أزمة تشكيل الحكومة الألمانية: الخطر يتربّص بالحزب الاشتراكي

25 يناير 2018
قاعدة حزب شولتز غير مرتاحة لخياره (ساشا شورمان/فرانس برس)
+ الخط -

بات شريكا الائتلاف الحكومي المستقبلي في ألمانيا، الاتحاد المسيحي بزعامة المستشارة أنجيلا ميركل، والاشتراكي الديمقراطي بزعامة مارتن شولتز، على أهبة الاستعداد لخوض مفاوضات مشتركة شاقة، عقب موافقة مندوبي الاشتراكي، يوم الأحد الماضي، بأغلبية ضئيلة على هذه الخطوة. وصعوبة المفاوضات تكمن في أن وضع الاشتراكي غير مستقر والمطلوب من مفاوضيه العودة عند نهايتها إلى أكثر من 440 ألفاً من أعضائه، وأخذ موافقتهم على اتفاق تشكيل ائتلاف "غروكو" جديد. وبدا أن الاشتراكي معرّض للغرق كما غيره من الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية في البلدان الأوروبية، لجملة من المعطيات منها، أن زعيم الحزب شولتز، بدا في مرافعته خلال المؤتمر الاستثنائي وأمام مندوبي حزبه، يوم الأحد، ضعيفاً في قدرته على الإقناع. بالتالي فإن من المرجّح أن وجوده في رئاسة الاشتراكي في حال قيام الائتلاف لن يتجاوز العامين، وهي الفترة التي منحها الاشتراكي، وضمن ورقة الاتفاق المبدئي، لنفسه للقيام بجردة وتقييم عمله الحكومي في الائتلاف الجديد.

إلى ذلك، فإن خصوم "غروكو" اعتبروا أن العجز السياسي باقٍ في حال حصول التحالف، لعدم شعبيته. كما أن هناك حالة من الإحباط مخيّمة على مناصري الاشتراكي بعد حصول القيادة على ضوء أخضر للتفاوض مع الاتحاد المسيحي، قد تفضي إلى ائتلاف وشراكة. وهو ما اعتبره هؤلاء بمثابة الكارثة السياسية الخطيرة لحزبهم.

الأهم، أن شبيبة الحزب بزعامة كيفن كونيرت اتخذت قرارها، أنه "بمجرد صياغة مشروع اتفاق الائتلاف سوف تنظم فعاليات معادية لغروكو في جميع أنحاء المانيا لتعزز موقفها، وأنها ليست بصدد التخلي عن معركتها". وهي عمدت لهذه الغاية، وبعد الأغلبية البسيطة، التي حصل عليها قادة الحزب للدخول في مفاوضات، إلى تنظيم حملة تدعو لانضمام أعضاء جدد إلى الحزب، فقد سُجّل يوم الاثنين الماضي، طلب عضوية 70 شخصاً في برلين، و100 شخص في ولاية بافاريا. والهدف هو منع التحالف الكبير عند تصويت الأعضاء بنهاية المفاوضات، حسبما ذكرت صحيفة "دي تسايت" يوم الثلاثاء الماضي.

وفي السياق أيضاً، برزت أصوات للعديد من السياسيين البارزين في الاتحاد المسيحي، داعية إلى "ضرورة الالتزام بورقة التفاوض، ومن أنه بالتأكيد لن يكون الاشتراكي قادرا على فرض ما يريد". مع العلم أن الأمين العام للاشتراكي لارس كلينغبيل، كان أكثر تفاؤلاً، واعتبر في حديث مع قناة "زد دي أف" التلفزيونية، يوم الإثنين، أنه "سيكون هناك تقارب بين الاتحاد المسيحي والاشتراكي، وأنه على ثقة بأن الاتحاد مستعد لإجراء مفاوضات حول عدد من القضايا". في المقابل، قال رئيس ديوان المستشارية المسيحي الديمقراطي، بيتر ألتماير، في حوار تلفزيوني إن "بعض النقاط في ورقة التفاوض دقيق نسبياً".



وفشل شولتز في إقناع الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي، يوم الإثنين، في برلين، كون حججه لم تكن كافية لكسب المواجهة بأريحية مع خصوم "غروكو"، وهو الذي استطاع تحويل أنظار المشاركين إلى الاهتمام بالقارة الأوروبية، عندما قال في كلمته إن "الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اتصل به قبل يوم من انعقاد المؤتمر، واعتبر أن مضمون الورقة الاستكشافية بمثابة بيان لألمانيا الأوروبية، وهي تشمل طروحات بخصوص الاستثمارات وتعزيز الاقتصاد وصندوق النقد الأوروبي. وشدّد على ضرورة التغلب على روح النيوليبرالية في أوروبا".

مع ذلك، فإن شولتز تخطى عقبة واحدة فقط على الطريق الطويل للحكومة، لأن على الاشتراكي تحديد الأهداف والمهام في جميع المجالات. وهو ما تعهّدت به رئيسة كتلة الحزب في البوندستاغ، أندريا ناهليس، في كلمتها يوم المؤتمر، والتي حوّلت المزاج نوعاً ما في خطابها الباهر، وتمكنت فيه من حفظ رأس زعيم حزبها، بقولها إن "الحزب سيقاتل من أجل فرض تحسينات وتعديلات على ورقة الاتفاق المبدئي. مع العلم أن المفاوضين محكومون في المقام الأول بثلاث نقاط، وهي لمّ شمل الأسر للاجئين الذين يتمتعون بالحماية الفرعية، والتأمين الصحي، وعقود العمل محددة المدة والضرائب على كبار المداخيل". من جهة ثانية، دفعت نتائج التصويت الأستاذة في جامعة برلين الحرة، سابين كروب، للقول لصحيفة "بيلد"، إن "النتيجة تعكس تفتت الحزب الاشتراكي، إذ بات هناك معسكران مناوئان تقريباً".

هذا ومن المقرر بدء المفاوضات الائتلافية بسرعة، وفق ما توصل قادة الائتلاف خلال مداولاتهم في برلين، فتم توضيح المسائل التنظيمية للمفاوضات. كما أعلنوا عن حاجتهم إلى مزيد من المشاورات الداخلية لتحديد مسار العمل قبل بدء المفاوضات. ومن المتوقع مشاركة 60 مفاوضاً من مختلف أطراف الائتلاف، 20 منهم من حزب المسيحي الديمقراطي و15 من الاجتماعي المسيحي و25 من الاشتراكي. أما عملية تشكيل الحكومة، فمرتبطة بالمدة التي ستستغرقها المناقشات بين المفاوضين. ورغم ترجيح التوقعات بأن شهري مارسِ/آذار وأبريل/نيسان المقبلين سيكونان مفصليين، إلا أن زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي هورست زيهوفر، الشريك لحزب ميركل، توقع انتهاء المفاوضات في شهر فبراير/شباط المقبل.