"رحيل" فيلم يوثق تاريخ تونس

06 اغسطس 2015
عدنان الشواشي مخرج الفيلم الوثائقي "رحيل" (مواقع التواصل)
+ الخط -
في حديث مع "عدنان الشواشي"، مخرج وصاحب فكرة الفيلم الوثائقي "رحيل"، حول فيلمهِ، قال: "هو فيلم مضاد للنسيان لأن التونسي أصبح يتناسى الكثير من الأحداث، التي مرت عليه، وهو أمر مرتبط أساسا بصعوبة الحياة والأوضاع الداخلية والخارجية التي يمر بها العالم و تواترها المستمر". وعن مدتهِ: "خمسون دقيقة تبدأ بصورة للشهيد، محمد البراهمي، وتنتهي إليه أيضا، ويدور حول أربعين شخصية تقريباً. انطلق تسجيل الفيلم قبل ثلاثة أسابيع من اغتيال الشهيد، محمد البراهمي، لتكون المصادفة التاريخية أن يشهد أحداث اغتياله".


"رحيل" تميز بتنوع الشهادات المسجلة فيه، حيث حاول الشواشي أن يترك الكلمة لمختلف الأطراف ليتحاوروا، وهو ما أغنى فكرته وأعطى هامشاً لتوثيق أكثر مهنية وصدقاً: "تركت الأطراف تتحدث، تسأل وتجيب، ولم أقم بتوجيه موضوع الفليم... لذا جاءت الشهادات متنوعة وكثيرة من (سياسيين ومواطنين عاديين وجمعيات)، على أن الشهادة الأهم كانت من نصيب محمد البراهمي، الذي حكى عن الإرهاب والعنف وحادثة اغتيال شكري بلعيد، ومستقبل تونس، وفق السيناريوهات السياسية المتعددة وما يمكن أن يتكشف عنه التاريخ الحديث التونسي، أي تاريخ ما بعد الثورة على نظام بن علي الأمني.

"رحيل" خاض في المخاض العسير، الذي عرفته تونس اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا في إثر الأحداث التي عرفتها والمتمثلة في اغتيال "البراهمي" ومظاهر الإرهاب والاحتجاجات على كامل تراب البلاد، وبالتالي الغوص في دوامة السؤال والاحتمالات التي عاشتها البلاد، وما زالت تعيشها، والاحتمالات التي ما زالت مفتوحة على المجهول.

وعن سؤالي له حول أن التوثيق لتحولات عميقة كالتي عرفتها تونس والمنطقة واستغلالها أدبيا أو سينمائيا أو غير ذلك، عادة ما يحتاج للوقت الكافي لتتضح الصورة أكثر، وتصبح جزءاً من المشهد، وبالتالي يمكن النقد أو التعامل معه وهو في حالة أمان أو استقرار يسمح برؤية أفضل؟

قال الشواشي إنه "لم يتقصد"، بمعنى إنه لم يقم بتصوير الأحداث ومن ثم قرر أن يكون له فيلمه، وإنما الأحداث وتواليها أمام عينه وعدستهِ فرضت عليه الفكرة، خاصة وأن عمله كصحافي جعله متواجدا دائما في خضم الأحداث.

يحسب لـ "رحيل"، زيادة على أنه يوثق لمرحلة مهمة من تاريخ تونس وتضمنه شهادات حية متعددة ومواكبته للأحداث.. بمعنى أن الكثير من الفيلم صور في مواقع الأحداث الحقيقية، يحسب له أنه لم يكن أفقياً، ولم يتبنّ جهة ما أو رأياً ما وسار وفقه بل ترك الكلمة لمختلف الأطراف لتسأل ومن ثم تجيب وهو ما يجعل التونسي على اختلاف انتمائه السياسي والثقافي والاجتماعي حاضرا عبر المسار التوثيقي للفيلم، بمعنى أن "رحيل" كما حمل أسئلته، حمّل الشخصيات الأجوبة.

الفيلم الذي انطوى جوهره على "لا للعنف لا للإرهاب"، جوهر مضمنٌ في قلب سؤال، يحمله كل تونسي اليوم، وهو إلى أين نسير؟ وكانت المحاولة هنا بإقران الصورة بالحدث المربك، وهي محاولة جيدة لفك اللبس الحاصل في قراءة تاريخ مهم لبلد قدره الثورة أو لنقل الثورات. 
"رحيل" فيلم توثيقي بامتياز، يستطيع الباحث في مراحل متقدمة من تاريخ تونس أن يعود إليه لينظر في الأحداث، التي عرفتها تونس، ويتعرفها في مشهد بصري ومعرفي، ويكون بذلك قد وفَّرَ على نفسه جهداً، قد يستغرقه في قراءة ربما لا تكون دائماً ذات مردودٍ عال.

"رحيل" في عرضه الخاص بالصحافيين والمهتمين، قبل أن ينطلق نحو عرض جماهيري أو شعبي أوسع ، لقي استحساناً واسعاً مَردُّهُ تلك المساحة والهامش الواسع، الذي وفّره لكل الأطراف لأن تتحدث عن نفسها.

(تونس)
المساهمون