قضية سرقة القرن في العراق: تأجيل محاكمة المتهم حتى نهاية أغسطس

14 اغسطس 2024
أمام محكمة الاستئناف في بغداد، 6 يونيو 2022 (Getty)
+ الخط -

كشف عضو البرلمان العراقي مصطفى سند، اليوم الأربعاء، عن تأجيل محاكمة المتهم الأول بقضية سرقة القرن في العراق المرتبطة بالأمانات الضريبية إلى نهاية شهر أغسطس/ آب الحالي.

ونشر النائب سند توضيحا على حسابه، قائلا إن المحاكمة تأجلت الى يوم 27 من شهر أغسطس/ آب الجاري لعدم حضور المتهم نور زهير إلى المحكمة، فيما ذكرت مصادر من داخل محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزية في بغداد أن محامي المتهم زهير قدم طلباً لرئاسة المحكمة لتأجل المحاكمة في سرقة القرن في العراق الى إشعار آخر.

وقالت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن موكل المتهم ذكر في الطلب المقدم إلى هيئة الرئاسة أن سبب طلب تأجيل المحاكمة هو عدم إمكانية مجيء المتهم، ووافقت هيئة المحكمة على الطلب بتأجيل المحاكمة لمدة أسبوعين.

وأثارت قضية سرقة الأموال الضريبية في العراق البالغة 2.5 مليار دولار، وعودتها إلى الواجهة مجددا، الجدل لدى الرأي العام العراقي، بعدما أعلنت هيئة النزاهة الحكومية عن ارتفاع نسبة المبالغ المسروقة في سرقة القرن في العراق إلى الضعف، بالتزامن مع ارتفاع أعداد المتهمين بالسرقة إلى أكثر من 30 متهما ومدانا.

وشكلت عملية إطلاق سراح المتهم نور زهير نهاية العام 2022 جدلا واسعا في الأوساط القانونية ووسائل الإعلام، بين من يرى أن إجراء المحكمة بإطلاق سراحه بكفالة لحين استرداد الأموال المتبقية من السرقة صحيح، ومن يؤكد أن هناك سبلا أخرى لاسترداد بقية الأموال دون اللجوء إلى إطلاق سراحه، ومحاكمته بعد استرداد الأموال المسروقة بالكامل.

وأُعلن عن سرقة القرن في العراق إبّان حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي عام 2022، على خلفية اشتراك تحالف مؤلف من 5 شركات وهمية في سرقة وسحب مبلغ 3 تريليونات و750 مليار دينار عراقي (نحو 2.5 مليار دولار) من الأموال التي أودعتها كبريات شركات النفط في حساباتها الضريبية باستخدام أوراق وشيكات مزيفة.

سرقة القرن في العراق والحكومة

وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قد أعلن، خلال مؤتمر صحافي يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، استرداد جزء من الأموال المسروقة من الأمانات الضريبية، مؤكدا استرداد 182 مليار دينار (نحو 125 مليون دولار)، بنسبة 5 بالمائة من أصل المبلغ المسروق الذي يبلغ نحو 2.5 مليار دولار الذي كان مودعًا في مصرف الرافدين الحكومي.

وقال السوداني إن القاضي المختص أصدر أمرًا بإطلاق سراح نور زهير بكفالة، مقابل تعهده بتسليم كامل المبلغ المسروق خلال مدة أسبوعين من تاريخه، مشيرا إلى أن القسم الأكبر من المبلغ لدى المتهم عبارة عن عقارات وأملاك، ومبينًا وجود اتفاق بين محكمة تحقيق الكرخ الثانية في بغداد والمتهم لجدولة استرداد كامل المبلغ الذي بحوزته.

من جانبه، كشف رئيس هيئة النزاهة في العراق، القاضي حيدر حنون، عن تفاصيل جديدة عن سرقة الأمانات الضريبية، فيما أكد أن نور زهير متهم مكفل وستتم محاكمته، وقال خلال مؤتمر صحافي، إن رئيس الحكومة يتابع شخصياً وبشكل يومي قضية الأمانات الضريبية.

وبين حنون أن سرقة الأمانات الضريبة مودعة لدى القضاء العراقي، مضيفاً أن هيئة النزاهة مسؤوليتها تنفيذ القوانين فقط، وأن "هذه القضية لن تموت والحكومة توليها الأولويات الكاملة"، مشيرا إلى استقدام متهمين آخرين ضمن القضية، من بينهم المتهم قاسم محمد من إقليم كردستان العراق، الذي كان هارباً في تركيا وهو يشغل منصب المدير المفوض لشركة الحوت الأحدب.

وأشار حنون إلى أن السرقة المسجلة على المتهم 988 مليار دينار، وهي ليست أرقاماً نهائية، فضلا عن القبض على متهم آخر هو محمد فلاح الجنابي، المدير المفوض لشركة القانت، وهو متهم بسرقة ترليون و85 مليار دينار عبر 79 صكاً مزوراً، إلى جانب متهم ثالث بسرقة الأمانات الضريبية موقوف في الإمارات وسوف يتم استرداده قريباً.

وأوضح رئيس هيئة النزاهة في العراق أنه قبض على عبد المهدي توفيق المتهم بسرقة أكثر من تريليوني دينار عراقي، وهو المدير المفوض أيضاً لشركة الحوت الأحدب، أما المتهم الرابع بسرقة الأمانات الضريبة فهو علاء خلف مران الذي لا يزال هارباً، حيث كان يعمل في مكتب رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي وقد اختلس 890 مليار دينار.

واستطرد حنون: "جرى القبض على شخصين آخرين من مزدوجي الجنسية من قبل السلطات الكويتية والمبالغ التي بذمتهم تبلغ 124 مليون دولار وسيتم استردادها"، مؤكدا أن المبلغ النهائي لسرقة الأمانات الضريبة يفوق ما هو معلن. وأوضح أنه جرى استرداد مبلغ أكثر من مليوني دولار و155 مليون دينار كانت قد دفنت تحت الارض في بابل و9 عقارات لحسين كاوة، الذي كان يشغل منصب مدير عام سابق في المديرية العامة لسكك الحديد، وهو الآن موقوف في إربيل، والمساعي جارية مع الإقليم لاسترداده ومعه متهم آخر موقوف أيضا متهم بسرقة 624 مليار دينار من خلال 37 صكاً.

ارتفاع عدد المتهمين

وأكد حنون أن عدد المتهمين المتورطين في قضايا سرقة القرن فاق الـ30 متهماً، والمطلوب من هيئة الضرائب ووزيرة المالية معرفة المبالغ المسروقة من الأمانات الضريبية بعيداً عن الضبابية، داعيا مدير هيئة الضرائب إلى الإعلان عن كمية الأموال المسروقة من الأمانات الضريبية خلال مدة 15 يوماً.

من جانب آخر، قال المتخصص في مجال مكافحة الفساد، سعيد ياسين موسى، إن إجراءات المحكمة المختصة المعنية في موضوع سرقة القرن "تتخذ وفق قانون أصول المحاكمات الجزائية النافذ بالتكييف القانوني وفق المادة 444 عقوبات"، مؤكدا خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، الحاجة الى التشديد في إنفاذ القانون في ملاحقة المتهمين دون استثناء مع اتخاذ إجراءات مستقبلية لمنع تكرار مثل هذه الجرائم من خيانة الأمانة في الوظيفة العامة واستغلال النفوذ الإداري.

وبين موسى أن "الرأي العام العراقي لديه انطباعات كبيرة بأن جريمة سرقة الأمانات الضريبية وراءها نفوذ سياسي وحماية سياسية، وذلك متأت من أن الوظيفة العامة وظيفة حصص سياسية لأغراض سياسية محددة"، وذكر أن "الذين ساهموا ووقعوا في الفخ هم الموظفون المتنفذون الذين استخدموا نفوذهم الإداري في خدمة أجنداتهم، إلا أن القانون ينفذ على من له توقيع وموافقة على الورق في كل مراحل الجريمة". 

وأضاف المتحدث ذاته أن "نور زهير ومن معه من أصحاب الشركات الذين أعلن عنهم، ومن سيكشف عنهم كموظفين لاحقاً، هم أدوات وواجهة لتنفيذ الجريمة"، مؤكداً أن "الجريمة مدبرة وفق الإصرار والترصد في كل مراحلها"، مشيرا إلى أن "الوصف القانوني هو سرقة الأمانات الضريبية، والمبلغ المعلن مبلغ أولي ربما يرتفع إلى أضعاف المبلغ المعلن، كما من المتوقع أن تفرد وتتفرع قضايا جديدة من خلال سير التحقيقات".

المساهمون