"زيوا" التركية.. توثيق مجازر الأرمن رداً على مجازر ضدهم

الأناضول

avata
الأناضول
26 ابريل 2015
37A97A44-C7EB-4510-AC94-E543FCBEE8B3
+ الخط -

تعد مقبرة "زيوا" في ولاية "وان" جنوبي شرقي تركيا، المقامة تخليداً لذكرى 2500 مسلم، قُتلوا على يد عصابات أرمنية عام 1915 شاهداً ودليلاً على الظلم الذي تعرض له المسلمون خلال الحرب العالمية الأولى.

وتثبت شهادات شهود عيان عاشوا الظلم الذي قامت به العصابات الأرمنية إبان الحرب العالمية الأولى، والمقابر الجماعية التي اكتشفت خلال أعمال حفر أجريت في تواريخ مختلفة، إضافة إلى الوثائق التي يضمها أرشيف هيئة الأركان التركية، المجازر التي تعرض لها المسلمون، خاصة شرقي الأناضول.

وتعتبر ولاية "وان" إحدى الولايات التركية التي شهدت أقسى المجازر التي ارتكبتها العصابات الأرمنية بين أعوام 1915 و1918، بحق الأطفال والمسنين والنساء، مستغلين وجود الرجال والشبان في جبهات القتال، وعدم امتلاكهم للأسلحة للدفاع عن أنفسهم.

وأوضح عضو هيئة التدريس في قسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة "المئوية"، عبدالعزيز كارداش، أن الأحداث بدأت فعلياً في القرن التاسع عشر، وأن سببها الرئيس سياسات الدول العظمى المتعلقة بشرقي الأناضول.

وذكر "كارداش" الذي يجري دراسات حول الأرمن والأحداث التي وقعت خلال الحرب العالمية الأولى، أن الأرمن الذي أتموا تنظيمهم قبل دخول الدولة العثمانية الحرب، خاصة بواسطة جمعيتي "الطاشناق" و"الهنشاق"، بدأوا بقتل مواطني الدولة العثمانية ممن لم يذهبوا إلى جبهات القتال (النساء، الأطفال، المسنين).

واعتبر كارداش أن تمرد الأرمن مهّد الطريق للروس من أجل احتلال شرقي الأناضول، مضيفاً: "نرى أن التمرد الأرمني بدأ بشكل كثيف في وان، اعتباراً من أبريل/نيسان 1915، وسهّل عمل الروس لاحتلال المنطقة، وفي 20 مايو/أيار 1915، احتل الروس والأرمن "وان" بشكل كامل، وعليه قرر نحو 2500 من النساء والمسنين والأطفال، من سكان قرى عديدة مثل هاكيس وديريبي وغوللو وغول صونلار، اللجوء إلى وان خوفاً من قيام العصابات الأرمنية بارتكاب المجازر بحقهم، إلا أنهم آثروا البقاء مكانهم بعد سماعهم بوقوع وان تحت احتلال الأرمن والروس بشكل كامل وتدميرها، وتعرض المسلمون فيها لمجازر كبيرة، وهروب من نجا إلى مدينة بيتليس".


وأشار كارداش إلى أن الأرمن دخلوا قرية "زيوا"، وأن سكان بقية القرى في المنطقة (8 قرى) قرروا الدفاع عن أنفسهم. وقال: "إن سكان تلك القرى وبإمكاناتهم البسيطة، حفروا خنادق في المنطقة الممتدة بين البحيرة الموجودة هناك وقرية "زيوا"، وقرروا الدفاع عن أنفسهم، وفي 20 - 25 مايو/أيار 1915، شنت العصابات الأرمنية هجوماً على القرية ومحيطها، إلا أن وسائل الدفاع لدى السكان المتبقين في القرية لم تكن كافية لوجود الرجال والشباب في جبهات القتال، لكنهم اشتبكوا بشكل عنيف مع الأرمن، وبعد نفاد ذخيرتهم المتوفرة، لجأوا إلى استخدام الأسلحة البيضاء كالفؤوس والأدوات الحادة".

وتابع قائلاً: "لا أريد أن أعطي تاريخاً محدداً ولكن أعتقد أن العصابات الأرمنية سيطرت على القرية في 25 مايو/أيار 1915، حيث كانوا يتفوقون على سكان القرية من ناحية عدد الجنود والأسلحة التي سرقوها من الجيش العثماني، أو حصلوا عليها عن طريق تهريبها من روسيا، واستخدموها لقتل السكان الأبرياء".

وذكر كارداش أن آخر شاهد من الناجين من المجزرة التي وقعت في قرية "زيوا" توفى، ويدعى "إبراهيم صارغن"، مؤكداً أن المجزرة التي ارتكبها الأرمن في "زيوا"، تعد مذبحة كبيرةً للغاية في التاريخ، ودليلاً واضحاً يظهر بربرية ووحشية العصابات الأرمنية.

اقرأ أيضاً: "التايمز" تفضح كذبة مذابح للأرمن راجت عبر تويتر

تعاون القوميون الأرمن مع القوات الروسية بغية إنشاء دولة أرمنية مستقلة في منطقة الأناضول، وحاربوا ضد الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى التي انطلقت عام 1914. وعندما احتل الجيش الروسي، شرقي الأناضول، لقي دعماً كبيراً من المتطوعين الأرمن العثمانيين والروس، كما انشق بعض الأرمن الذين كانوا يخدمون في صفوف القوات العثمانية، وانضموا إلى الجيش الروسي.

وبينما كانت الوحدات العسكرية الأرمنية، تعطل طرق إمدادات الجيش العثماني اللوجستية، وتعيق تقدمه، عمدت العصابات الأرمنية إلى ارتكاب مجازر ضد المدنيين في المناطق التي احتلتها، ومارست شتى أنواع الظلم بحق الأهالي. وسعياً منها لوضع حد لتلك التطورات، حاولت الحكومة العثمانية، إقناع ممثلي الأرمن وقادة الرأي لديهم، إلا أنها لم تنجح في ذلك، ومع استمرار هجمات المتطرفين الأرمن، قررت الحكومة في 24 أبريل/نيسان 1915، إغلاق ما يعرف باللجان الثورية الأرمنية، واعتقال ونفي بعض الشخصيات الأرمنية البارزة. واتخذ الأرمن من ذلك التاريخ ذكرى لإحياء "الإبادة الأرمنية" المزعومة، في كل عام.

وفي ظل تواصل الاعتداءات الأرمنية رغم التدابير المتخذة، قررت السلطات العثمانية، في 27 مايو/أيار 1915، تهجير الأرمن القاطنين في مناطق الحرب، والمتواطئين مع جيش الاحتلال الروسي، ونقلهم إلى مناطق أخرى داخل أراضي الدولة العثمانية. ومع أن الحكومة العثمانية، خططت لتوفير الاحتياجات الإنسانية للمهجّرين، إلا أن عدداً كبيراً من الأرمن فقد حياته خلال رحلة التهجير بسبب ظروف الحرب، والقتال الداخلي، والمجموعات المحلية الساعية للانتقام، وقطاع الطرق، والجوع، والأوبئة.

وتؤكد الوثائق التاريخية، عدم تعمد الحكومة وقوع تلك الأحداث المأساوية، بل على العكس، لجأت إلى معاقبة المتورطين في انتهاكات ضد الأرمن أثناء تهجيرهم، وجرى إعدام المدانين بالضلوع في تلك المأساة الإنسانية، رغم عدم وضع الحرب أوزارها. وعقب انسحاب روسيا من الحرب جراء الثورة البلشفية عام 1917 تركت المنطقة للعصابات الأرمنية التي حصلت على الأسلحة والعتاد الذي خلفه الجيش الروسي وراءه، واستخدمتها في احتلال الكثير من التجمعات السكنية العثمانية.


وبموجب معاهدة سيفر التي اضطرت الدولة العثمانية إلى توقيعها تم فرض تأسيس دولة أرمنية شرقي الأناضول، إلا أن المعاهدة لم تدخل حيز التنفيذ، ما دفع الوحدات الأرمنية إلى إعادة احتلال شرقي الأناضول، وفي ديسمبر/كانون الأول 1920 جرى دحر تلك الوحدات، ورسم الحدود الحالية بين تركيا وأرمينيا لاحقاً، بموجب معاهدة غومرو، إلا أنه تعذر تطبيق المعاهدة بسبب كون أرمينيا جزءاً من روسيا في تلك الفترة، ومن ثم جرى قبول المواد الواردة في المعاهدة عبر معاهدة موسكو الموقعة 1921، واتفاقية قارص الموقعة مع أذربيجان وأرمينيا، وجورجيا، لكن أرمينيا أعلنت عدم اعترافها باتفاقية قارص، عقب استقلالها عن الاتحاد السوفييتي، عام 1991.
اإقرأ أيضاً:الآلاف يحيون مئوية معركة غاليبولي في تركيا (صور وفيديو)

ذاكرة عادلة
وتطالب أرمينيا واللوبيات الأرمنية في أنحاء العالم بشكل عام، تركيا بالاعتراف بأن ما جرى خلال عملية التهجير على أنه "إبادة عرقية"، وبالتالي دفع تعويضات. وبحسب اتفاقية 1948 التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بخصوص منع جريمة الإبادة العرقية والمعاقبة عليها، فإن مصطلح الإبادة العرقية، يعني التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية.

وتؤكد تركيا عدم إمكانية إطلاق صفة الإبادة العرقية على أحداث 1915، بل تصفها بـ"المأساة" لكلا الطرفين، وتدعو إلى تناول الملف بعيداً عن الصراعات السياسية، وحل القضية عبر منظور "الذاكرة العادلة" الذي يعني باختصار التخلي عن النظرة أحادية الجانب إلى التاريخ، وتفهم كل طرف ما عاشه الطرف الآخر، والاحترام المتبادل لذاكرة الماضي لدى كل طرف. كما تقترح تركيا القيام بأبحاث حول أحداث 1915 في أرشيفات الدول الأخرى، إضافة إلى الأرشيفات التركية والأرمنية، وإنشاء لجنة تاريخية مشتركة تضم مؤرخين أتراكاً وأرمناً، وخبراء دوليين.

اقرأ أيضاً:أرمن لبنان يمنعون عرض فيلم تركي
دلالات

ذات صلة

الصورة

سياسة

الاحتلال الإسرائيلي كان يعلم بخط تحرك قافلة المساعدات التي دخلت شمال غزة فجر يوم الخميس الماضي، والتي انتهت بمجزرة مروعة ارتكبها جيش الاحتلال في غزة
الصورة

سياسة

استشهد وأصيب العشرات في غارة إسرائيلية على حشد كانوا ينتظرون تسلّم مساعدات إنسانية في شارع الرشيد بمدينة غزة صباح اليوم الخميس.
الصورة
النظام السوري يستهدف عائلتين أثناء قطاف الزيتون في إدلب-عدنان الإمام

مجتمع

ارتفعت حصيلة قتلى القصف الذي استهدف عائلتين أثناء قطفهما الزيتون ظهر اليوم السبت في قرية قوقفين بمنطقة جبل الزاوية جنوب محافظة إدلب السورية، إلى عشرة قتلى، إضافة لامرأة مصابة بحالة حرجة، في وقت يعيش من بقي من أفراد العائلة في حالة من الصدمة.
الصورة
بعض من الدمار من جراء قصف الكنيسة (علي جاد الله/ الأناضول)

مجتمع

ظن أولئك الذين لجأوا إلى مبنى كنيسة القديس برفيريوس في غزة، هرباً من القصف المستمر والكثيف على قطاع غزة، أنهم ربما اختاروا مكاناً آمناً. لكن الاحتلال لا يستثني بيوت الله أيضاً
المساهمون