"نظام الصمت"... تهدئة أميركية روسية تستثني مجازر حلب

30 ابريل 2016
يواصل النظام مجازره في حلب (أمير الحلبي/فرانس برس)
+ الخط -
تداولت وسائل إعلام روسية، أمس الجمعة، معلومات عن التوصّل إلى اتفاق تهدئة جديد بين عسكريين روس وأميركيين، يشمل بعض المناطق الساخنة في سورية، مع تضارب الأنباء بشأن المناطق التي سيشملها، ومداه الزمني.

في هذا السياق، نقلت وكالة "تاس" الروسية، عن مصدر دبلوماسي في جنيف، قوله إن "عسكريين روس وأميركيين، توصّلوا إلى اتفاق في إطار اللجنة الخاصة بوقف القتال من أجل إقرار تهدئة في بعض المناطق الساخنة في سورية، اعتباراً من الساعة الواحدة من فجر اليوم السبت (بالتوقيت المحلي)". وأوضح المصدر بأن "الاتفاق سيشمل اللاذقية وضواحي دمشق التي تشهد أعمالاً قتالية".

وذكرت وكالة "ريا نوفوستي" الروسية أن "اتفاق التهدئة (نظام الصمت) سيُطبّق في اللاذقية لمدة 72 ساعة، بينما سيُطبّق في دمشق وريفها لمدة 24 ساعة. ولم تتأكد الأنباء حول ما إذا كانت حلب جزءاً من هذا الاتفاق"، بحسب الوكالة. كما نقلت الوكالة عن مصدر دبلوماسي قوله إن "موسكو وواشنطن باعتبارهما دولتين ترأسان بالتناوب اللجنة الخاصة بوقف القتال في سورية، ستكونان ضامنتين لهذا الاتفاق وتأملان أن تلتزم جميع الأطراف المعنية بالتهدئة"، مشيراً إلى أن "الاتفاق سيكون مفتوحاً من دون تحديد فترة زمنية له". لكن وكالات أنباء عالمية نقلت مساء عن مصدر سوري حكومي تأكيده أن "التهدئة" لا تشمل حلب.

وكان اتفاق لوقف الأعمال القتالية في سورية قد تمّ بين روسيا والولايات المتحدة في نهاية فبراير/ شباط الماضي، وصمد نسبياً لبضعة أسابيع، قبل أن يصبح حبراً على ورق، مع تصاعد الهجمات الدموية على مدينة حلب. كما نقلت وسائل إعلام روسية عن مصدر في الكرملين قوله إن "الاتفاق الروسي الأميركي، هو إجراء إضافي للتسوية في سورية، وأن روسيا منفتحة على أي اتصالات بشأن الأزمة السورية، وبشكل أساسي مع الولايات المتحدة".




غير أن المحلل الاستراتيجي العميد أحمد رحال، يرى أن "الحديث عن هدنة جديدة هو مجرد خدعة إعلامية لصرف الأنظار عما يرتكب من مجازر في مدينة حلب". ويشير رحال في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الجرائم الفظيعة التي تجري في حلب، وتدمير أكثر من 20 حياً في المدينة على رؤوس أصحابها، استدعت من الروس القيام بعمل دعائي لإظهار حرصهم على حياة المدنيين"، متسائلاً عن "مغزى هدنة لمدة 24 ساعة أو 72 ساعة؟ فإذا كان بمقدورهم فرض هدنة فلماذا لا تكون دائمة؟". ويتوقع بأن "تقتصر الهدنة على قصف الطيران بينما سيتواصل القصف المدفعي والصاروخي، في إطار التمهيد لشنّ هجوم كبير على مدينة حلب، تشارك فيه قوات النظام والمليشيات المتحالفة معها، وبدعم من الطيران الروسي". كما يلفت إلى أن "هناك غرفة عمليات في بلدة ماير، تخطط لهذا الهجوم الذي يشتمل على قطع طريق الكاستيلو أولاً بالتعاون مع الوحدات الكردية، ثم حصار المدينة، وصولاً إلى إعادة السيطرة عليها".


ويؤكد بأن "ما يقوله الروس حول استهداف جبهة النصرة في مدينة حلب، ويردده معهم الأميركيون بخبث، ما هو إلا خداع مفضوح، لأن جبهة النصرة كانت قد انسحبت أصلاً من مجمل ريف حلب الشمالي، منذ سبتمبر/ أيلول الماضي، حيث كانت تركيا تخطط لإقامة منطقة آمنة في تلك المنطقة". ويتابع أنه "داخل مدينة حلب، لا وجود لا لجبهة النصرة، ولا لأي فصيل مسلح، لأن عناصر تلك الفصائل يرابطون على الجبهات وليس داخل أحياء المدينة، التي لا يوجد فيها سوى عناصر شرطة حلب الحرة، لضبط الأمن والنظام في المدينة".

وحول حديث المسؤولين الروس عن التحضير لهجوم من جانب قوات النظام، بدعم جوي روسي، على معاقل تنظيم تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في دير الزور والرقة، يردّ رحال قائلاً إن "ذلك يدخل أيضاً في إطار البروباغندا الإعلامية، وأن هدفهم الحقيقي هو حلب"، مذكراً بـ"التحالف الذي لم يعد خفياً بين النظام وداعش، وآخر شواهده تأمين طائرات النظام انسحاب مقاتلي التنظيم من منطقة الضمير، شرقي دمشق، الأسبوع الماضي، بعد دحرهم في القتال مع فصائل المعارضة".

ولم يستبعد رحال في هذا الإطار، أن "يقوم تنظيم داعش بإيعاز من مشغليه في دمشق وطهران وموسكو، بارتكاب فعل ما قريباً، بهدف المساعدة في التغطية على جرائم النظام بحلب، التي حرّكت الضمير العالمي قليلاً".

ويخلص رحال إلى القول إن "الحديث عن هدنة جديدة، يعني الاعتراف بأن الهدنة القديمة انتهت الآن. ما يستوجب من الدول التي تدّعي صداقة الشعب السوري، تزويد هذا الشعب، وفصائله المسلحة، بالسلاح الفعّال، كي يتمكن من الدفاع عن نفسه في وجه آلة القتل الضخمة للنظام وأتباعه وداعميه".

من جهته، يكشف المتحدث باسم هيئة التفاوض السورية، رياض نعسان آغا، أن "هيئة التفاوض ليست على علم باتفاق هدنة جديد، ولم تُبلّغ رسمياً بشأنه". ويضيف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "فصائل المعارضة المسلحة ملتزمة أصلاً بالهدنة، ويجب على روسيا أن تحترم الهدنة بنفسها، وتلزم النظام بذلك". يأتي ذلك بالتوازي مع إعلان مندوب روسيا الدائم لدى مقر الأمم المتحدة في جنيف ألكسي بورودافكين، أن "الجيش السوري يخطط للهجوم باتجاه دير الزور والرقة بدعم من سلاح الجو الروسي". ونوّه بورودافكين، أمس الجمعة، إلى أن "الهدنة لا تشمل تنظيمي داعش وجبهة النصرة وغيرهما من المجموعات الإرهابية"، بحسب تعبيره.

ورأى أن "نظام وقف الأعمال القتالية في سورية، يشمل الفصائل التي انضمّت إليه رسمياً، عبر المركز الروسي للمصالحة في حميميم، أو الهيئات الأميركية في الأردن فقط". وقال إنه "إذا لم تقم الفصائل المسلحة غير الشرعية بهذا، فلا يحق لها أن تشكو أن نظام وقف الأعمال القتالية ينتهك ضدها". وتأتي تصريحات المسؤول الروسي، فيما تشير الوقائع على اﻷرض إلى تحضير قوات النظام لهجوم واسع على مدينة حلب، بدعم من سلاح الجو الروسي والمليشيات المتحالفة مع النظام. وفي هذا الإطار، تتواصل الغارات التي يشنها طيران النظام السوري والطيران الروسي على حلب وريفها، وسقط مئات القتلى والجرحى جراء الغارات المتواصلة على أحياء مختلفة في المدينة.