أسواق المال تدخل المنعطف الخطر في عهد ترامب

20 يناير 2017
المستثمرون في حيرة من أمرهم (سبنسر بلات/Getty)
+ الخط -
مع بدء العهد الرئاسي الجديد في أميركا، ودخول دونالد ترامب رسمياً إلى البيت الأبيض، يدخل الاقتصاد العالمي في منعطف خطير وتصاب أسواق المال بالشلل. فهنالك شكوك ومخاوف واسعة وعدم معرفة بما سيفعله الرئيس ترامب خلال المائة يوم الأولى، بشأن العديد من القضايا التجارية التي طرحها في برنامجه الانتخابي
وتساؤلات عما إذا كان سيتمسك بالوعود التي قطعها للناخبين الخاصة بالضرائب ومعاقبة الشركات المنتجة في الخارج، أم أنه سيتخلى عنها. كما أن الرئيس الجديد يدخل البيت الأبيض وهو يخوض معركة مع مؤسسات الحكم في أميركا. فهو على خلاف مع العديد من الدوائر حول إدارة شؤون البلاد وتنظيم علاقاتها الخارجية. كما أن بعض برامجه الاقتصادية لا تروق لبعض أعضاء الحزب الجمهوري، وخاصة أن بعضها سيرفع من الدين الأميركي الذي يقارب حالياً 20 ترليون دولار. وسط هذا الجو المشحون بالشكوك، يجد المستثمرون أنفسهم في مفترق الطرق، في أعقاب الانتعاشة القصيرة التي حدثت بعد فوز ترامب.
في هذا الصدد، يقول متعامل في نيويورك لصحيفة "وول ستريت جورنال": "لا أحد يعلم توجهات السوق في عهد ترامب، الكل يبحث عن حقائق ملموسة على صعيد السياسات الاقتصادية والنقدية يمكن البناء عليها في التعاملات".
فيما قال مستثمر آخر "تسيطر حالة من الانتظار والترقب وعدم اليقين على المستثمرين". ولم يجد المستثمرون في السوق الأميركية إشارات تذكر يمكن قراءتها من التعليقات التي أدلت بها رئيسة مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) جانيت يلين، أو حتى في البيانات التي صدرت من البنك المركزي الأوروبي، يوم الخميس. ولكن ما يلاحظ حتى الآن، أن المؤتمر الصحافي الذي عقده أخيراً، بعث فيه بإشارات غير مطمئنة بالنسبة للمستثمرين.
ولاحظ خبراء في السوق الأميركي أن فورة الاستثمار في الأسهم الأميركية والصعود القوي للدولارالذي حدث في نهاية العام الماضي وانتعاش أسواق المال في أعقاب فوز الرئيس دونالد ترامب، بدأت تتراجع، وأن آمال المستثمرين بدأت تخبو في تحقيق أرباح خلال عهد الرئيس دونالد ترامب. وفي بريطانيا، قال مستثمرون إن هنالك نوعاً من الإحباط، وهو ما دفع المستثمرين للهروب من سوق الأسهم الأميركية نحو الذهب.
في هذا الصدد، أشارت البيانات الأسبوعية التي تنشرها البورصة الأميركية، إلى أن الاستثمارات في الأسهم الأميركية تراجعت بحوالى 2.5 مليار دولار، فيما زادت الاستثمارات في الذهب بحوالى 1.3 مليار دولار. وحسب البيانات الأميركية الصادرة من سوق "وول ستريت"، فإن الاستثمارات الخارجية بدأت تهرب كذلك من السندات الأميركية، وسط موجة تسييل كبيرة من قبل المستثمرين الأجانب قادتها الصين، حيث خفضت حصيلة موجوداتها في السندات الأميركية بأكثر من 100 مليار دولار. وفي التعاملات الأوروبية، ترجمت حال عدم اليقين، أمس، في تراجع الأسهم الأوروبية والدولار، وذلك قبل تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
وبعد أسبوع من التقلبات التي دفعت المستثمرين إلى التشكيك في مصير الدولار في عهد ترامب، تراجعت في لندن، العملتان الأميركية والبريطانية إلى حيث بدأتا الأسبوع تقريباً.

وانخفض الدولار نحو 2.0% منذ بداية يناير/ كانون الثاني مع تنامي المخاوف من اتجاه ترامب للحماية التجارية وموقفه من قوة العملة الأميركية الذي أبداه خلال الأسبوع. ويذكر أن الدولار كسب حوالى 10% أمام سلة من العملات الأخرى منذ فوز ترامب في انتخابات الرئاسة في نوفمبر/ تشرين الثاني.
وتراجع الدولار بنسبة أقل من 0.1% في التعاملات الأوروبية المبكرة، لترتفع خسارته خلال الأسبوع إلى 0.2% منذ بداية الأسبوع.
وفي مقابل اليورو، "حوّمت" العملة الأميركية عند مستوى يقل قليلاً عن 1.07 دولار لليورو. وكانت يلين توقعت، في تصريحاتها يوم الأربعاء، أن يرفع مجلس الاحتياط الفدرالي أسعار الفائدة ربما مرة واحدة، في حين تأخذ السوق حالياً في اعتبارها رفع الفائدة مرتين.
وحسب وكالة رويترز، لا يعقد المستثمرون آمالاً كبيرة على خطاب تنصيب ترامب بعد المؤتمر الصحافي الذي عقده الأسبوع الماضي وخيب فيه آمال المراهنين على أن يبعث رسالة متفائلة بخصوص التحفيز المالي ويقدم مزيداً من التفاصيل بشأن كيفية التنفيذ.
وقال محللون إنه إذا عاد ترامب لنبرته المطمئنة التي تحدث بها في نوفمبر/ تشرين الثاني بعد انتخابه مباشرة، فلن تكون هناك حاجة كبيرة للجوء إلى الذهب باعتباره ملاذا آمناً.
ومن المتوقع أن يستفيد الذهب من حال عدم اليقين إذا استمرت خلال الشهر الجاري، وذلك على الرغم من أن بيانات أفضل من المتوقع عن الوظائف الأميركية وعن قطاعي الإسكان والمصانع بالولايات المتحدة عززت وجهة النظر القائلة إن الاقتصاد الأميركي قوي بما يكفي لرفع أسعار الفائدة.
ويتأثر الذهب كثيراً بارتفاع أسعار الفائدة، الذي يزيد من كلفة الفرص البديلة الضائعة على حائزي الأصول التي لا تدر عائدا، مثل الذهب، بينما يعزز الدولار المقوم به المعدن. وارتفع الذهب أكثر من سبعة بالمئة منذ هبوطه لأدنى مستوى له في أكثر من عشرة أشهر ونصف الشهر في ديسمبر/ كانون الأول.
ولكن تبقى مسألة حفاظ الرئيس دونالد ترامب على المؤسسات الدولية والقوانين التي تحكم التجارة الدولية وعلاقاته مع الصين، إحدى المسائل الأكثر إثارة للاهتمام بالنسبة للمستثمرين في أسواق المال.
المساهمون