27 سبتمبر 2024
آفاق لحل الأزمة الليبية
لن يكون الحل في ليبيا إلا داخلياً صِرفاً، وإن التدخل الخارجي بمثابة الداعم له، أو للاتفاق، وليس العكس، فعند النظر في الحلول القائمة الآن المبني عليها اتفاق انتهت مدته المحدّدة (اتفاق الصخيرات)، يتبين أن هذا الاتفاق، وإن كان بوسائط داخلية (أعضاء من المؤتمر الوطني العام، وأعضاء من البرلمان) إلا أنه يَغلب عليه الطابع الدولي غير المتكافئ حقيقة في تحقيق الاتفاق بين الكل، وإنما كل الاتفاق بين الجزء من الكل، وهذا مما أدى إلى فشله، قبل انتهاء المدة المقرّرة له، ناهيك عن انتهائها الآن. وبالتالي، نرى أن كل اتفاق لا يجمع الكل أو الأكثرية على أقل تقدير من المتخاصمين في البلاد هو مضيعة للوقت، لا يجب الوقوف عنده، والتاريخ والأحداث أكبر شاهد على ذلك.
عود على بدء... فعلى الرغم من جعل اتفاق الصخيرات عند التوقيع عليه نافذاً ونهائياً، إلا أن كثيرين لما يعبؤوا به، بل تدفقت وتوالت المبادرات، الواحدة تلو الأخرى، من جميع أطياف الشعب من الداخل، ومن دول خارجية، وخصوصا دول الجوار لحل الأزمة القائمة، لنستنتج أن كل مبادرة لا يكون بُنيانها من الداخل، ولم تنل موافقة الغالبية عليها فمحلها الفشل، وإن دُعمت دولياً. وعلى هذا المبدأ، ومن وقت ليس بعيدا، اطلعت على مبادرةٍ أطلق عليها "المبادرة الوطنية للحل السياسي"، قال القائمون عليها إنها منتقاة من عدة مبادرات أخرى، ولاستجلائها لا بد من الخوض في حيثياتها وبنودها، لنحكم عليها بأنها صالحةٌ للتطبيق من عدمه. وحتى نعلم ذلك، لا بد من أن نناقشها في عدة وقفات:
السلطة التشريعية، تنص المبادرة على تكوين مجلسٍ للأمة، يكون السلطة التشريعية في البلاد، ويَتكوّن أعضاؤه بالتساوي بين أعضاء المؤتمر الوطني العام وأعضاء البرلمان ممن لم يمارسوا عملهم، لكونهم أقل أصواتاً ممن يمارسون العمل الآن، حيث جاء في نصها "يتكون مجلس الأمة من 200 عضو، بواقع 100 عضو من المؤتمر الوطني العام، و(100) عضو من مجلس النواب... يتم اختيارهم من النتائج المعتمدة للمرشحين لانتخابات المؤتمر الوطني العام، ومجلس النواب ممن لم يباشروا العمل في الأجسام المشار إليها". وهذه مبادرة عند النظر إليها نجدها أقرب إلى الواقع من غيرها، وخصوصا في مرحلة يصعب فيها تكوين جسم جديد بنزاهة، ولو نسبية، في ظل الظروف التي تمر بها البلاد.
ثم نصت هذه المبادرة على انتهاء هذا الجسم، أي "مجلس الأمة" بدستورٍ دائم للبلاد، يُكوّن شكل الدولة، وينهي المرحلة الانتقالية.
"رئيس الدولة ورئيس الحكومة". جاء في المبادرة ضرورة أن يكون للدولة رئيس يقرّره أعضاء مجلس الأمة من غيرهم بأغلبية الثلثين، ويسمي هذا الرئيس رئيسا للحكومة، ويُقِرُّه المجلس عليه بعد ذلك. وفي هذا البند أرى أن يقلص إلى أحدهما، بحيث يكون رئيس الدولة نفسه رئيس الحكومة أو بالعكس. أما في حالة إلزامية وجود رئيس للدولة منفصل عن الحكومة، فليكن رئيس مجلس الأمة هو نفسه رئيساً للدولة أيضاً، يُكلف بالمهام الرئاسية الواردة في المبادرة، وذلك لتقليص الاختلافات عند العمل بهذه المبادرة في أجسام محدده (مجلس الأمة، والحكومة ) لا ثالث لهما.
"العملية الدستورية". جاء في هذه المبادرة أيضا بما يضمن الحل الشامل ضرورة تكوين هيئة تأسيسية لصياغة مشروع الدستور، تعمل على إصدار دستورٍ دائم للبلاد. وعند انتهائه، والتصويت عليه، تنتهي هذه المبادرة، وتتكون الدولة بالكيفية التي نص عليها الدستور. وهذا لب كل مبادرةٍ ناجحةٍ، تسعى إلى الوصول إلى الحل بالدستور في أقرب وقت ممكن، لأن به تقوم الدولة، لا بغيره من المراحل الانتقالية التي تُفسد أكثر مما تصلح.
"الحقوق والواجبات". حيث خُتمت هذه المبادرة بحقوق على الدولة، متمثلة بالحكومة، وبضرورة وضعها موضع التنفيذ، وخصوصا ما كان منها في الجانب الإنساني، وذلك بضرورة إطلاق سراح المحتجزين، من دون سند قانوني، وتطبيق العدالة الانتقالية في البلاد، وكذلك ما يمسّ حياة المواطن اليومية من فتح الطرق وتسهيل التواصل، بما يضمن الحقوق العامة للمواطنين، وكذلك بسط هيبة الدولة على الحدود والمطارات والموانئ وكل المنافذ والحقول النفطية، وجميع المنشآت الحيوية. ولم تُهمل هذه المبادرة ضرورة التعديل حين التنفيذ، وأوكلته إلى مجلس الأمة بثلثي أعضائه، حتى تكون مبادرةً تنسجم مع الواقع والمتغير الذي تمر به البلاد.
الخلاصة من هذه المبادرة جمع شتات المتخاصمين، بعيداً عن النزوات والمطامع الخارجية، للخروج بليبيا إلى بر الأمان، وإنهاء التدخلات السياسية الخارجية التي تفسد حياة المواطنين، بقصد أو بغير قصد. ولإنجاح هذه المبادرة أو غيرها من المبادرات التي يجب أن تكون وطنيةً خالصة، وتنسجم مع مبادئ قيام الدولة العادلة، من الضروري الاستعانة بمساعدة الدول الخارجية في ذلك، وأن تكون هذه المساعدة في إطار احترام الدولة، ومساعي أبنائها للأخذ بها إلى بر الأمان.
عود على بدء... فعلى الرغم من جعل اتفاق الصخيرات عند التوقيع عليه نافذاً ونهائياً، إلا أن كثيرين لما يعبؤوا به، بل تدفقت وتوالت المبادرات، الواحدة تلو الأخرى، من جميع أطياف الشعب من الداخل، ومن دول خارجية، وخصوصا دول الجوار لحل الأزمة القائمة، لنستنتج أن كل مبادرة لا يكون بُنيانها من الداخل، ولم تنل موافقة الغالبية عليها فمحلها الفشل، وإن دُعمت دولياً. وعلى هذا المبدأ، ومن وقت ليس بعيدا، اطلعت على مبادرةٍ أطلق عليها "المبادرة الوطنية للحل السياسي"، قال القائمون عليها إنها منتقاة من عدة مبادرات أخرى، ولاستجلائها لا بد من الخوض في حيثياتها وبنودها، لنحكم عليها بأنها صالحةٌ للتطبيق من عدمه. وحتى نعلم ذلك، لا بد من أن نناقشها في عدة وقفات:
السلطة التشريعية، تنص المبادرة على تكوين مجلسٍ للأمة، يكون السلطة التشريعية في البلاد، ويَتكوّن أعضاؤه بالتساوي بين أعضاء المؤتمر الوطني العام وأعضاء البرلمان ممن لم يمارسوا عملهم، لكونهم أقل أصواتاً ممن يمارسون العمل الآن، حيث جاء في نصها "يتكون مجلس الأمة من 200 عضو، بواقع 100 عضو من المؤتمر الوطني العام، و(100) عضو من مجلس النواب... يتم اختيارهم من النتائج المعتمدة للمرشحين لانتخابات المؤتمر الوطني العام، ومجلس النواب ممن لم يباشروا العمل في الأجسام المشار إليها". وهذه مبادرة عند النظر إليها نجدها أقرب إلى الواقع من غيرها، وخصوصا في مرحلة يصعب فيها تكوين جسم جديد بنزاهة، ولو نسبية، في ظل الظروف التي تمر بها البلاد.
ثم نصت هذه المبادرة على انتهاء هذا الجسم، أي "مجلس الأمة" بدستورٍ دائم للبلاد، يُكوّن شكل الدولة، وينهي المرحلة الانتقالية.
"رئيس الدولة ورئيس الحكومة". جاء في المبادرة ضرورة أن يكون للدولة رئيس يقرّره أعضاء مجلس الأمة من غيرهم بأغلبية الثلثين، ويسمي هذا الرئيس رئيسا للحكومة، ويُقِرُّه المجلس عليه بعد ذلك. وفي هذا البند أرى أن يقلص إلى أحدهما، بحيث يكون رئيس الدولة نفسه رئيس الحكومة أو بالعكس. أما في حالة إلزامية وجود رئيس للدولة منفصل عن الحكومة، فليكن رئيس مجلس الأمة هو نفسه رئيساً للدولة أيضاً، يُكلف بالمهام الرئاسية الواردة في المبادرة، وذلك لتقليص الاختلافات عند العمل بهذه المبادرة في أجسام محدده (مجلس الأمة، والحكومة ) لا ثالث لهما.
"العملية الدستورية". جاء في هذه المبادرة أيضا بما يضمن الحل الشامل ضرورة تكوين هيئة تأسيسية لصياغة مشروع الدستور، تعمل على إصدار دستورٍ دائم للبلاد. وعند انتهائه، والتصويت عليه، تنتهي هذه المبادرة، وتتكون الدولة بالكيفية التي نص عليها الدستور. وهذا لب كل مبادرةٍ ناجحةٍ، تسعى إلى الوصول إلى الحل بالدستور في أقرب وقت ممكن، لأن به تقوم الدولة، لا بغيره من المراحل الانتقالية التي تُفسد أكثر مما تصلح.
"الحقوق والواجبات". حيث خُتمت هذه المبادرة بحقوق على الدولة، متمثلة بالحكومة، وبضرورة وضعها موضع التنفيذ، وخصوصا ما كان منها في الجانب الإنساني، وذلك بضرورة إطلاق سراح المحتجزين، من دون سند قانوني، وتطبيق العدالة الانتقالية في البلاد، وكذلك ما يمسّ حياة المواطن اليومية من فتح الطرق وتسهيل التواصل، بما يضمن الحقوق العامة للمواطنين، وكذلك بسط هيبة الدولة على الحدود والمطارات والموانئ وكل المنافذ والحقول النفطية، وجميع المنشآت الحيوية. ولم تُهمل هذه المبادرة ضرورة التعديل حين التنفيذ، وأوكلته إلى مجلس الأمة بثلثي أعضائه، حتى تكون مبادرةً تنسجم مع الواقع والمتغير الذي تمر به البلاد.
الخلاصة من هذه المبادرة جمع شتات المتخاصمين، بعيداً عن النزوات والمطامع الخارجية، للخروج بليبيا إلى بر الأمان، وإنهاء التدخلات السياسية الخارجية التي تفسد حياة المواطنين، بقصد أو بغير قصد. ولإنجاح هذه المبادرة أو غيرها من المبادرات التي يجب أن تكون وطنيةً خالصة، وتنسجم مع مبادئ قيام الدولة العادلة، من الضروري الاستعانة بمساعدة الدول الخارجية في ذلك، وأن تكون هذه المساعدة في إطار احترام الدولة، ومساعي أبنائها للأخذ بها إلى بر الأمان.