يقف الفيلم عند "إرث صاحب "المعذبون في الأرض" ومساهمته في حرب التحرير في الجزائر ومع غيرها من حركات التحرير الوطنية في أفريقيا، حيث قدّم نموذجاً في المزاوجة بين الدراسات ما بعد الاستعمارية في مستوى نظري، وتطبيقها في الممارسة النضالية"، بحسب المنظّمين.
يتناول الجزء الأول من العمل بدايات تلميذ شاب من جزر المارتنيك، حيث التحاقه بالمقاومة ضد النازية ضمن القوات الفرنسية الحرة، لكن حماس فانون (1925 – 1961) تراجع بعد اكتشافه لحقيقة العنصرية داخل الجيش الذي قاتل معه، ليعترف بعدها في رسالة موجهة إلى والديه بأنه انساق إلى معركة ليست معركته.
ساهمت هذه التجربة المؤلمة في تشكيل شخصية المناضل الأممي وتكوينه الفكري، لتبدأ بعد ذلك تجربة التزامه في صفوف جبهة التحرير الوطني الجزائرية، حيث يستحضر الفيلم شهادات لشخصيات جزائرية وفرنسية وأفريقية التقته أو كانت على علاقة دائمة به، حول صرامته المتناهية وحبه للحياة، تعلقه الثابت بالقضية الجزائرية وانتمائه الأفريقي.
يفرد مزين الجزء الثاني من عمله للنضالات المعاصرة التي تقودها نساء ورجال في عدة بلدان بتأثير من أفكار فانون، فيتحدث الروائي الأنتيلي رافائيل كونفيان عن التعبئة السياسية في منطقة الكاريبي وعبر العالم، مرورواً بالمناضلين الجنوب أفريقيين المناهضين للاستعمار، وصولاً إلى فلسطين حيث تقدّم الطبيبة النفسانية الفلسطينية سماح جبر مداخلة حول الضوء الفانوني على المعركة الكبرى ضد الاستعمار في شكله الأكثر إجراماً، ما بين الاستلاب والفصل العنصري.
لا يذهب مزين إلى الاحتفاء أو استذكار حياة صاحب "استعمار يحتضر"، بقدر ما يركّز على روح المحارب التحررية ومنها شهادة لابنه أوليفيه، حيث يظهر فرانز فانون أكثر قرباً بحساسيته وشجاعته الفائقة، وأنه ما زال حياً وما زال يلهم مناضلين يأتون من آفاق مختلفة، رجالاً ونساء يرفضون الظلم في كامل أرجاء المعمورة.
يُذكر أن الفيلم عُرض خلال العام الجاري في الجزائر بعد أن قدّم في فرنسا وبلجيكا وإسبانيا، وسينتقل في جولة لعرضه في المكسيك وجزر الغوادلوب والمارتينيك قريباً.