أبو ثريا يتحدى الإعاقة فيحولها إلى طاقة

04 يناير 2016
أبو ثريا يقاوم العجز بالعمل والإنتاج (داوود نمر)
+ الخط -
من أمهر صيادي قطاع غزة. يتمتع بجسد رياضي يتخطى به أمواج البحر ليصطاد أسماكاً عديدة ومتنوعة، ويبيعها لزبائنه. كان ميسور الحال وسعيداً في مهنته التي عشقها واختارها منذ طفولته. لكنه لم يكن يعلم أن القدر سيبعده عن هذه المهنة، إلى مهنة أخرى يصعب العمل بها في ظرفه، أصر على أن يتحدى كافة الظروف، وتغلب على محنته التي ألمت به.
الشاب إبراهيم أبو ثريا من مواليد مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة عام 1988، من أسرة فقيرة مهاجرة مكونة من 12 فرداً. فقد إبراهيم أبو ثريا أطرافه السفلية في عام 2008 نتيجة إصابته بشظايا صاروخ إسرائيلي، عندما كان في طريقه لزيارة أحد أصدقائه في مخيم البريج وسط غزة. حادثة حولت حياته رأساً على عقب، لينضم بذلك إلى طابور المعاقين حركياً. فتوقف عن العمل في مهنة صيد الأسماك، ولازم الفراش لأسابيع، لكنه قرر الخروج من عزلته، والبحث عن عمل يساعده في تأمين مصاريفه اليومية، بالإضافة إلى مصاريف أسرته.
يقول أبو ثريا (27 عاماً): "لم يمنعني فقدان أطرافي من الاستمرار في العيش كباقي أفراد المجتمع، فمنذ إصابتي لم أستسلم، ورفضت البقاء في البيت، بدأت حينها التفكير في العمل، حتى أتمكن من تأمين احتياجاتي واحتياجات أسرتي، فأنا المعيل الوحيد لها، ولدي أخوة في الجامعات يحتاجون إلى مصاريف كثيرة، فمهنتي الأساسية، أي الصيد، لم أعد قادراً على مزاولتها نتيجة واقعي الجديد".
ويتابع أبو ثريا: "بعد تفكير عميق، اخترت العمل في تنظيف السيارات، فهذه المهنة لا تحتاج إلى رأس مال، وأردت أن يكون عملي بإرادتي رافضاً مد يدي للناس".
يضيف "لا يحتاج عملي إلى أدوات كثيرة، فكل ما احتاجه هو دلو لوضع الماء، وبعض أدوات التنظيف. في البداية، اخترت أحد الأبراج في حي الرمال، والذي تكثر به المكاتب والشقق السكنية، ونسجت شبكة علاقات مع السكان، عارضاً عليهم العمل في تنظيف السيارات"، ويتابع: "كانت البداية صعبة، خاصة لجهة إقناع الناس بقدرتي على التنظيف، فأنا مقعد على كرسي متحرك، تعرضت في بداية الأمر إلى صعوبات كبيرة في إتمام عملية التنظيف، لكنني استطعت التغلب على ذلك من خلال الممارسة وتشجيع الزبائن، بعدما شاهدوا قدرتي على العمل".

تحدي الصعاب
بدأ عمل أبو ثريا يتسع شيئاً فشيئاً، وأصبح لديه العديد من الزبائن، ومن مناصب عديدة ومتنوعة كالقضاة والمحامين والصحافيين، حيث يبهر كل من يشاهده. يقول: "مهنة تنظيف السيارات صعبة، لكنني اضطررت إلى هذا العمل، فأنا مطالب بتسديد العديد من نفقات أسرتي، منها تسديد إيجار البيت، وتأمين المواد الغذائية، ومن خلال هذه المهنة، تمكنت من تسديد جميع التزاماتي المادية".
أما عن كيفية قيامه بعملية التنظيف، يقول: "أبدأ بتجهيز دلو من الماء، ومن ثم أضع مواد التنظيف، وأصعد إلى أعلى السيارة، وأقوم بتنظيفها من الغبار، ومن ثم أنظف الزجاج، ثم أعود إلى الكرسي المتحرك، وأقوم بعدها بتنظيف جوانب السيارة".
وعن الصعوبات التي تواجه أبو ثريا في عمله، يقول: "أنزعج من نظرة الناس، فالمجتمع لا يزال ينظر إلى صاحب الإعاقة على أنه إنسان ناقص، غير فعال، وبالطبع هذه الأمر ليس صحيحاً، فعلى سبيل المثال أتعرض إلى مواقف مزعجة، عندما أقوم بتنظيف السيارات، وأشعر بالحرج عندما يتأملني الناس، لكن هذا لا يهمني، فأنا قادر على الإنتاج، وأعتقد أن هذا العمل أفضل من انتظار الصدقة من أهل الخير".

أما بالنسبة إلى المواقف الصعبة التي يواجهها، فيقول: "عندما أزور البحر، أشعر بحزن كبير، كنت سباحاً ماهراً وصياداً، والآن لا أقوى على الحركة".
لا يعمل أبو ثريا في تنظيف السيارات وحسب، ففي فصل الشتاء، يخف الطلب على تنظيف السيارات، ولذا يلجأ إلى بيع بطاقات الدفع المسبق للهواتف النقالة.
يحلم أبو ثريا بشراء بيت، وأن يجمع الأموال اللازمة من أجل إجراء عملية تركيب أطراف اصطناعية، إذ إن هذا النوع من العمليات وفق أبو ثريا موجود في ألمانيا وهو مكلف جداً.

اقرأ أيضاً:أبو هاني أقدم حلاقي قطاع غزة
المساهمون