31 مارس 2019
"عائلة سورية"... امرأة بمثابة وطن
العائلة السورية فيلم من إخراج البلجيكي فليب فان، عرض هذا الأسبوع في قاعة ابن زيدون بالعاصمة الجزائر، بمناسبة مهرجان الفيلم المتوسطي المقام بمدينة عنابة.
خلال ساعة ونصف الساعة تدور أحداثه داخل شقة لا تتعدّى مساحتها 120 متراً، تحتضن فيها أفراد عائلة سورية لجأ إليها زوجان ورضيعهما، وما يلفت الانتباه في الشقة هو ذلك الترتيب المنزلي المنتظم، على الرغم من أجواء الحرب والدمار في المشهد الخارجي.
وتحرص سيدة البيت، الممثلة هيام عباس، على الاعتناء بأدق التفاصيل المنزلية والسهر على بقاء الأثاث والديكور المنزلي كما كان في السابق يحمل دائماً اللمسة الشامية.
كان الكاتب بودي لو قد عنون الفيلم (الصمت)، ذلك أن هذه الصفة بات يتقاسمها سيناريو الفيلم مع حالة السكون التي لازمت المشاهد منذ بداية العرض، فعلى وقع دوي المدافع وصوت الطيران والطلقات النارية الذي طغى على المشهد، لا نجد في البيت إلا الحركات والكلمات المختصرة المختزلة وتلك الإشارات العينية والإيحاءات ولغة الخوف والأجساد التي ترعبها أصوات المدافع والهروب والاختفاء، في تلك الأجواء الساخنة، كان من الصعب سماع دوي القنابل من حولك دون أن تدرك من هو المستهدف، وفي صدرك سؤال تبحث له عن إجابة: هل سيكون منزلي نقطة انفجار البراميل المتفجرة؟
يفتتح الفيلم بمشهد دارمي، تليها لحظات رومانسية وحميمية بين الزوجين، يستعد الشاب للخروج من البيت بعدما أخبر زوجته بترتيبات الهروب مساء ذلك اليوم إلى لبنان، في تلك اللحظة يكون هدفاً لقناص يصيبه، عبثية الحروب هكذا تموت حسب مزاج القناص، وتكون خادمة البيت شاهدة على الواقعة التي أبلغت سيدتها بالحادثة، غير أن هذه الأخيرة أمرت خادمتها بألا تبوح بذلك لأي أحد.
يخيم الوجع والسر على أرجاء البيت ولا يهز سكون المكان إلا تلك الدقات المتكررة على الباب، يتحول الصوت إلى مصدر رعب، في تلك الأثناء يسري السكون وينتشر الخوف داخل الشقة، يشرع الوجدان في الكلام: الغرباء هم أعداءك في الحرب لا تفتح لهم الباب، لا تستمع إليهم، لا تطمئن إليهم، اتركهم دائما خلف الباب.
يعكس الفيلم صورة قوة وشجاعة المرأة خلال الحرب، من خلال إبراز حرص سيدة البيت على نظافة المكان ومتابعة تدريس الأبناء وإدارة الشؤون الحربية وإعلان الطوارئ، تعليمهم طرق الحماية من القنابل، وكيفية الابتعاد عن الشرفات مخافة القناصة أو طيش رصاصة، كان على المرأة عبر مراحل سيناريو أن تبقى صامدة أمام الجميع كي لا ينهزموا جمعياً، وكان عليها أن تظل واقفة كي لا ينكسروا حتى تبعث الأمل في كل لحظة وتخبر الجميع عن قرب نهاية الحرب وعودة أيام زمان.
حاول الفيلم أن يرسم تفاصيل الحرب القذرة، عبر تلك العصافير البريئة الباحثة عن الماء، في تلك الظروف وحده الماء ينعش الخراب والدمار ويزيل الغبار ويعطيك الإحساس بأنك لا تزال على قيد الحياة، كما شكّل الماء والكهرباء هواجس يومية، لعبة الحرب قذرة لا عنوان لها، لا ماهية فيها، المقاتل قد يكون من يكون، تغتصب البراءة والجمال والأجساد الطرية أول ضحايا تلمسها الحروب.
كم هو مفجع أن يحضر الظلام ويغيب زوجك عن الدار، ويسمع رنين الهاتف ولا يسمع صوته ثم يأتيك النعي أن زوجك جثة هامدة أمام العمارة، تتحدى المرأة الموت والخوف والقناص حتى تستعيد زوجها إلى المنزل، وهو لا يزال على قيد الحياة.
في نهاية الفيلم، لا يطرح صاحبه أي توجه سياسي يدين النظام أو يتهم المعارضة ولا يتموقع في أي جهة من طرفي الصراع، وظل محافظاً على نفس المسافة بينهما، حاصراً تركيزه على معاناة عائلة سورية داخل شقة منزلية تأبى السيدة مغادرتها رغم فظاعة الحرب.
خلال ساعة ونصف الساعة تدور أحداثه داخل شقة لا تتعدّى مساحتها 120 متراً، تحتضن فيها أفراد عائلة سورية لجأ إليها زوجان ورضيعهما، وما يلفت الانتباه في الشقة هو ذلك الترتيب المنزلي المنتظم، على الرغم من أجواء الحرب والدمار في المشهد الخارجي.
وتحرص سيدة البيت، الممثلة هيام عباس، على الاعتناء بأدق التفاصيل المنزلية والسهر على بقاء الأثاث والديكور المنزلي كما كان في السابق يحمل دائماً اللمسة الشامية.
كان الكاتب بودي لو قد عنون الفيلم (الصمت)، ذلك أن هذه الصفة بات يتقاسمها سيناريو الفيلم مع حالة السكون التي لازمت المشاهد منذ بداية العرض، فعلى وقع دوي المدافع وصوت الطيران والطلقات النارية الذي طغى على المشهد، لا نجد في البيت إلا الحركات والكلمات المختصرة المختزلة وتلك الإشارات العينية والإيحاءات ولغة الخوف والأجساد التي ترعبها أصوات المدافع والهروب والاختفاء، في تلك الأجواء الساخنة، كان من الصعب سماع دوي القنابل من حولك دون أن تدرك من هو المستهدف، وفي صدرك سؤال تبحث له عن إجابة: هل سيكون منزلي نقطة انفجار البراميل المتفجرة؟
يفتتح الفيلم بمشهد دارمي، تليها لحظات رومانسية وحميمية بين الزوجين، يستعد الشاب للخروج من البيت بعدما أخبر زوجته بترتيبات الهروب مساء ذلك اليوم إلى لبنان، في تلك اللحظة يكون هدفاً لقناص يصيبه، عبثية الحروب هكذا تموت حسب مزاج القناص، وتكون خادمة البيت شاهدة على الواقعة التي أبلغت سيدتها بالحادثة، غير أن هذه الأخيرة أمرت خادمتها بألا تبوح بذلك لأي أحد.
يخيم الوجع والسر على أرجاء البيت ولا يهز سكون المكان إلا تلك الدقات المتكررة على الباب، يتحول الصوت إلى مصدر رعب، في تلك الأثناء يسري السكون وينتشر الخوف داخل الشقة، يشرع الوجدان في الكلام: الغرباء هم أعداءك في الحرب لا تفتح لهم الباب، لا تستمع إليهم، لا تطمئن إليهم، اتركهم دائما خلف الباب.
يعكس الفيلم صورة قوة وشجاعة المرأة خلال الحرب، من خلال إبراز حرص سيدة البيت على نظافة المكان ومتابعة تدريس الأبناء وإدارة الشؤون الحربية وإعلان الطوارئ، تعليمهم طرق الحماية من القنابل، وكيفية الابتعاد عن الشرفات مخافة القناصة أو طيش رصاصة، كان على المرأة عبر مراحل سيناريو أن تبقى صامدة أمام الجميع كي لا ينهزموا جمعياً، وكان عليها أن تظل واقفة كي لا ينكسروا حتى تبعث الأمل في كل لحظة وتخبر الجميع عن قرب نهاية الحرب وعودة أيام زمان.
حاول الفيلم أن يرسم تفاصيل الحرب القذرة، عبر تلك العصافير البريئة الباحثة عن الماء، في تلك الظروف وحده الماء ينعش الخراب والدمار ويزيل الغبار ويعطيك الإحساس بأنك لا تزال على قيد الحياة، كما شكّل الماء والكهرباء هواجس يومية، لعبة الحرب قذرة لا عنوان لها، لا ماهية فيها، المقاتل قد يكون من يكون، تغتصب البراءة والجمال والأجساد الطرية أول ضحايا تلمسها الحروب.
كم هو مفجع أن يحضر الظلام ويغيب زوجك عن الدار، ويسمع رنين الهاتف ولا يسمع صوته ثم يأتيك النعي أن زوجك جثة هامدة أمام العمارة، تتحدى المرأة الموت والخوف والقناص حتى تستعيد زوجها إلى المنزل، وهو لا يزال على قيد الحياة.
في نهاية الفيلم، لا يطرح صاحبه أي توجه سياسي يدين النظام أو يتهم المعارضة ولا يتموقع في أي جهة من طرفي الصراع، وظل محافظاً على نفس المسافة بينهما، حاصراً تركيزه على معاناة عائلة سورية داخل شقة منزلية تأبى السيدة مغادرتها رغم فظاعة الحرب.