سيناريوهات أسواق قطر في مواجهة الموجة الثانية من الحصار

04 يوليو 2017
استقرار أسواق قطر بعد شهر من الحصار(معتصم الناصر/العربي الجديد)
+ الخط -



نجحت قطر في امتصاص تداعيات الموجة الأولى من العقوبات الاقتصادية وكسر الحصار الذي فرضته دول عربية منذ نحو شهر، ولوحت هذه الدول بسيناريوهات جديدة لتصعيد الحصار الاقتصادي في حالة عدم التوصل إلى اتفاق سياسي بين الطرفين، وهو ما اعتبرها محللو مال وخبراء اقتصاد إجراءات غير قانونية و"تهديدات فارغة" غير قابلة للتطبيق وذلك في تصريحات لـ"العربي الجديد."

وكانت السعودية والإمارات والبحرين ومصر سرّبت عبر تصريحات وتلميحات لمسؤولين في تقارير إعلامية عدداً من التهديدات بتصعيد العقوبات أبرزها تشديد مقاطعة قطر اقتصادياً، وتخيير الشركات الدولية بين التعامل مع قطر أو محور دول الحصار.

كما هدّدت بسحب الودائع من المصارف القطرية البالغة نحو 18 مليار دولار وتجميد ودائع قطر في الدول الأربع، بالإضافة إلى تجميد عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي وما يتبعه من آثار اقتصادية ولا سيما المتعلقة بالمشروعات الاقتصادية المشتركة والتسهيلات التجارية.

واستطاعت قطر كسر الحصار والإجراءات غير القانونية، طوال الشهر الماضي، عبر استحداث بدائل استيرادية والحفاظ على الاستقرار المالي من خلال إجراءات للمصرف المركزي والمؤسسات المختصة، ما دفع المحللين إلى التفاؤل بقدرة قطر على مواجهة الموجات التصعيدية المحتملة في حال استمرار الأزمة السياسية.

قوة القطاع المالي
أكد المحلل المالي، أحمد ماهر، لـ"العربي الجديد" أن تصعيد دول الحصار عبر تجميد الودائع الحكومية أو الأفراد غير قانوني، مشيراً إلى ضرورة اللجوء لإجراءات قضائية ومؤسسات دولية ومنها الأمم المتحدة لاتخاذ هذه الإجراءات، وفي حالة إصرار هذه الدول على مخالفة القانون فإن ذلك سيضر باقتصادها، حيث سيتلوث مناخها الاستثماري كما ستواجه عقوبات مالية كبيرة من المؤسسات الدولية والتحكيم التجاري.

وفي ما يخص بالتحذير من إغلاق فروع المصارف القطرية في دول الحصار، أوضح ماهر، أنه تهديد فارغ وغير قابل للتطبيق، حيث توجد عوائق أمام هذه الدول منها أن الفروع القطرية لها شركاء أجانب مثل فرع بنك قطر الوطني في مصر الذي اشترى حصة تقدّر بنحو 77% من سوستيه جنرال الفرنسي، وبالتالي في حال إغلاقه سيتسبب ذلك في مشاكل لمصر مع الشريك الفرنسي.

وأضاف أن هذا الفرع يعاني من سلبيات في السوق المصرية ومنها انهيار الجنيه المصري أمام الدولار بعد التعويم والذي أثر سلباً على القطاع المصرفي بما فيه فروع المصارف العربية والأجنبية.

وأكد أن المصارف القطرية لها عدد محدود من الفروع في دول الحصار ومنها فرع افتتح حديثاً لبنك قطر الوطني في السعودية، وبالتالي غير منكشف مالياً ولن يتأثر بإغلاقه.
وأوضح أن قطر لن تتأثر في حالة سحب الودائع الخليجية البالغة 18 مليار دولار الموجودة في مصارفها حالياً، بسبب وجود احتياطي نقدي كبير يتجاوز 34 مليار دولار وصناديق استثمارية ضخمة.

وتمتلك قطر أصولاً مالية تقدر بنحو 335 مليار دولار مجمعة في صندوق الثروة السيادي، إضافة إلى احتياطي من النقد الأجنبي لدى المصرف المركزي يبلغ 43.6 مليار دولار، حسب إحصائيات رسمية.
وأشار ماهر إلى أنه في حالة تجميد ودائع قطر في هذه الدول يحق لها المعاملة بالمثل وتجميد الودائع الخليجية لديها، إلا أن المسؤولين القطريين أكدوا أن الودائع الخليجية آمنة ولن يتم الاقتراب منها.
وقال إن سحب دول الخليج لهذا الكم من ودائعها في قطر صعب جداً ويحتاج إلى وقت كبير ومشترين لأنها عبارة عن أذون خزانة وسندات آجلة لمدد متفاوتة تراوح بين 6 شهور وسنتين.

استقرار البورصة والريال
تماسكت بورصة قطر، طوال شهر الحصار، ما يعكس قوة القطاع المالي، حسب ماهر، الذي أكد على أن صمود البورصة طوال هذه الفترة يعكس ثقة المستثمرين في أداء الشركات المدرجة بشكل خاص وقوة الاقتصاد القطري بشكل عام.
كما شهد الريال القطري استقراراً في أسعاره، في ظل إجراءات متتالية اتخذها المصرف المركزي في هذا الإطار.

وحسب مصدر مصرفي لـ"العربي الجديد" تعمد المصرف المركزي إلى ضخ سيولة دولارية طبيعية في الأسواق الفترة الماضية لتلبية احتياجات السوق بسبب زيادة الطلب عليه من المواطنين والوافدين المسافرين لقضاء العطلات الصيفية. وأكد المصرفي، الذي رفض ذكر اسمه، أن القطاع المصرفي مستعد لأي عملية تصعيد للعقوبات من الدول المحاصرة.

الشركاء متمسكون بقطر
واصلت قطر خططها التوسعية في مختلف القطاعات عبر شركائها التجاريين الذين أعربوا عن تمسكهم بالسوق القطرية التي تمنح تسهيلات تجارية هائلة ومميزات استثمارية هي الأفضل في المنطقة حسب المحللين.
وفي هذا السياق، قال رئيس لجنة التجارة والبحوث في غرفة تجارة وصناعة قطر، محمد الأحبابي لـ"العربي الجديد" إن "تطبيق أي عقوبات جديدة عبر تجميد الأموال وتهديد الشركاء التجاريين لقطر مستحيل".

وأضاف: "هل تستطيع أي دولة تعويض شركاء تجاريين كبار لقطر مثل شركة "إكسون موبيل" العالمية إذا أوقفت استثماراتها في الدوحة والبالغة عشرات مليارات الدولارات".
وأوضح الأحبابي أن المناخ الاستثماري الجيد يجذب المستثمرين الأجانب ويدفع الشركاء إلى التمسك بالسوق القطرية رغم تهديدات دول الحصار، مشيراً إلى أن قطر تمنح إعفاءات ضريبية وتسهيلات تجارية لا تمنحها أي دول خليجية.

وأكد أن الاستيلاء على أموال واستثمارات القطريين في دول الحصار سيضر بهذه الدول لأنها إجراءات غير قانونية، موضحاً أن شركات ومستثمرين كباراً يدرسون الخروج من الإمارات بسبب ما فعلوه مع قطر وتدخلاتهم في الشؤون الداخلية للعديد من الدول العربية.
وشدّد الأحبابي، على أن الدوحة نجحت في كسر الموجة الأولى من الحصار وقادرة على كسر الموجة التصعيدية الثانية أيضاً.