أبحث مع الشرطة عن 32 مليار جنيه

23 يناير 2017
الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينة (فرانس برس)
+ الخط -
تلقت مصر مساعدات وقروضاً ومنحاً نقدية ونفطية منذ 3 يوليو 2013 تقدر قيمتها بأكثر من 60 مليار دولار، بل وربما يزيد الرقم لأكثر من ذلك إذا ما أضفنا له مساعدات عينية أخرى مثل المستشفيات الميدانية وغيرها.

ومن ساعتها لم يخرج علينا مسؤول واحد ليقل لنا: ما هي أوجه إنفاق هذه الأموال الضخمة التي تكفي لإنقاذ، ليس اقتصاد متعثر لدولة واحدة، بل إنقاذ اقتصادات عدة دول مجتمعة.

بل ولم يجب مسؤول واحد عن هذا السؤال الخطير والمهم: لماذا لم يتم إضافة جزء من هذه المساعدات والمنح الخليجية الضخمة لاحتياطي الدولة من النقد الأجنبي، بل ولم يعرف هذا الجزء طريقه للموازنة العامة؟

السؤال هنا ليس دافعه التشكك، بل بهدف المعرفة وتطبيق مبدأ الشفافية، لأن من حق المصريين أن يعرفوا مصير ثرواتهم والمساعدات الخليجية التي تلقوها.

ولذا لم استغرب ما تردد، اليوم، عن اختفاء 32 مليار جنيه (ما يعادل 1.77 مليار دولار) من موازنة الدولة، حيث كشف الجهاز المركزي للمحاسبات عدم تضمين الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة عن عام 2014-2015 ما يقرب من 32 مليار و504.6 ملايين جنيه من إيرادات الدولة.

وهذا يجعلنا نسأل عن مصير هذه الأموال، كما لا نزال نستفسر عن مصير المساعدات الخليجية، أين ذهبت وفيما أنفقت؟

قد يكون الرقم المختفي تم قيده تحت بند مخصصات أخرى وما أكثرها في موازنات ما بعد 3 يوليو، وقد يكون الرقم المختفي ذهب لتغطية نفقات أخرى غير الأغراض المخصصة لها في الموازنة، مثلاً تم تخصيصها للإنفاق على الأمن وشراء مدرعات وقنابل مسيلة للدموع ومطاردة المتظاهرين السلميين في الشوارع، أم ذهبت لإقامة المزيد من السجون، وهذا البند كان غير مدرج في مخصصات وزارة الداخلية، أم أنها تم توجيهها كمخصصات مالية للأذرع المعروفة مثل القضاة والشرطة وغيرها، أو تم قيدها في بند صافي السهو والخطأ والحسابات الشاذة بالموازنة.

الرقم المختفي، بجد، خطير وكبير، خاصة وأنه لم يأت على لسان قوى سياسية معارضة للنظام، بل جاء في إطار التقرير السنوي للجهاز المركزي للمحاسبات وملاحظاته على إيرادات الدولة ومصروفاتها، فالتقرير أكد وبشكل واضح، أن إيرادات الدولة المدرجة فى الحساب الختامي للموازنة لم تتضمن إيرادات بقيمة 32.5 مليار جنيه، وأن المبلغ المختفي يمثل المتبقي من المنح التي حصلت عليها مصر من الدول العربية والأجنبية، بالحسابات المتنوعة ذات الأرصدة لاستخدامها فى عجز الموازنة العامة للدولة.

لم تقف الكارثة عند هذا الحد، فقد أربكت ملاحظات الجهاز المركزي للمحاسبات وزارة المالية التي لم يجب مسؤولوها عن أسئلة الجهاز، بل ولم ترسل الوزارة موازنة 2014-2015 التي انتهت، منذ يونيو 2015، للبرلمان مخالفة نصوص الدستور، والبرلمان لم يقر الموازنة في الوقت الذي حدده الدستور.

ونتيجة للملاحظات التي أبداها الجهاز وما أعقبها من حالة "لخبطة" رفض السيسي إقرار موازنة 2014-2015، وأعادها مرة أخرى لوزارة المالية لتعديلها بعد الالتزام بالملاحظات الرقابية.

بالطبع الحكاية فيها إنّ، ولا يوجد دخان من غير نار، ولا أعرف، هل مصير الأموال المختفية سيكون نفس مصير المساعدات الخليجية، أم يخرج علينا كبار المسؤولين ويقولون لنا، أين ذهبت هذه الأموال الضخمة؟

بقيت ملاحظة أخيرة، هي أن ما كشفه الجهاز المركزي للمحاسبات من اختفاء 32 مليار جنيه من موازنة الدولة تم في عهد رئيس الجهاز السابق، المستشار هشام جنينة، الذي تمت إقالته من منصبه عقب تصريحاته عن حجم الفساد في مصر.

المساهمون