أحببتُ هذه المدينة

26 أكتوبر 2015
ما أبعد هدوء مسقط عن ضجيج تونس (العربي الجديد)
+ الخط -
عندما تقفز من وضع سياسي صاخب جداً إلى حالة هادئة تماماً، وعندما تسافر من تونس الى دولة عربية أخرى، تصطحبك أسئلتك المسبقة وعناوينك الجديدة ومزاعم فخرك الكبيرة، خصوصاً بعدما أصبحت تنتمي إلى بلد نوبل، وما أدراك ما نوبل. ومن دون أن تحسب لذلك حسابا، من دون أن تقصد الأمر، تحاول أن تقيس كل شيء بحسب المعايير التونسية، السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

لم يخلُ الأمر من كل هذا وأنا أحط الرحال بمسقط، عاصمة سلطنة عمان، التي انتخبت أمس الأحد مجلس الشورى. غير أن تفاصيل كثيرة وإن كانت مكتومة وصامتة تلفت انتباهك هنا، وتدفعك إلى إعادة ترتيب الأمور في ذهنك، وبلا مبالغة، تدفعك إلى استعادة التواضع الذي حدّ منه انتفاخ نوبل، ونجاح التجربة في تونس.

الدافع إلى كل هذه الاستنتاجات، ما سمعته منذ وصولي إليها منذ ثلاثة أيام، من عُمانيين وتونسيين مقيمين فيها، حول هذه التحولات الهادئة جداً التي تشهدها هذه الدولة، وما رافق انتخابات مجلس الشورى من نقاشات حول المجلس المنتهية ولايته، وحالات نقدية واضحة تحاول أن تغير شيئاً وأن تنضم إلى صنع القرار، وتخرج من حالة السلبية التي تميز المشهد العربي العام. ورغم أن المشهد لا يخلو من نقائص وهنات وأسئلة، فالواضح أن هناك شيئاً ما يعتمل هنا، ولكنه لا يشبهك بالضرورة ولا يلتقي مع مسارك، غير أنه يتم وفق نسق أهل البلاد الذين اختاروا النأي بأنفسهم عن وضعية ملتهبة في المنطقة، يمكن أن تحرق الجميع، وربما لا يكون هو الخيار الأمثل، غير أنه ناجح إلى حد الآن، وسيكون تقييمه متروكاً للتاريخ. مدينة تحب الأوبرا وتحتفي بالسينما، وفيها بحر جميل ومناظر خلابة، ونسق هادئ جداً لا يستعجل أحداً، وهي مع ذلك كله غير مدّعية ومتواضعة، وخالية تماماً من تشنّجنات اليومي، ولذلك أحببت هذه المدينة، غير أني لا أحب أن أتخلى عما يحدث هناك، على ساحل البحر البعيد عني، في تلك البلاد الصغيرة العظيمة... تونس.
دلالات
المساهمون