"نفايات سياسيّة"

30 اغسطس 2016
النفايات تغزو شوارع ضواحي بيروت (حسين بيضون)
+ الخط -
يصعب تصديق أن النفايات تغزو شوارع ضواحي بيروت، وقد تغزو مجدداً شوارع العاصمة اللبنانية، بعد سنة على "غزوة النفايات".

في يوليو/ تموز 2015، بدأت النفايات بالتراكم في الشوارع. خرج عدد من اللبنانيين إلى الشارع وأعلنوا اعتراضهم، وواجهتهم السلطة بقمعٍ منظم. بالتوازي مع القمع، أعلنت الحكومة خطتها لمعالجة أزمة النفايات، ووعدت اللبنانيين بطي صفحة انتشار النفايات في الشارع. لكن النفايات عادت.
المعترضون على مطمر برج حمود يقولون إنه مطمر غير صحي، وإن ما يجري هو تحويله إلى مكب. ويُشير هؤلاء إلى وجود مؤشرات على فساد في مناقصة إنشاء مطمر برج حمود ومطمر الكوستا برافا. وفي هذا الكلام جوانب صحيحة. في المقابل، يتهم مؤيدو المطمر حزب الكتائب بأنه يُريد أن يستثمر شعبياً قبل الانتخابات النيابيّة عبر رفض استكمال العمل في المطمر. وفي هذا الكلام جانب من الصحة، لكنه لا يعيب حزب الكتائب. فمن حق القوى السياسيّة الاستفادة من أخطاء الحكومة.
السؤال الأساسي اليوم: هل مطمر برج حمّود صحي وبيئي؟ لا يبدو كذلك. والسؤال الأهم، لماذا لم تُنشأ مراكز فرز للنفايات ومعامل معالجة للنفايات العضوية؟ مع الإشارة إلى أن الجميع يتفق على أن إنشاء مراكز الفرز أمر يسير، ويخفض كمية النفايات المنوي طمرها، وإقامة معامل معالجة النفايات العضوية ليس بالأمر الصعب، ولا يحتاج سوى لأشهر.
بعد عام وشهر، عادت النفايات إلى الشارع. هو الفشل بعينه. فشلت الحكومة في معالجة ملف خدماتي أساسي، وسبق أن قال رئيسها تمام سلام في عزّ أزمة النفايات: "نحن في وسط نفايات عضوية ومنزلية وبلدية، ولكن أيضاً نحن نعاني من نفايات سياسية". ترافق كلام سلام مع خطة طُرحت حينها لترحيل النفايات، وتبيّن أنها فاشلة، وأن الشركات التي اعتمدها مجلس الوزراء وهمية. لم يُحاسب أحد حينها. ولن يُحاسب أحد اليوم. سيتكرر الخطاب عينه. وسيوضع اللبنانيّون مجدداً أمام خيارين بشعين: تراكم النفايات في الشوارع، أو القبول بمطامر غير صحية وتفوح منها روائح الفساد. لن يختار اللبنانيون ما هو أفضل لهم، بل ستختار القوى السياسيّة ما هو مناسب لها. النقاش الدائر حول أسباب عودة النفايات إلى الشارع، وبالتالي فشل خطة الحكومة، لا يُلامس جذر المشكلة؛ المشكلة اليوم هي أن هذه الدولة، تُعد دولة فاشلة. كيف نطلب حلولاً في ظلّ دولة فاشلة؟

المساهمون