تكرّرت الوعود الرسمية في السنوات الأخيرة بإنشاء دار أوبرا في عمّان، لكن ارتفاع ميزانية إنشائها التي قدّرت بنحو مائتي ملبون دولار حال دون استمرار المشروع باعتباره ترفاً ثقافياً في ظلّ التقصير في دعم قطاعات يراها البعض أساسية مثل النشر والترجمة والبحوث والدراسات.
خلافاً للعديد من المدن العربية التي تحتضن أو تسعى لإنشاء قاعات مخصّصة لهذا الفن، فإن الأردن لم يستضف سوى عروض قليلة كانت في إطار "مهرجان جرش للثقافة والفنون"، وبقي الأمر على حاله مع الإعلان عن الدورة الأولى من "مهرجان عمّان الأوبرالي" العام الماضي.
لم يتضمّن برنامج التظاهرة سوى إقامة حفل واحد عُرض مرتين على خشبة "مسرح الأوديون" وسط العاصمة الأردنية، كما هو الحال في الدورة الحالية التي تنطلق عند الثامنة من مساء الثلاثاء المقبل وتتواصل حتى السادس من الشهر الجاري، ما يبدو مستوعباً بالنسبة لتكاليف الإنتاج المرتفعة للعمل الأوبرالي أو لاستضافة أعمال من بلدان أخرى.
تُعرض هذا العام، أوبرا "لا بوهيم" التي ألّفها الموسيقي الإيطالي جاكومو بوتشيني (1858 – 1924)، ويقوم بالأدوار الرئيسية في أوبرا لابوهيم، السوبرانو الأردنية زينة برهوم في دور ميمي، بينما يؤدي التينور الأردني باسم الخوري دور ردولفو.
يرافقهما في الأداء الغنائي مغنون رئيسيون من إيطاليا وجورجيا، وعزف "أوركسترا سيشوان الفيلهارمونية" بقيادة لورينزو تازييري المدير الفني للمهرجان، بينما يتألف الكورس من جوقة أطفال ناي بقيادة عازفة البيانو ديانا تلحمي، ويقوم بإخراج الأوبرا المقدوني ديان بروشيف.
تدور أحداث أوبرا "لابوهيم" في باريس في الثلاثينيات من القرن التاسع عشر، عن شاعر شاب "رودولفو" يقع في حب خياطة اسمها "ميمي"، لكن سعادتهما لم تكتمل بسبب مرض حبيبته، فيحاول البحث لها عن علاج بلا فائدة.
وانعكست الحياة الصاخبة التي عاشها الموسيقار الإيطالي الأشهر (جاكومو بوتشيني) في مدينة ميلانو، ولم يقتنع بالصيغة الشعرية للعمل مباشرة؛ إذ تدخل بالإضافة والحذف على النص الدرامي الذي كتبه الشاعر الفرنسي هنري ميرجيه، لذا تعد من أكثر أوبرات العالم التي اختلفت فيها تماماً روح الصياغة الشعرية عن نص الرواية الأصلي.
وتعرض أوبرا "لابوهيم" تفاصيل من الحياة اليومية للمبدعين والفنانين الذين يلتقون في المقاهي ليتبادلوا الآراء السياسية والأفكار التي ترجمها بوتشيني، واستعرض حياة المهمشين في باريس.