تجمع آلاف اللاجئين المحتجين المشردين على جزيرة ليسبوس اليونانية بعدما دمرت الحرائق مخيم موريا، الموجود على طريق يؤدي للبلدة الرئيسية في الجزيرة، الجمعة، واحتجوا لفترة قصيرة على الطريق المؤدي إليها، مطالبين بالسماح لهم بالمغادرة.
وكان المحتجون غاضبون لكنهم كانوا سلميين، وبدا أنّ معظمهم من دول أفريقية وأفغانستان. ورفع البعض لافتات تناشد المساعدة من ألمانيا، الوجهة المفضلة للعديد من المهاجرين واللاجئين الذين يصلون إلى اليونان من ساحل تركيا المجاورة.
وقالت السلطات اليونانية إنّ الحرائق أضرمت عمداً بسبب الغضب من أوامر عزل المخيم لمنع انتشار فيروس كورونا، بعد ثبوت إصابة 35 من ساكنيه. وأضافت السلطات أنه لن يسمح لأي من سكان المخيم، إلا 406 مراهقين وأطفال دون مرافقين، بمغادرة الجزيرة، وسينقل القصّر دون مرافقين جواً إلى البر اليوناني، الأربعاء.
وقال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس إنّ السلطات اليونانية "تحركت بسرعة كبيرة"، وتعمل على إنشاء منشأة مؤقتة لإيواء السكان من المخيم المدمر.
وكان أكثر من 12 ألف شخص يعيشون في موريا وحوله، وأصبحوا مشردين بسبب حريقين متتاليين، ليلتي الثلاثاء والأربعاء، وناموا في العراء لليلة الثالثة على التوالي، وبعضهم قطع فروع الأشجار واستخدم الأغطية البالية لصنع مأوى مؤقت بدائي للحماية من برد الليل وشمس النهار الحارقة.
ويخضع المخيم لإغلاق، ينتهي في منتصف سبتمبر/ أيلول، بعد اكتشاف أول حالة إصابة بكورونا لرجل صومالي منح اللجوء وغادر المخيم، لكنه لاحقاً عاد إليه من أثينا.
Illegal immigrants who have spent days burning down Moria camp on the island of lesbos, are now demanding they be allowed off the island and into Europe, notice how they push the children to the front to use as props as per. pic.twitter.com/pDEB4YEYqa
— Christine Burgum (@ChristineBurgum) September 11, 2020
وقالت منظمة الصحة العالمية إنّ اليونان طلبت نشر فريق طبي طارئ، وسيصل فريقان، أحدهما من بلجيكا والآخر من النرويج، السبت والإثنين، وفقاً لما قالته المتحدثة باسم المنظمة، فضيلة شعيب، في جنيف.
وأضافت شعيب أن "منظمة الصحة العالمية مستعدة لإرسال إمدادات طبية حسب الحاجة، وهذا لدعم الخدمات الموجودة والتي عرقلت جزئياً".
وأوضحت مفوضية اللاجئين أنّ الجائحة تزيد من "سوء الوضع اليائس بالفعل"، وقالت إن "المفوضية السامية للاجئين تنصح كل من كانوا يقيمون في المخيم بتقييد تحركاتهم حتى يتم العثور على حلول مؤقتة"، وبدا أن الناس تجاهلوا نصيحة المفوضية.
وقال فريدي موسامبا، وهو من غامبيا، مديناً الوضع وظروف المعيشة في اليونان: "قضينا ثلاث ليال هنا دون أكل، دون شرب، نحن في ظروف سيئة جداً جداً"، وأضاف "أود الحديث عن الاتحاد الأوروبي، الذي تخلى عنا، الذي تركنا هنا هكذا".
ودعا موسامبا الاتحاد الأوروبي "للمجيء ودعمنا، لعدم التخلي عنا، نحن مثل أطفال تم التخلي عنهم، تحملنا أشياء لم نكن نعرف أنها يمكن أن تحدث".
وحذرت منظمات الإغاثة طويلاً من سوء الأوضاع في المخيم، الذي يتسع فقط لنحو 2750 شخصا، بينما عاش فيه أكثر من 12500 شخص، داخله وحوله، وأدى الوضع لتزايد التوتر بين أولئك الذين في المخيم وسكان الجزيرة الذين طالبوا بإغلاق مخيم موريا.
يستوعب المخيم الأشخاص الفارين من الصراع والفقر في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، الذين يصلون متسللين سراً إلى الجزيرة من الساحل التركي القريب.
وبموجب اتفاق أبرم عام 2016 بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، سيبقى أولئك الذين يصلون إلى الجزر اليونانية هناك إما في انتظار نجاح طلب اللجوء أو الترحيل إلى تركيا.
لكن تراكم طلبات اللجوء، إلى جانب استمرار وصول اللاجئين وقلة عمليات الترحيل، أديا إلى اكتظاظ هائل في موريا ومخيمات أخرى في جزر بحر إيجة الشرقية.
وقال مارغريتيس شيناس، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، الذي يتولى التعامل مع ملف الهجرة لدول التكتل الأوروبي السبع والعشرين: "موريا يذكرنا جميعاً بما نحتاج إلى تغييره في أوروبا".
وقال شيناس، الذي كان في اليونان لمناقشة قضية حريق مخيم موريا مع المسؤولين اليونانيين: "لقد مر أمد بشأن المدة التي يمكن لأوروبا أن تعيشها دون سياسة للهجرة"، وتعتزم المفوضية الأوروبية طرح "ميثاق جديد للهجرة واللجوء" يوم الثلاثين من سبتمبر/ أيلول الجاري.
وبحسب شيناس، فإن الميثاق الجديد ينص على إبرام اتفاقيات مع البلاد التي يخرج منها المهاجرون، والانتقال لمرحلة إقناع المواطنين بعدم التوجه إلى أوروبا، بالإضافة إلى فرض نظام "نشط" لإدارة الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، بما في ذلك "(نظام) حراسة حدود أوروبية وخفر سواحل جديد يشمل المزيد من العاملين والقوارب والأدوات والمعدات".
وأضاف شيناس أن الميثاق الجديد سيشمل "نظام تضامن دائم وفعال في تحمل مسؤولية اللجوء" بين بلدان الاتحاد الأوروبي.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أعلن، أمس الخميس، أن فرنسا وألمانيا تجريان محادثات حول استقبال عدد من أطفال مخيم موريا. وقال وزير الداخلية الألماني، هورست زيهوفر، إن عشر دول في الاتحاد وافقت على استقبال أطفال دون ذويهم من موريا، وإن محادثات جارية مع دول أخرى، وأضاف أن ألمانيا وفرنسا سوف تستقبلان "ثلثي (العدد) تقريباً".
وحدد مسؤولون ألمان الدول الأخرى: فنلندا ولوكسمبورغ وسلوفينيا وكرواتيا وهولندا والبرتغال وبلجيكا وسويسرا. وقالت فنلندا إنها ستستقبل أحد عشر طفلاً سيكونون من بين 175 طالب لجوء هم الأكثر عرضة للخطر من منطقة البحر المتوسط، وكانت الحكومة قد قررت بالفعل استقبالهم في الربيع الماضي.
سويسرا، العضو في "اتفاقية شنغن" التي تتيح لدولها الأعضاء التنقل في ما بينها دون جواز سفر رغم أن سويسرا ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي، قالت إنها تعتزم استقبال عشرين طفلاً.
لكن لأن الأطفال تم نقلهم بالفعل من الجزيرة وجرى توفير سكن لهم في أماكن أخرى، فإن التعهدات لا تلبي احتياج أكثر من اثني عشر ألف شخص على متن الجزيرة لمأوى على وجه السرعة، وثمة برنامج قائم بالفعل ينص على استقبال العديد من الدول الأوروبية لعدة آلاف من القصر دون ذويهم، ومعظمهم من المراهقين، في منشآت لاجئين ومهاجرين في أنحاء اليونان.
(أسوشييتد برس)