يركّز أستاذ العمارة في "جامعة جنوب كاليفورنيا" جيمس ستيل في دراساته على نماذج متعدّدة في عمارة الشرق، حيث ألّف عدّة كتب منها "عمارة الناس: الأعمال الكاملة لحسن فتحي" و"عمارة راسم بدران: روايات عن الناس والمكان"، إضافة إلى أبحاثه حول العمارة اليابانية.
كما يخوض في الاقتراحات المعمارية لمساجد المستقبل والمسارات المتوقعة لها بين العودة إلى الشكل التقليدية التي أملته وظائف اجتماعية وسياسية تغيّرت أو لم تعد موجودة، وبين تفكيك التصميمات السائدة في التراث الإسلامي بحسب ما تمليه عوامل بيئية وأنثرولوجية.
"عمارة المسجد المعاصر واعتماد النموذج المقدس" عنوان المحاضرة التي يلقيها ستيل عند الحادية من بعد ظهر غدٍ الأربعاء في قسم الحضارات العربية والإسلامية في "الجامعة الأميركية" بالقاهرة، وفيها يسلّط الضوء على التحوّلات الجارية في رمزية المعمار الديني وأدواره في العصر الحديث.
يرى المحاضر بضرورة التسليم بإعادة ترميز البيئة التي يعيش فيها المجتمع المسلم وتختلف من جغرافيا إلى أخرى، وهي مسألة لا تخصّ تعبيراً معمارياً آخر بقدر ما ترتبط بعمارة المساجد التي يتناول عدّة نماذج معاصرة منها في مصر وبلدان المغرب والسعودية وتركيا وإيران.
يعود ستيل إلى كتاب "العمارة والمسجد المعاصر" (1996) الذي شارك في تحرير المقالات التي تتضمّنها مع الباحث المصري إسماعيل سراج الدين، متطرّقاً إلى المعضلات التي تواجه تصميم مسجد اليوم، خاصة ما يتعلّق باستمرارية العناصر الرمزية الأساسية مثل القبة والمدخل والمقرنصات والتي يمكن تعديلها أو تحويرها من دون نسف التمثيل الكامن فيها، بحسب الكتاب.
يؤكد الباحث على أهمية أن يمتلك المعماري الإبداع من أجل أن يقترب من الجماعة التي يصمّم المسجد في مناطق وجودها، فكما استطاعت العمارة التقليدية خلق رموز خاطبت الناس في عصور سابقة، فإنه يمكن ابتكار لغة وهوية تخاطب المسلم في العالم المعاصر.
يقارب ستيل الموضوع في مستويين؛ الأول يتعلّق بالشكل وعلاقته بالسلطة السياسية والاجتماعية وتصوّراتها حول العلاقة مع الأفراد مستحضراً نماذج عديدة لمساجد جوامع كبيرة في بعض العواصم الإسلامية التي جاءت كتعبير عن خطاب الدولة وأيديولوجيتها ومناقشاً درجة صلتها أو قطيعتها مع محيطها، والتفكير عميقاً بالتغيّرات الوظيفة التي لا بدّ أن تنعكس في الشكل المعماري.