أسواق غزة... بضائع مكدسة وجيوب فارغة

06 يونيو 2016
إقبال ضعيف على شراء السلع(عبد الحكيم أبو رياش،العربي الجديد)
+ الخط -


ساد الهدوء "غير المعهود" طرقات وأزقة وبسطات سوق الزاوية الشعبي، في مدينة غزة، رغم حلول موسم البيع لشهر رمضان، بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية، التي يعيشها سكان القطاع المحاصر منذ عشر سنوات، بينما لم تشفع حبال الزينة والإضاءة والفوانيس الكبيرة للتجار في ظل عند الركود الذي اجتاح أسواق غزة منذ عدة سنوات.

لكن اليأس لم يتسلل إلى قلب البائع الخمسيني، أبو محمد الداية، الذي يرتب بضاعته بمساعدة ابنه الكبير، أمام محله التجاري وسط سوق الزاوية الشعبي، تحضيراً لاستقبال موسم شهر رمضان.
مختلف أصناف التمور والبهارات وقمر الدين والمستلزمات الرمضانية، عرضها أبو محمد في مدخل محله التجاري، بطريقة لافتة، رغم انعدام الحركة الشرائية، ويقول إن التحضيرات لاستقبال رمضان "باهتة" كما الأوضاع الاقتصادية، بسبب شح الإقبال.

ويشير في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن التحضيرات لشهر رمضان في الأعوام السابقة كانت تبدأ قبل شهر، من توفير البضائع وتخزينها وعرضها بكميات كبيرة، لكن منذ بداية حصار الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، بدأت الحركة الشرائية تخف حدتها تدريجياً، حتى وصلت إلى مرحلة صعبة للغاية.

ويوضح أبو محمد أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها مواطنو قطاع غزة، أثرت بشكل كبير على الحركة التجارية، وذلك بسبب زيادة معدلات البطالة ونسبة الفقر، وعدم انتظام صرف الرواتب، إلى جانب عدم حصول الموظفين على كامل رواتبهم.




الوضع لم يختلف كثيراً عند محل المخللات والأجبان والمواد الغذائية، المقابل لمحل أبو محمد، حيث يقول صاحبه، حازم السقا، إن متجرهم بدأ بالعمل قبل نحو 20 عاماً، وأن خبرتهم في زراعة الخضروات وصناعة المخللات في مصنعهم ورثوها "أباً عن جداً".

ويوضح لـ"العربي الجديد"، أن صناعتهم للمخللات التي تعتبر الركيزة الأساسية في الموسم الرمضاني تنخفض أسعارها مقارنة بأسعار السوق، حيث لا يعتمدون على وسيط في العمل، ورغم ذلك، فإن الإقبال ضعيف، ولا يكاد يصل إلى 10%، مقارنة بالأعوام السابقة.

ويشير السقا إلى أن عدم إقبال المواطنين على شراء منتجاتهم الرخيصة، يدلل على عدم قدرتهم على شراء باقي البضائع غالية الثمن، واتجاههم للاستغناء عن المكملات.
ويقول إن الأوضاع الاقتصادية والحركة التجارية بدأت تسوء تدريجياً منذ بداية الحصار الإسرائيلي على غزة، لكنها تفاقمت بشكل غير مسبوق بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة عام 2014، مبيناً أن الكثير من المواطنين ينظرون إلى البضائع دون القدرة على شرائها.
ضعف الحركة الشرائية طاول مختلف المنتجات والمعروضات داخل الأسواق، حتى البضائع رخيصة الثمن والخضروات والفواكه والمستلزمات اليومية، حيث يقول بائع الخضار والفواكه خليل عاشور، إن التحضيرات لاستقبال رمضان كانت عادية، مثل الأيام السابقة بسبب ضعف البيع. ويوضح في حديث مع "العربي الجديد"، أن محله التجاري الذي بدأ العمل فيه منذ 25 عاماً وهو في الثامنة من عمره إلى جانب والده، كان يخزن الجزر والكرافس وأصنافا من الخضروات، التي يزداد الطلب عليها في رمضان قبل الموسم بشهر، لكن تدهور الحالة الاقتصادية أدى إلى توقف التخزين، والاعتماد على البيع المباشر.

إلى الأمام بضعة أمتار، وقف الشاب سعد حميد، أمام إناء يبيع فيه الجبنة البلدية، ويقول لـ"العربي الجديد"، إن الإقبال على منتجه الذي يصنعه داخل منزله كان كبيراً، ويزداد في موسم رمضان، لذلك كان يصنع كميات كبيرة قبل حلول الموسم، وإنه تعرض لخسارة العام الماضي عندما صنع كمية وفسدت نتيجة عدم تمكنه من بيعها أو حفظها.
ويشير إلى أنه يعيل أسرة مكونة من أربعة أشخاص، وأن ضعف الأسواق لم يعد يكفي لسد رمق عائلته، أو حتى توفير المستلزمات الأساسية لها، موضحاً أن أوضاع الأسواق في غزة لا تتحسن كثيراً في المواسم، بل تتحسن قليلاً عند صرف الرواتب.
ويوافقه في الرأي أبو شريف غانم، صاحب بقالة وسمانة ومواد غذائية، عرض في مدخل بقالته أصناف الأجبان والمخللات والطحينية والتمور والبهارات، مبيناً أن تدهور الأوضاع الاقتصادية بدأ منذ حوالي 10 أعوام، وأن الأيام العادية قبل تلك السنوات، كانت أفضل من المواسم في الوقت الحالي.