في ظلّ تحذيراتٍ من أن يؤدي المسّ بحياة المشاركين في "مسيرة العودة" إلى تفجير الأوضاع الأمنية، لجأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى المزاوجة بين إطلاق التهديدات، وتوظيف الضغط الدولي، في مسعى لتقليص عدد المشاركين في المسيرة، وتقليص اندفاعة النخب والقيادات الفلسطينية التي تشرف على تنظيمها، داعية أيضاً المستوطنين إلى حمل السلاح.
وتطبيقاً للتوصيات التي قدمتها محافل التقدير الاستراتيجي ومراكز التفكير الرائدة في تل أبيب، أطلق مسؤولون إسرائيليون سلسلةً من التهديدات ضد قيادات حركة "حماس" والجمهور الفلسطيني، بهدف محاولة ردع الفلسطينيين عن المشاركة في المسيرة، واحتواء تداعياتها.
وفي مقابلة مع موقع "وللا"، نشرها صباح اليوم الخميس، هدد وزير الإسكان وعضو المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن، يوآف غالانت، بالعودة إلى سياسة الاغتيالات ضد قيادات "حماس"، مشدداً على أن يحيى السنوار، قائد الحركة في قطاع غزة، سيكون على رأس لائحة المستهدفين. لكن غالانت استدرك مشيراً إلى أن هامش المناورة المتاح أمام إسرائيل في التعاطي مع قطاع غزة عسكرياً محدود، على اعتبار أنه لا توجد لتل أبيب مصالح استراتيجية في القطاع.
وأشار الوزير الإسرائيلي إلى أن إعادة احتلال قطاع غزة مسألة غير واردة، بسبب الثمن الذي ستدفعه تل أبيب لقاء ذلك، ناهيك عن عدم وجود طرفٍ ثالث يمكن أن يتولى زمام الأمور، في حال أرادت إسرائيل الانسحاب من القطاع.
وإلى جانب المستويات السياسية، فقد شاركت المزيد من المستويات الأمنية الإسرائيلية في تنظيم حملة دعائية، بهدف ردع الفلسطينيين عن المشاركة في المسيرة، حيث برز بشكل خاص دور القيادات والمستويات الأمنية المسؤولة عن بثّ الدعاية باللغة العبرية.
وقد هدد الجنرال يوآف مردخاي، منسق عمليات الحكومة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، عبر صفحته على موقع "فيسبوك"، وفي مقابلات أجريت معه باللغة العربية، باستخدام "وسائل صعبة وقاسية"، لضمان عدم تمكين المشاركين في المسيرة من اجتياز الحدود.
وهدد مردخاي بأن إسرائيل "تضع كل الخيارات على الطاولة"، مشدداً على أنها لن تكتفي باستهداف المشاركين في المسيرة، في تلميح يقصد به قيادة حركة "حماس"، التي تدعي إسرائيل أنها وراء تنظيم مسيرة العودة.
وأقر مردخاي بأن جيش الاحتلال اتصل بأصحاب شركات حافلات النقل العاملة في القطاع، وحذرهم من مغبة السماح باستخدام حافلاتهم في نقل المشاركين في المسيرة.
وعلى الرغم من التهديدات الإسرائيلية، فقد تبين أن الأوساط العسكرية تتخوف من تداعيات الإجراءات العسكرية التي ستتخذها تل أبيب لمواجهة مسيرة العودة.
ونقل يوسي ميلمان، معلق الشؤون الاستخبارية في صحيفة "معاريف"، عن مصادر عسكرية في تل أبيب قولها إنه في حال سقط عدد من المشاركين في المسيرة قتلى، فإن هذا التطور يمكن أن يفضي إلى خروج الأمور عن دائرة السيطرة، ويدفع إلى اشتعال الأوضاع الأمنية.
إلى جانب ذلك، دفع جيش الاحتلال بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى منطقة الحدود مع قطاع غزة. وذكر موقع صحيفة "معاريف"، اليوم الخميس، أن جميع الكتائب التابعة للواءي الصفوة، "ناحل" و"جفعاتي"، تتواجد حالياً على الحدود، إلى جانب استقدام وحدات خاصة لتعزيز هذه الكتائب.
يشار إلى أن جيش الاحتلال أجرى خلال الأسبوعين الماضيين تدريبات مكثفة في قاعدة "تسئليم"، أكبر القواعد العسكرية الإسرائيلية في صحراء النقب، للاستعداد للتعامل مع "مسيرة العودة".
من ناحية ثانية، طلبت الشرطة الإسرائيلية من المستوطنين الذين يحتلون المناطق التي تقع في محيط القطاع، حمل السلاح.
وفي هذا الإطار، كشفت قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية الليلة الماضية، النقاب عن أن قيادة الشرطة حذرت المستوطنين من مغبة حدوث عمليات تسلل من قطاع غزة، مطالبة بتوخي أقصى درجات الحذر. وأشارت القناة إلى أن الشرطة طلبت من متطوعين يحملون السلاح أن يقوموا بتأمين الكنس أثناء تأدية الصلوات، وذلك خشية أن تتمكن الجماهير الفلسطينية من اجتياز الحدود الفاصلة بين القطاع وإسرائيل. وطالبت الشرطة المستوطنين الذين يعملون ضمن قوات الاحتلال بأن ينضموا بشكل تلقائي للقوات النظامية التي تمّ الدفع بها لتأمين الحدود عشية تنظيم المسيرة.
وفي السياق، تبين أن إسرائيل طلبت من عدد من الحكومات الغربية الإسهام في المحاولات الهادفة لإفشال مسيرة العودة.
وكتب موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، على حسابه على موقع "تويتر"، مساء أمس، أن عدداً من المسؤولين الأوروبيين اتصلوا به، وطلبوا منه عدم تنظيم المسيرة لتجنب التوتر والتصعيد.