليم هلمند، مولا داد توبه كار، إنّ المشكلة الرئيسية التي نواجهها في قطاع الصحة في الإقليم هي نفوذ أصحاب القوة وأمراء الحرب، وقد وظّفوا أطباء وممرضين من دون التدقيق في شهاداتهم وخبراتهم. يضيف أنّه خلال العامين الماضيين، تخرج نحو 500 ممرض من المعهد الخاص بهم في الإقليم، إلا أنهم لا يعملون بسبب توظيف آخرين من دون شهادات. "هذا أمر مؤسف للغاية. والأسوأ هو صمت الحكومة ورضا المسؤولين".
كذلك، يشير توبه كار إلى أنّ عدد العاملين في مجال الصحة في الإقليم يصل إلى 5004، علماً أن 80 في المائة من هؤلاء ليسوا من حملة الشهادات، وقد حصلوا على وظائف بسبب نفوذ البعض.
ملاحقة قضائية
مؤخراً، أعلن الرئيس الأفغاني أشرف غني، خلال اجتماع للأطباء في وزارة الصحة، إيجاد حل للمشكلة، قائلاً إنّ مسؤولية الوزارة الأساسية هي الاستغناء عن الأطباء غير المؤهلين، لافتاً إلى أن المافيا تسيطر على هذا القطاع المهم، ولا بد من ملاحقة المسؤولين قضائياً. إلا أن وزير الصحة فيروز الدين فيروز يرى أن الأمر يحتاج إلى فترة طويلة، والسبب شح الكادر الطبي المتخصص.