لم تتمالك الحاجة السبعينية صبحية يونس دموعها وهي تتحدث عن ابنها الأسير كريم، أقدم أسير فلسطيني داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، والذي تم اعتقاله في السادس من يناير/كانون ثاني عام 1983، بتهمة تنفيذ عمليات ضد مستوطنين إسرائيليين.
تلك الدموع الحارقة، سالت على خد الوالدة خلال الفيلم الوثائقي "مؤبد مفتوح"، والذي أعدته مفوضية الأسرى والمحررين في حركة "فتح"، وعرض في جامعة الأقصى بمدينة غزة، بحضور ممثلين عن مؤسسات تعنى بالأسرى والطلبة.
وتحدثت الوالدة صبحية خلال الفيلم ومدته 51 دقيقة، عن ظروف اعتقال ابنها كريم، قائلة: "فوجئنا بقوات الاحتلال تقتحم منزلنا، للبحث عن ابني، أخبرناهم أنه يدرس في الجامعة، فذهبت قوة إلى الجامعة، وقامت بالسؤال عن مكان وجود الطلبة العرب، كي لا يأخذ كريم حذره، إن تم السؤال عن كريم بالذات، وبالفعل، قامت تلك القوة بمباغتة كريم واعتقاله".
وتضيف الأم وقد كست الحسرة كلماتها والدمع وجهها المجعد: "جاءنا اتصال هاتفي في تلك اللحظة أنه تم اعتقال كريم، فخارت قواي، وأصبحت غير قادرة على التعبير، كان المشهد أصعب من أن يوصف، وتساءلت، هل حقاً تم اعتقال كريم، ولن يدخل البيت مجدداً؟!".
وتصف الوالدة صبحية مدى صعوبة حياتها وحياة والده الذي توفي قبل أن ينعم ابنه بالحرية، وحياة أولادها، إذ كان كريم حنوناً عليهم جميعاً، مضيفة: "ابني لا يفارق خيالي، مضت علينا أيام سوداء منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، أتمنى أن ينعم بالحرية القريبة".
تلك المشاعر التي عبأت حديث الوالدة، كانت كذلك في نبرة أصدقاء كريم، وأقاربه، وزملاء الأسر من الأسرى المحررين، والذين تحدثوا، خلال الفيلم، عن صفاته الكريمة والشجاعة والعقلانية. ويقول زميله الأسير المحرر توفيق أبو نعيم "عندما كان المشهد داخل السجن يحتاج إلى رجل، يظهر كريم".
وأظهرت مشاهد الفيلم أوضاع الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، وملامح القيد والأبواب الموصدة في وجوه الأسرى، كما أوضحت طريقة أكلهم، وشربهم، ونومهم، وظروف اعتقالهم، والأساليب القاسية وغير الإنسانية التي تمارسها إدارة السجون بحق الأسرى الفلسطينيين.
ويقول صاحب فكرة الفيلم، رامي عزارة، مسؤول الدائرة الإعلامية في مفوضية الأسرى والمحررين أن الفيلم "يروي حكاية أقدم أسير فلسطيني، وربما أقدم أسير في العالم، وهو كريم يونس ابن قرية عارة في المثلث داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948".
ويضيف عزارة لـ"العربي الجديد" أن فكرة الفيلم جاءت من أجل إيصال رسالة وفاء لكريم، ولكافة الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، وخاصة الأسرى القدامى، والذين يمضون فترات طويلة، لافتاً إلى أن سبعة من الأسرى محكومون أكثر من 30 عاماً.
أما في ما يتعلق بأهمية الفيلم لقضية الأسرى الفلسطينيين، فيقول: "أصبحت لدينا قناعة أن المناضلين والأبطال خلف القضبان الحديدية، بحاجة إلى أكثر من فعالية ورسالة استنكار وشجب"، موضحاً قدرة العمل البصري على إيصال الرسالة بشكل أقوى للعالم.