أزمة التعليم الخاص في السعوديّة

06 يونيو 2015
أزمة قبول في جميع المراحل الدراسية (فرانس برس)
+ الخط -
بعدما أصدرت المدارس الخاصة في السعودية قراراً يقضي برفع رسوم الدراسة للعام المقبل بنسب تراوح ما بين 20 و40%، يتخوّف متخصصون في التعليم من أن يؤدي ذلك إلى هروب العديد من التلاميذ إلى المدارس الحكومية. وقد اشتكى عدد كبير من أولياء الأمور من أن مدارس أبنائهم أشعرتهم مع اقتراب نهاية العام الدراسي الحالي، برفع الرسوم السنوية بنسب كبيرة. ويأتي ذلك على الرغم من أن عدداً كبيراً من تلك المدارس سبق ورفع في العام الماضي رسومه بالفعل، لكنه تقرّر في هذا العام إضافة رسوم أكبر.

يوضح المتحدث الرسمي باسم وزارة التعليم، مبارك العصيمي، لـ"العربي الجديد"، أنه "لا يحقّ لأي مدرسة أن ترفع رسومها بلا مبرر. على صاحب المدرسة أن يقدّم لنا طلباً برفع الرسوم يرفقه بمبررات الرفع، فتقوم الجهة المسؤولة بدراسة الطلب وتصدر قرارها بالقبول أو الرفض. وفي حال رفع الرسوم بلا موافقة رسمية، يحق لولي الأمر رفع شكوى على موقع الوزارة الرسمي وسنحقق فيه ونعاقب المدرسة".

ويشتكي أولياء أمور من أن هذا الأمور مجرد شكليات، وأن الوزارة توافق في نهاية المطاف على طلب الرفع، إذ يحقّ لصاحب المدرسة أن يطلب الرسوم التي يريد، ومن لا يقبل فليذهب بأولاده إلى المدارس الحكومية. ولعلّ خير دليل على ذلك هو موافقة وزارة التعليم على رفع إحدى المدارس رسومها السنوية للمرحلة الابتدائية من 14 ألف ريال سعودي (3733 دولاراً أميركياً)، إلى 26 ألفاً و500 ريال (7065 دولاراً). ويسأل أحمد البوعلي، وهو ولي أمر تلميذين فيها: "ماذا ستقدم المدرسة للتلاميذ لكي ترفع رسومها بهذا الشكل الكبير؟ ما يحدث ليس سوى طمع وجشع، لا أكثر. صاحب المدرسة يريد المزيد من الأرباح على حسابنا، والوزارة تتفرج بلا حول ولا قوة".

ويحذّر المتخصص في شؤون التعليم، وليد الزيد، من أن الأمر أكبر من مجرد رفع للرسوم. وعدم قدرة أولياء الأمور على دفع الرسوم التي تتضاعف سيجبرهم على اللجوء إلى المدارس الحكومية، التي تعاني في الأساس من كثرة التلاميذ. يقول لـ"العربي الجديد"، إن "ثمة تكدّس كبير في المدارس الحكومية. وقد يصل العدد إلى أربعين تلميذاً في الفصل الواحد. فكيف إن تحوّل آلاف تلاميذ المدارس الخاصة إليها. من شأن ذلك أن ينعكس سلباً ليس فقط على التلاميذ وإنما على مستوى العملية التعليمة برمتها". وبالفعل يكشف عدد من مسؤولي القبول والتسجيل في المدارس الحكومية أن عدداً كبيراً من أولياء الأمور لجأوا إلى تلك المدارس لتسجيل أبنائهم فيها للعام الدراسي المقبل. وهو ما سوف يشكل أزمة قبول في جميع المراحل الدراسية، وخصوصاً الابتدائية، وهو أمر لم يشهدوه طيلة السنوات الماضية. ويعيدون السبب إلى ارتفاع رسوم التسجيل في المدارس الأهلية لهذا العام بنسبة كبيرة.

وما يحدث لا يأتي على خلفيّة رفع الرسوم الذي تقرّر هذا العام فقط، إذ إن المدارس الخاصة في السعودية تقوم ومنذ سنوات برفع رسومها بشكل دوري. يقول عبدالله المعيلي، وهو أحد أولياء الأمور، إنه "في خلال أربع سنوات فقط، يكلفني أبنائي ضعفَي ما كنت أدفعه في السابق، ووزارة التعليم تتفرج على ما يحدث. لذا قررت العودة إلى المدارس الحكومية، لأنني لا أستطيع أن أدفع 18 ألف ريال (4800 دولار) سنوياً لكل واحد منهم، بينما كنت أدفع 10 آلاف (2667 دولاراً) فقط قبل أربع سنوات".

من جهة أخرى، يوضح خالد الجويرة، الذي يملك مدرستين خاصتين في الدمام (شرق السعودية)، أن أصحاب المدارس ملزمون برفع الرسوم، بسبب رفع رواتب المدرّسين وزيادة المصاريف. يقول، لـ"العربي الجديد": "لا بدّ من رفع الرسوم على التلميذ لكي تستطيع المدرسة الاستمرار في عملها". يضيف أن "أي مدرسة رياض أطفال لا تصل رسومها إلى 10 آلاف ريال (2667 دولاراً)، هي معرضة للخسارة. لا يمكن أن تحقق الأرباح بأقل من ذلك. أيضاً، لا يجب أن يقل عدد التلاميذ في الفصل الواحد عن 19 تلميذاً".

ويتابع الجويرة أن المصاريف السنوية لمدرسة صغيرة تصل إلى نحو 150 ألف ريال (40 ألف دولار)، لكل فصل دراسي، وهذا يعني أنه لا بدّ من أن يكون عدد التلاميذ في كل فصل 20 تلميذاً يدفعون 160 ألف ريال (42 ألفاً و658 دولاراً)، لكي يربح صاحب المدرسة 10 آلاف ريال عن كل فصل دراسي سنوياً ويستمرّ في العمل". ويشير إلى أنه من المفضّل أن "تكون المدارس محترمة وترفع رسومها لتقدم خدمة جيدة، بدلاً من أن تحقق الربح عن طريق خفض الجودة".

إقرأ أيضاً: خطة لتطوير التعليم الحكومي في السعودية
دلالات
المساهمون