"مهرجان وجدة المغاربي": هوية سينمائية جديدة خارج العاصمة

26 يونيو 2018
تكريم المخرج الجزائري محمد راشدي (الموقع الإلكتروني للمهرجان)
+ الخط -
تحتضن مدينة وجدة في المغرب، بين 23 و27 يونيو/ حزيران 2018، الدورة السابعة لـ"مهرجان الفيلم المغاربي"، تحت شعار "السينما لغة العالم"، الذي تنظّمه "جمعية سينيمغرب" برئاسة خالد سلي، الذي له خبرة تنظيمية جيدة رغم الصعوبات التي تظهر كلّما كبر حجم المهرجان، وزاد تمويله وعدد ضيوفه.
تبتعد مدينة وجدة 500 كيلومتر عن العاصمة الرباط. مهرجان بعيد عن محور مدينتي الدار البيضاء وطنجة، حيث تنعقد معظم المهرجانات، وتُنفق غالبية ميزانية البلد. يحاول المهرجان خلق "عدالة جغرافية" في توزيع الأنشطة على التراب الوطني برمّته.
يحظى المهرجان برعاية الملك محمد السادس. هذه رسالة تدلّ على لامركزية الثقافة وباقي الأنشطة. مهرجان يُقام في مدينة قريبة من الحدود الجزائرية، ما يجعله واجهة للمغرب في ظلّ التنافس الإقليمي، سياسيًا وفنيًا. الغريب أن الحكومة المغربية ترفض منح التأشيرة للفنانين الليبيين الذين يعرض المهرجان أفلامهم. هذا سلوكٌ يتعارض وتوجّه المهرجان، الموصوف بـ"المغاربي"، وهو المصطلح المقبول به حاليًا في شمال غرب أفريقيا بدلاً من "المغرب العربي" الذي يُثير حساسية الجمعيات الأمازيغية. هذا اختيار يخفِّض حدّة الجدل حول هوية المغرب العربية ـ الأفريقية ـ الأمازيغية، خاصة أن بعض العرب صوّت ضد ملف ترشّح المغرب لـ"مونديال 2026".
في الدورة السابعة هذه، يستقبل المهرجان 60 ضيفًا أجنبيًا، ويعرض 18 فيلمًا في مسابقة الأفلام الطويلة، التي يترأس لجنة تحكيمها المسرحي عبد الكريم برشيد، ومسابقة الأفلام القصيرة، التي تترأس لجنة تحكيمها الصحافية اليسارية فاطمة الإفريقي. والأفلام مقبلة من موريتانيا وليبيا وتونس والجزائر والمغرب.
إلى جانب أفلام المسابقة، سيتم تكريم السينما اللبنانية بعرض فيلمي "شتّي يا دني" (2011) لبهيج حجيج و"محبس" (2017) لصوفي بطرس. كما سيُعرض الفيلم المغربي الناجح جماهيريًا "لحنش" (2017) لإدريس المريني في الهواء الطلق، في مدينتي جرادة والسعيدية على الشاطئ الشمالي للمغرب. وكالعادة، سيُعرض آخر الإصدارات السينمائية المغربية من كتب ومجلات أمام قاعة عرض الأفلام.
يحتضن "مسرح محمد السادس" فعاليات المهرجان، والمسرح مجمّع ثقافي متكامل، يضمّ صالة للمعارض وقاعة عرض أفلام ومسرحيات، تحتوي على 1300 مقعد، وتشبه الأوبرا.
ينعقد المهرجان في ظل إعلان "وجدة عاصمة للثقافة العربية". لكن الساحة الثقافية خاملة، إذْ لا يوجد برنامج قيد التنفيذ. التواصل مع فعاليات محلية مختلفة يكشف أن إعلانًا كهذا لم يؤدّ إلى تحريك المجال الثقافي والفني. فما حصل كامنٌ في زيارة محمد الأعرج، وزير الثقافة، للمدينة في مارس/ آذار 2018، والتقاط صُور وإلقاء تصريحات وإعلان نوايا، قبل مغادرته. عمليًا، لم يتغيّر الكثير، وبات "عام الثقافة" في منتصفه.
ينعقد "المهرجان المغاربي" سنويًا، وهو ليس جزءًا من "وجدة عاصمة الثقافة العربية". اختيار شعار "السينما لغة العالم" متأتٍ من كون السينما لغة كونية بصرية موحّدة، تتجاوز اللغات الصوتية التي لا يفهمها إلا متحدّثوها. يهدف المهرجان إلى ترسيخ تقاليد الفرجة في منطقة بعيدة عن محور العاصمة.
عرفت الدورة السابقة حضورًا نوعيًا. كانت حدثًا. حصل المهرجان على زيادة مهمّة في ميزانية دورته الجديدة. يعرف "مهرجان وجدة للفيلم المغاربي" تطوّرًا مستمرًا، وهو يملك هوية مغاربية واضحة، ويوفر منصّة لعرض أفلام ليبية وموريتانية. في العام الماضي، تم تقديم "العالم المغاربي" في 10 أفلام قصيرة أظهرت وجود سمات اجتماعية توحّد المنطقة. بمثل هذه الأفلام، تصير هوية المهرجان واضحة، ولذا يُفضَّل التركيز عليها بدلاً من تبديدها.
أخيرًا، وفي حفل افتتاح الدورة الـ7 هذه، تمّ تكريم المخرج الجزائري أحمد راشدي والممثل المغربي محمد خيي. أما تكريم الممثلة المصرية ليلى طاهر فيُشوِّش على الطابع المغاربي للمهرجان.
دلالات
المساهمون