أزمة النزوح

18 سبتمبر 2014
يواجه العالم أزمة نزوح ولجؤ كبيرة بسبب الأوضاع (أرشيف/getty)
+ الخط -
يواجه العالم أزمة حقيقية تتعلّق بحجم النازحين واللاجئين الذين فرضوا أنفسهم بشكل قوي على أجندة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الدولية، فلم يكن متوقعاً على الإطلاق أن يصل عدد اللاجئين في العالم إلى أكثر من 50 مليون لاجئ، بحسب تقرير اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، "الاسكوا"، للعام 2014.
بدأت ترتفع أزمة اللجوء مطلع الألفية الجديدة، بسبب الحروب والنزاعات بين الدول، لكن ارتفاع وتيرتها خلال السنوات الماضية، وخاصة بعد تصاعد أعمال العنف في العراق، والحرب المشتعلة في سورية، جعلت أزمة اللجوء والنزوح تأخذ طابعاً آخر، وتشكل معضلة جديدة في وجه التنمية المستدامة.
في لبنان، أكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري، وأكثر من ثمانية آلاف نازح عراقي، في الأردن، لجأ أكثر من نصف ميلون سوري، وأكثر من نصف مليون عراقي.
ربما الأرقام باتت لغة المنظمات الدولية والإقليمية، التي تحاكي هذا الملف، لكن داخل هذه الأرقام، ألف قصة يرويها النازحون، وألف قصة تحاكي واقعاً اقتصادياً ومعيشياً وصحياً صعباً. الأوضاع المعيشية صعبة للغاية: المساعدات الدولية لم تعد الحل الأنسب لمواجهة متطلبات الحياة.
والأبرز والأهم، هو ما ولد من نتائج ارتدادية للنزوح من مناطق العنف: انتشار للفقر والبطالة، أطفال يتوجهون إلى العمل، جهل وأمية لا تليقان بالألفية الجديدة، ألفية العولمة والتطور التكنولوجي.
منذ أشهر، بدأت الأوبئة والأمراض بالتسلّل إلى أجساد النازحين، لترفع نسب الوجع من الضغط الاقتصادي والنفسي إلى الضغط الجسدي، وما لبثت أن انتشرت معلنة الحرب ضد أجساد الأطفال.
ولعلّ ما حدث أخيراً في مخيمات عكار، شمال لبنان، وإقليم كردستان، شمال العراق، من تسجيل حالات وفاة أطفال بسبب الأوبئة والأمراض، خير دليل على مدى الوجع الذي يعيشه النازحون.
لم تعد مشكلة النزوح، خاصة بعد انتشار الأمراض والأوبئة داخل المخيمات، مشكلة عابرة تحتاج إلى مساعدات من هنا أو هناك، بل باتت المشكلة تتعلق بالأمن الإنساني، الأمن الذي كرست الأمم المتحدة جهودها للحفاظ عليه، وها هي اليوم بدأت تفقده يوماً بعد يوم.
الحقيقة أن وسائل الإعلام نجحت في نشر صور وجع النازحين، لكنها لم تنجح حتى اليوم في إيصال صوت وجع الأطفال والنساء والشيوخ، ولم تنجح في تغيير واقع أجيال ولدت تحت خيم اللجوء، وربما ستقضي ما تيسّر من عمرها داخل هذه الخيم، وسط سكوت خجول لصنّاع القرار الذين لعبوا دوراً في صنع مأساتهم.
المساهمون