19 نوفمبر 2016
أسئلة لم يسمعها الأسد من أصلاموفا
سألت صحافية روسية بشار الأسد: آلاف الشباب في سن القتال يملأون المقاهي وصالات التدريب الرياضية والمسابح والمراقص والملاهي الليلية، لماذا لا ترسلونهم إلى الجبهة، أليست هذه حربكم المصيرية وقضيتكم الوطنية، ألا ينبغي أن يكون جميع الرجال السوريين على الجبهات؟
شخصياً، لا أتخيّل أن هذا السؤال كان مفاجئاً لبشار الأسد، فلم يعتد هذا، ولا والده، ولا جميع الحكام الشموليين إجراء لقاءاتٍ صحافية مع صحافيين انتقوهم لإجراء اللقاء (مقابل أجر) من دون أن يطلبوا الأسئلة مسبقاً، بل وقد يضع بعض مساعديهم أسئلة محدّدة، يرغبون هم بالإجابة عنها لتوجيه رسائل محددة لجهاتٍ يقصدونها (لذلك وقع الاختيار على الروسية داريا أصلاموفا بالذات).
اشتملت المقابلة مع الصحافية الروسية على أسئلة كثيرة، كان واضحاً أن بثينة شعبان أو لونا الشبل، مستشارتي بشار، أو أحد جهابذة الإعلام من جوقة حزب البعث، قد وضعها، لكي يجيب عنها بأجوبة كان مستشاروه قد صاغوها له، ليقولها لصحافيةٍ مهمتها، كما معظم صحافيي السلطان في الدول الشمولية، تأييد ما يقوله الطاغية، بل والمبالغة في استحسان وجهة نظره وتأييدها.
تسأل أصلاموفا عن سبب وجود شباب سوريين في المقاهي والساحات، في حين أن الحرب تشتعل في كل أنحاء سورية، والانفجارات تُسمع في كل مكان، ولماذا لا يتم تجنيدهم للدفاع عن دولتهم في معركتها المصيرية، فيجيب بشار أن نظامه لم يعلن التعبئة العامة، بل هي تعبئة من الدرجة الثانية. يريد أن يوحي بأن الأمر ليس خطيراً إلى درجة أن يعلن التعبئة العامة، وأن وضع نظامه ليس بهذه الخطورة، ما يتيح له أن يستثني شباباً وطلاباً وعاملين مدنيين كثيرين من عملية التعبئة والتجنيد.
لو كان المحاور غير السيدة التي اختارها مستشارو الديكتاتور، ولو كانت هذه تعمل في صحافة دولة اعتادت احترام المهنية في العمل الصحافي، لكان سؤالها: إذا كان الوضع لا يستدعي تعبئة عامة، كما يحصل في جميع الحروب المصيرية التي تخوضها الدول ذات الحكومات التي تحترم نفسها، وتصون كرامتها واستقلال أوطانها، فما هو سبب جلب عشرات آلاف المقاتلين الطائفيين الذين جندتهم إيران في مليشيات مسلحة من لبنان والعراق وأفغانستان، ويرتكبون جرائم حرب ضد السوريين بخلفية طائفية، ما يعمق الانقسام المجتمعي في سورية، ويساعد التنظيمات التكفيرية الطائفية في الطرف الآخر على استقدام متطرفين وتكفيريين من خارج سورية، وإيجاد تربة خصبة لأفكارها في المجتمع السوري المعروف باعتداله وتنوعه؟ وما هي الحاجة إلى عشرات آلاف الجنود الإيرانيين، وآلاف الجنود الروس وأساطيلهم الجوية والبحرية وقنابلهم العنقودية والارتجاجية التي أحرقت مدن سورية وقراها؟ وإذا كانت هذه الحرب التي تخوضونها دفاعا عن سورية وشعبها ضد أعداء وطنكم وشعبكم، فلماذا هرب الملايين من السوريين، وبينهم مئات آلاف من الشباب، ولم يبقوا هنا لدعمكم، وصد ما تقولون إنه عدوان على وطنهم وشعبهم، بل فضلوا الموت غرقاً واجتياز البحار هرباً من حربكم هذه.
يحاول طاغية دمشق مدعوماً من الصحافة الروسية، وجوقة إيران الإعلامية، تغطية الشمس بغربال، لكن القاصي والداني على يقين أنه أصبح بلا جيش ولا مواطنين. لا أحد لديه الرغبة في الدفاع عن فساده وفساد المافيا العائلية التي يقودها، ولولا عصا الإرهاب والتنظيمات التكفيرية التي أشهرها في وجه شريحةٍ كبيرة من الشعب السوري، تلك التنظيمات الإرهابية التي اختلقها وسهَّل نموها، بالتعاون مع كل من أراد أن يجعل من الشعب السوري مثلاً سيئاً للشعوب التي تثور على طغاتها، لتخلى عنه، حتى أقرب المقربين إليه من غير أعضاء المافيا المستفيدة مباشرةً من ريوع الفساد، أو الخائفين على رؤوسهم من أي محاسبةٍ أو محاكمةٍ، قد يتعرّضون لها بعد ما ارتكبوه من موبقاتٍ وجرائم ومجازر.
لم تعد حقيقة وضع بشار الأسد وهشاشة نظامه واعتماده الكلي على قوى ومليشيات أجنبية للحفاظ على بقائه خافية على أحد، وخصوصاً على السوريين الذين أصبح صغيرهم، قبل كبيرهم ومواليهم، يعلم أنه لم يعد أكثر من عبد مأمور لسيدين، كل منهما قادر على ضربه على قفاه متى شاء. ولا يكترث خامنئي وبوتين كثيرا لما يقول، فهما قادران على ركله خارج سورية متى أحسوا أنه لم يعد قادراً على خدمة استراتيجيتهم في المنطقة، كما تستطيع إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية تقويض نظامه، متى أحسا أنهما استنفدا أغراضهما من الحرب التي يشنها على شعبه ووطنه.
شخصياً، لا أتخيّل أن هذا السؤال كان مفاجئاً لبشار الأسد، فلم يعتد هذا، ولا والده، ولا جميع الحكام الشموليين إجراء لقاءاتٍ صحافية مع صحافيين انتقوهم لإجراء اللقاء (مقابل أجر) من دون أن يطلبوا الأسئلة مسبقاً، بل وقد يضع بعض مساعديهم أسئلة محدّدة، يرغبون هم بالإجابة عنها لتوجيه رسائل محددة لجهاتٍ يقصدونها (لذلك وقع الاختيار على الروسية داريا أصلاموفا بالذات).
اشتملت المقابلة مع الصحافية الروسية على أسئلة كثيرة، كان واضحاً أن بثينة شعبان أو لونا الشبل، مستشارتي بشار، أو أحد جهابذة الإعلام من جوقة حزب البعث، قد وضعها، لكي يجيب عنها بأجوبة كان مستشاروه قد صاغوها له، ليقولها لصحافيةٍ مهمتها، كما معظم صحافيي السلطان في الدول الشمولية، تأييد ما يقوله الطاغية، بل والمبالغة في استحسان وجهة نظره وتأييدها.
تسأل أصلاموفا عن سبب وجود شباب سوريين في المقاهي والساحات، في حين أن الحرب تشتعل في كل أنحاء سورية، والانفجارات تُسمع في كل مكان، ولماذا لا يتم تجنيدهم للدفاع عن دولتهم في معركتها المصيرية، فيجيب بشار أن نظامه لم يعلن التعبئة العامة، بل هي تعبئة من الدرجة الثانية. يريد أن يوحي بأن الأمر ليس خطيراً إلى درجة أن يعلن التعبئة العامة، وأن وضع نظامه ليس بهذه الخطورة، ما يتيح له أن يستثني شباباً وطلاباً وعاملين مدنيين كثيرين من عملية التعبئة والتجنيد.
لو كان المحاور غير السيدة التي اختارها مستشارو الديكتاتور، ولو كانت هذه تعمل في صحافة دولة اعتادت احترام المهنية في العمل الصحافي، لكان سؤالها: إذا كان الوضع لا يستدعي تعبئة عامة، كما يحصل في جميع الحروب المصيرية التي تخوضها الدول ذات الحكومات التي تحترم نفسها، وتصون كرامتها واستقلال أوطانها، فما هو سبب جلب عشرات آلاف المقاتلين الطائفيين الذين جندتهم إيران في مليشيات مسلحة من لبنان والعراق وأفغانستان، ويرتكبون جرائم حرب ضد السوريين بخلفية طائفية، ما يعمق الانقسام المجتمعي في سورية، ويساعد التنظيمات التكفيرية الطائفية في الطرف الآخر على استقدام متطرفين وتكفيريين من خارج سورية، وإيجاد تربة خصبة لأفكارها في المجتمع السوري المعروف باعتداله وتنوعه؟ وما هي الحاجة إلى عشرات آلاف الجنود الإيرانيين، وآلاف الجنود الروس وأساطيلهم الجوية والبحرية وقنابلهم العنقودية والارتجاجية التي أحرقت مدن سورية وقراها؟ وإذا كانت هذه الحرب التي تخوضونها دفاعا عن سورية وشعبها ضد أعداء وطنكم وشعبكم، فلماذا هرب الملايين من السوريين، وبينهم مئات آلاف من الشباب، ولم يبقوا هنا لدعمكم، وصد ما تقولون إنه عدوان على وطنهم وشعبهم، بل فضلوا الموت غرقاً واجتياز البحار هرباً من حربكم هذه.
يحاول طاغية دمشق مدعوماً من الصحافة الروسية، وجوقة إيران الإعلامية، تغطية الشمس بغربال، لكن القاصي والداني على يقين أنه أصبح بلا جيش ولا مواطنين. لا أحد لديه الرغبة في الدفاع عن فساده وفساد المافيا العائلية التي يقودها، ولولا عصا الإرهاب والتنظيمات التكفيرية التي أشهرها في وجه شريحةٍ كبيرة من الشعب السوري، تلك التنظيمات الإرهابية التي اختلقها وسهَّل نموها، بالتعاون مع كل من أراد أن يجعل من الشعب السوري مثلاً سيئاً للشعوب التي تثور على طغاتها، لتخلى عنه، حتى أقرب المقربين إليه من غير أعضاء المافيا المستفيدة مباشرةً من ريوع الفساد، أو الخائفين على رؤوسهم من أي محاسبةٍ أو محاكمةٍ، قد يتعرّضون لها بعد ما ارتكبوه من موبقاتٍ وجرائم ومجازر.
لم تعد حقيقة وضع بشار الأسد وهشاشة نظامه واعتماده الكلي على قوى ومليشيات أجنبية للحفاظ على بقائه خافية على أحد، وخصوصاً على السوريين الذين أصبح صغيرهم، قبل كبيرهم ومواليهم، يعلم أنه لم يعد أكثر من عبد مأمور لسيدين، كل منهما قادر على ضربه على قفاه متى شاء. ولا يكترث خامنئي وبوتين كثيرا لما يقول، فهما قادران على ركله خارج سورية متى أحسوا أنه لم يعد قادراً على خدمة استراتيجيتهم في المنطقة، كما تستطيع إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية تقويض نظامه، متى أحسا أنهما استنفدا أغراضهما من الحرب التي يشنها على شعبه ووطنه.